الديلفري يحوّل الحجر إلى عطلة مريحة في دبي

دبي جاهزة للفوز بتحدي عدم مغادرة المنزل من خلال تطبيقات الهواتف الكفيلة بدفع الفواتير وبإحضار كل ما يمكن تخيّله إلى باب البيت.
الأربعاء 2020/04/22
نأتيك حيث أنت

يشتكي الملتزمون بالحجر الصحي في الدول العربية من أزمة التسوق في ظرف يلزمهم بالبقاء في البيت، لكنّ الإماراتيين والمقيمين في دبي يحصلون على ما يريدون من غذاء ودواء عبر الهاتف ويصلهم كل شيء إلى أبواب منازلهم من خلال خدمات التوصيل.

دبي - لا تضطر تمارا للذهاب إلى المحطة في دبي عندما يفرغ خزان سيارتها، فكل ما عليها فعله هو طلب الوقود عبر نقرة من هاتفها ليأتي حتى باب بيتها، في “مدينة ذكية” لطالما اعتبرها سكّانها جنة خدمات التوصيل.

وفي زمن الحجر المنزلي بسبب فايروس كورونا المستجد، تبدو الإمارة الخليجية جاهزة للفوز بتحدي عدم مغادرة المنزل من خلال تطبيقات الهواتف الكفيلة بدفع الفواتير وبإحضار كل ما يمكن تخيّله إلى باب البيت.

وتعتمد دبي التي يشكل الأجانب العدد الأكبر من المقيمين فيها، منذ سنوات على هذه الخدمات المتوفرة على مدى 24 ساعة في الأيام السبعة للأسبوع، من كوب القهوة الساخن الذي يصل إلى المكتب صباحا، إلى المقتنيات من البقالة أو الصيدلية وحتى كتل الثلج لتبريد برك السباحة في الصيف الحار جدا.

وتمارا (28 عاما) اللبنانية التي تعمل في مجال إدارة حسابات التواصل الاجتماعي، لم تزر محطة الوقود لملء خزان سيارتها منذ فترة طويلة.

فمن على هاتفها، تطلب الشابة اللبنانية عبر تطبيق “كفو” الحضور لتزويد خزان السيارة بالوقود مرة في الأسبوع. كل ما عليها عمله هو الإبلاغ عن موقع السيارة ورقم لوحتها وتسجيل تفاصيل بطاقتها الائتمانية.

ومع القيود على الحركة وضرورة الالتزام بمبدأ التباعد الاجتماعي، أصبحت هذه الخدمة حسبما تقول “أكثر ملاءمة الآن.. لأني لا أرغب في الانتظار وسط طوابير طويلة، كما لا أرغب في مغادرة المنزل.. أقوم بالطلب فتأتي الخدمة إلى هنا”.

التسوق عبر الهاتف يوفر الطعام والدواء وحتى البنزين
التسوق عبر الهاتف يوفر الطعام والدواء وحتى البنزين

وتشغّل “كفو” حاليا 180 شاحنة في إمارات دبي وعجمان والشارقة وأم القيوين، بحسب ما أفادت به الشركة في بيان لها.

وأوضحت الشركة، أنه “نظرا لكونها خدمة دون تلامس، فإن سائقي كفو يمكنهم القدوم وتعبئة سيارتك أينما كنت وفي الوقت الذي يلائمك مع التقليل من تعرضك لأي تلامس جسدي”.

يقول موليكا إيندي وهو سائق في شركة كفو، “كل ما على الزبون القيام به هو ترك خزان الوقود مفتوحا”.

تبدو الشوارع حاليا في دبي شبه خالية سوى من عمّال التوصيل من شركات مختلفة على دراجات نارية وفي سيارات تحمل شعار الشركات التي يعملون بها.

 وأكدت اللجنة العليا لإدارة الأزمات والكوارث في دبي أنه يجب على الجميع الالتزام بتعليمات الحجر الصحي في كافة الأوقات، حيث سيكون المخالفون عُرضة للمساءلة القانونية حفاظاً على المصلحة العامة وصحة المجتمع وسلامته.

وأطلقت دبي في الـ4 من أبريل الجاري برنامجا لتعقيم الإمارة يترافق مع إجراءات تحدُّ من التنقل وتسمح فقط بالخروج للعمل الضروري أو لشراء المنتجات الغذائية أو الذهاب إلى العيادات والمستشفيات.

وأعلنت هيئة الصحة في دبي توسيع نطاق خدمات “دوائي”، المعنية بتوصيل الدواء إلى المنازل لتشمل جميع أنحاء الإمارات، وهي خدمة متواصلة على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع لكل من كبار المواطنين وأصحاب الهمم والحالات المرضية الصعبة التي تحول ظروفها الصحية دون الوصول إلى صيدليات الهيئة لاستلام الدواء.

وسجلت الإمارات حتى الآن أكثر من 6700 إصابة بفايروس كورونا المستجد، و41 حالة وفاة.

وتقوم تطبيقات التوصيل والمطاعم والمقاهي بإبراز الإجراءات التي تتّخذها لحماية سائقي الدراجات ومن بينها تعقيم الأيدي بشكل متواصل وإجراء الفحوص الطبية.

ويرتدي عمال التوصيل قفازات وأقنعة طبية تغطي وجوههم، ويقفون بعيدا عند تسليم الطلب بينما يمكن أيضا تركها عند الباب دون الحاجة إلى التعامل مع الزبائن الذين يدفعون بشكل مسبق مستخدمين بطاقاتهم الائتمانية.

ويرى عيسى جندير الذي يقود دراجة نارية مع تطبيق “ديليفروو” لإيصال الطعام، “نقوم بأفضل ما لدينا.. إذا لم نخرج نحن للتوصيل، فالجميع سيخرج  من المنازل.. ثم سيصبح تفشي فايروس كورونا مشكلة كبيرة”.

دبي تعتمد خدمات التوصيل المتوفرة 24 ساعة لسبعة أيام في الأسبوع، من كوب قهوة ساخن إلى البقالة والصيدلية منذ سنوات
دبي تعتمد خدمات التوصيل منذ سنوات

وتابع، “مع مهمتنا، فإن كورونا سينتهي في الإمارات إن شاء الله”، لكن رغم اعتياد الشركات في دبي على خدمات التوصيل، فإن ازدياد أعداد الطلبيات بشكل كبير في ظل ملازمة السكان لمنازلهم وضع بعض الشركات تحت ضغط شديد، ما دفعها إلى الإعلان عن تأخر في التسليم إلى حين توظيف عدد أكبر من الأشخاص.

ورغم ذلك، بقيت خدمات التوصيل تعمل على مدار الساعة مع تأخير بسيط لتوصل كل ما يمكن أن يخطر على بال أي من سكان دبي، من الأمصال واللقاحات الطبية، إلى الولاعة الصغيرة وعلبة السجائر.

يقول شين سينغ، وهو سائق دراجة نارية إن توصيل الطعام أصبح أقل سرعة من السابق بسبب الوباء والإجراءات الوقائية الإضافية.

وأضاف، “الآن، علينا أولا استخدام المعقم ثم وضع القفازات.. ثم نقوم بقرع الجرس ونضع الطلب على مسافة متر واحد من الباب حتى يتم استلامه”.

وسيزداد الاعتماد أكثر على التوصيل في حال استمرار هذه الإجراءات خلال شهر رمضان الذي تعود فيه الكثير من الإماراتيين والوافدين على ارتياد المطاعم والمقاهي.

قال المدير العام لمطعم “البوغار المغربي” في دبي، هشام حنصالي، إن المطعم سيعمل خلال شهر رمضان  على تحضير وجبات إفطار متنوعة تضم أشهى المأكولات والحلويات المغربية وتوصيلها إلى الزبائن بأسعار مناسبة مراعاة لهذا الظرف الاستثنائي والمتمثل في مواجهة تداعيات فايروس كورونا.

آلو بنزين
آلو بنزين

إمارة دبي مقصد سياحي عالمي رئيسي إذ يزورها نحو 16 مليون شخص سنويا، ومحطة تجارية مهمة، وموطن لأحد أكبر أسواق العقارات في المنطقة.

وتقدّم دبي التي يقيم فيها نحو 3.4 مليون شخص من أكثر من 200 جنسية بحسب تعداد السلطات، نفسها على أنّها “مدينة ذكية” تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والتقنيات الإلكترونية والتطبيقات الهاتفية لإنجاز المعاملات عن بعد.

وأغلقت دبي، موطن برج خليفة أعلى مبنى في العالم، مراكزها التجارية الفارهة ومطاعم الخمسة نجوم التي تشتهر بها، وذلك للحدّ من انتشار فايروس كورونا المستجد.

ومع إغلاق المراكز التجارية والمطاعم والمقاهي والأندية الرياضية والشواطئ، فإن خدمات التوصيل بقيت السلاح المفضل لمكافحة الملل والتأقلم مع الإجراءات لدى سكان دبي الذين لم يعتادوا على الطهو أو الجلوس في المنزل لفترات طويلة.

وقرّرت عدة مراكز رياضية تأجير دراجات رياضية للزبائن لفترات زمنية متفاوتة وتوصيلها إلى منازلهم من أجل ممارسة الرياضة في البيت.

بالإضافة إلى الدراجات، تقوم نواد رياضية لجأت إلى الإعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بتأجير معدات رياضية أخرى.

كما أعلن متجر مرخص لبيع الكحول اعتزامه البدء بتوصيل المشروبات الكحولية إلى المنازل شريطة وجود رخصة تسمح باقتناء الكحول لدى من يقوم بطلبها، وهو شرط رئيسي في الإمارة.

ويرى وائل محمد وهو مهندس يبلغ من العمر 35 عاما أنّ دبي قد تكون المدينة الوحيدة التي لا يمكن أن يقلق سكانها من وصول الخدمات إليهم.

وقال، “كل ما تطلبه في دبي ممكن، فلقد طلبت مؤخرا أوزانا لرفع الأثقال للتدرب بها في البيت”، مضيفا “الحركة في دبي لا يمكن أن يوقفها كورونا”.

الحركة في دبي لا يمكن أن يوقفها كورونا
الحركة في دبي لا يمكن أن يوقفها كورونا

 

20