الديزل البيئي يكشف طبيعة التحديات في الطاقة المتجددة

يواجه الديزل البيئي تحديات كبيرة في ظل صعوبة الوصول إلى زيت الطهي من المطاعم بالنظر إلى قلة الإقبال على المطاعم تبعا لإجراءات الإغلاق لمكافحة الوباء، ويمثل الديزل جاذبية للمصافي التي تهدف إلى إنتاج خيارات منخفضة التلوث، غير أن زيادة الطلب تضغط على سلاسل الإمداد الناشئة للوقود.
لندن - يكافح الديزل البيئي في ظل تزايد الاعتماد عليه تحديات كثرة الطلب حيث تسبب ذلك في مشاكل وفرص عبر سلاسل الإمداد الناشئة للوقود، مما يكشف عن تأثير التحول الأكبر إلى الوقود الأخضر في اقتصاد الطاقة على قطاعات أخرى كالزراعة.
ومنذ 17 عاما، كان سائق الشاحنات كولين بيرش يمر عبر الطرق السريعة لجمع زيت الطهي المستعمل من المطاعم. وهو يعمل في شركة ويست كوست ريدكشن ليمتد التي تتخذ من فانكوفر مقرا لها، والتي تعالج الشحوم وتحويلها إلى مادة لصنع ديزل متجدد، وهو وقود طرق نظيف.
وأصبحت هذه الوظيفة مؤخرا أكثر صعوبة. إذ أصبح بيرش عالقا بين الطلب المتزايد على الوقود، مدفوعا بحوافز الحكومة الأميركية والكندية، وندرة إمدادات زيت الطهي، لأن عددا أقل من الناس يأكلون بالخارج أثناء جائحة فايروس كورونا.
وقال بيرش، الذي يسافر الآن في بعض الأحيان ضعف المسافة عبر كولومبيا البريطانية لجمع نصف كمية الشحوم التي كان يجدها من قبل “يجب أن أجتهد أكثر”. حيث يعد بحثه نموذجا مصغرا للتحديات التي تواجه صناعة الديزل المتجدد، وهي ركن متخصص في إنتاج الوقود الذي تراهن عليه المصافي وغيرها لتحقيق النمو في عالم منخفض الكربون. وتكمن المشكلة الرئيسية في نقص المكونات اللازمة لتسريع إنتاج الوقود.
وعلى عكس أنواع الوقود الأخضر الأخرى مثل الديزل الحيوي، يمكن للديزل المتجدد تشغيل محركات السيارات التقليدية دون خلطه بالديزل المشتق من النفط الخام، مما يجعله جذابا للمصافي التي تهدف إلى إنتاج خيارات منخفضة التلوث. ويمكن للمصافي إنتاج الديزل المتجدد من الدهون الحيوانية والزيوت النباتية، بالإضافة إلى زيت الطهي المستخدم.
2.65 مليار غالون زيادة متوقعة في إنتاج الديزل على مدى السنوات الثلاث المقبلة
وأفاد بنك غولدمان ساكس في تقرير صدر في أكتوبر أنه من المتوقع أن تتضاعف الطاقة الإنتاجية خمس مرات تقريبا لتصل إلى حوالي 2.65 مليار غالون (63 مليون برميل) على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
ولكن الطلب المتزايد يخلق مشاكل وفرصا عبر سلسلة إمداد ناشئة للوقود، وهو مثال صغير على كيفية تأثير التحول الأكبر إلى الوقود الأخضر في اقتصاد الطاقة، حيث يمكن أن يكون لطفرة الديزل المتجدد تأثير عميق على القطاع الزراعي من خلال زيادة الطلب على البذور الزيتية مثل فول الصويا والكانولا التي تتنافس مع المحاصيل الأخرى على مساحة الزراعة المحدودة، ومن خلال رفع أسعار الغذاء.
وأنشأت الحكومات المحلية والفدرالية في الولايات المتحدة وكندا مزيجا من اللوائح والضرائب أو الائتمانات لتحفيز إنتاج المزيد من الوقود الأنظف. ووعد الرئيس جو بايدن بتحريك الولايات المتحدة نحو صافي انبعاثات صفرية، ويتطلب معيار الوقود النظيف الكندي كثافة أقل للكربون بدءا من أواخر سنة 2022. كما تتمتع كاليفورنيا بمعيار منخفض الكربون يوفر أرصدة قابلة للتداول لمنتجي الوقود النظيف.
ولكن ضغط الإمداد بالمواد الأولية يحد من قدرة الصناعة على الامتثال لتلك الجهود. ويرتفع الطلب والأسعار على المواد الأولية من زيت فول الصويا إلى الشحوم والدهون الحيوانية. وتبلغ قيمة زيت الطهي المستخدم 51 سنتا للرطل، بزيادة حوالي النصف عن سعر العام الماضي، وفقا لخدمة ذي جاكوبسن للتسعير.
ويُباع الشحم، المصنوع من دهن الماشية أو الأغنام، مقابل 47 سنتا للرطل في شيكاغو، أي بزيادة تتجاوز 30 في المئة عن العام الماضي. ويعزز هذا ثروات العارضين مثل دارلينغ إنغريدينتس ومقرها تكساس ومغلفي اللحوم مثل تايسون فودز، حيث تضاعفت أسهم دارلينغ في الأشهر الستة الماضية. وقال لوني جيمس، وهو صاحب شركة كارولينا الجنوبية للدهون والسمسرة النفطية جيرسون شتراوس “إنهم يحولون الدهون إلى ذهب”.

ويمكن أن يكون الوقود النظيف نعمة لمصافي التكرير في أميركا الشمالية، حيث أعاقت شركات الطيران المعطلة وعمليات الإغلاق الطلب على الوقود وخسرت شركات التكرير شركة فاليرو للطاقة وبي.بي.إف إينيرجي وماراثون للبترول المليارات في 2020.
ومع ذلك فقد حقق قطاع الديزل المتجدد في شركة فاليرو أرباحا وأعلنت عن خطط لتوسيع الإنتاج. وتسعى ماراثون للحصول على تصاريح لتحويل مصفاة في كاليفورنيا لإنتاج وقود متجدد، بينما تدرس بي.بي.إف مشروع ديزل متجدد في مصفاة لويزيانا.
وتبقى الشركات من بين ثماني مصافي تكرير في أميركا الشمالية على الأقل أعلنت عن خطط لإنتاج الوقود المتجدد، بما في ذلك فيليبس 66، الذي يعيد تشكيل مصفاة في كاليفورنيا لإنتاج 800 مليون غالون من الوقود الأخضر سنويا.
وقال تود بيكر، الرئيس التنفيذي لشركة غرين بلينز، وهي شركة تكرير بيولوجي تساعد في إنتاج المواد الأولية، إنه بمجرد ظهور طاقة إنتاج جديدة للديزل المتجدد، فمن المرجح أن تصبح أكثر ندرة.
ويقدر بنك غلدمان ساكس أنه يمكن إضافة مليار غالون إضافي من السعة الإجمالية لولا المشاكل المرتبطة بتوافر المواد الأولية والتصاريح والتمويل. وقال باري غلوتمان، وهو الرئيس التنفيذي لشركة ويست كوست ريدكشن “يحاول الجميع في أميركا الشمالية وحول العالم شراء مواد أولية منخفضة الكثافة الكربونية”.
ومن بين زيائنه أكبر صانع للديزل المتجدد في العالم، وهي نيستي الفنلندية. وقال متحدث باسم الشركة إنها ترى أكثر من مجرد إمدادات كافية من المواد الأولية لتلبية الطلب الحالي وأن تطوير مواد أولية جديدة يمكن أن يضمن العرض في المستقبل.
ويعتمد منتجو الديزل المتجدد بشكل متزايد على فول الصويا وزيت الكانولا لتشغيل مصانع جديدة. وتتوقع وزارة الزراعة الأميركية ارتفاعا قياسيا في الطلب على فول الصويا من المعالجات والمصدرين المحليين هذا الموسم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ارتفاع الطلب العالمي على أعلاف الماشية والدواجن.
كما يبحث منتجو الزيت من المحاصيل عن الكانولا غرب كندا، مما يساعد على دفع الأسعار في فبراير إلى مستوى قياسي في العقود الآجلة يبلغ 852.10 دولار كندي للطن. وبلغ فول الصويا 14.45 دولار للبوشل في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى في أكثر من ست سنوات.
وكما قال كبير الاقتصاديين بوزارة الزراعة الأميركية سيث ماير، يعتبر ارتفاع أسعار المواد الغذائية مصدر قلق إذا تحقق الطلب المتوقع على المحاصيل لتوليد الديزل المتجدد.
قطاع الديزل المتجدد حقق أرباحا في شركة فاليرو التي أعلنت خططا لتوسيع الإنتاج
وقال خوان لوتشيانو، وهو الرئيس التنفيذي لتاجر السلع الزراعية، آرتشر دانيلز ميدلاند، في يناير إن إنتاج الديزل المتجدد في الولايات المتحدة قد يولد 500 مليون رطل إضافي من الطلب على زيت الصويا هذا العام. وهذا ما يمثل زيادة بنسبة 2 في المئة على أساس سنوي في إجمالي الاستهلاك.
ووصف غريغ هيكمان، الرئيس التنفيذي لشركة الأعمال الزراعية العملاقة بنجي، في فبراير توسع الديزل المتجدد بأنه “تحول هيكلي طويل الأجل” في الطلب على زيوت الطعام التي ستزيد من تشديد الإمدادات العالمية هذا العام.
ووفقا لبي.إم.أو كابيتال، بحلول سنة 2023، قد يتجاوز الطلب على زيت فول الصويا في الولايات المتحدة إنتاج الولايات المتحدة بما يصل إلى 8 مليارات جنيه إسترليني سنويا إذا وُجدت نصف طاقة الديزل الجديدة المتجددة المقترحة.
وفي نفس العام، سيواجه المستوردون الكنديون أول عام كامل لهم بالامتثال للمعايير الجديدة لخفض كثافة الكربون في الوقود، مما يؤدي إلى تسريع الطلب على المواد الأولية للديزل المتجدد، كما قال إيان تومسون، وهو رئيس مجموعة صناعة الوقود الحيوي في كندا.
وقال كلايتون هاردر، الذي يزرع الكانولا في مانيتوبا، إنه من الصعب تصور توسع كبير في زراعة الكانولا لأن المزارعين يحتاجون إلى تدوير المحاصيل للحفاظ على صحة التربة. وأضاف أن المزارعين قد يضطرون إلى زيادة المحاصيل من خلال تحسين الممارسات الزراعية وزرع أصناف أفضل من البذور.
وتتحوط شركة بارك لاند للتكرير في كولومبيا البريطانية في رهاناتها على إمدادات المواد الأولية.
وقال نائب الرئيس الأول ريان كروغميير، إن الشركة تؤمن زيت الكانولا من خلال عقود طويلة الأجل، ولكنها تستكشف كيفية استخدام نفايات الغابات مثل الأغصان المكسورة وأوراق الشجر أيضا.
وقال راندال ستوي، الرئيس التنفيذي في دارلينج إن المنافسة لإيجاد مواد أولية جديدة ومستدامة للوقود الحيوي ستكون شرسة.