الدبيبة يراهن على تقوية القبضة العسكرية في مواجهة محاولات إزاحته

بعثت تصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة السبت برسائل تهديد إلى الشارع والأطراف التي زادت حماسها لإزاحته بعد الجدل الذي أثاره لقاء وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش بنظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، وهو ما يعني أن الدبيبة بات يراهن على تقوية القبضة العسكرية في مواجهة محاولات إزاحته.
وقال الدبيبة السبت إن “عهد الحروب قد ولّى” وإن حكومته “عازمة على الوقوف بالمرصاد لمن يزعزع أمن المواطن والوطن، ومقاتلة المتربصين عبر إنشاء مشاريع التنمية والتطوير”.
وبدت رسالة الدبيبة واضحة بأنه باق في السلطة ولن يستسلم للضغوط الداخلية والدولية لتسليم السلطة لحكومة جديدة، ولو كلفه ذلك اللجوء إلى العنف.
وجاءت تصريحات الدبيبة خلال كلمة في حفل تخريج الدفعة التاسعة لقوة “مكافحة الإرهاب”، بحسب بيان لمنصة “حكومتنا” (رسمية) على فيسبوك.
وأشار إلى أن حكومته “لن تدخر جهدا في دعمها قوة مكافحة الإرهاب إلى جانب الأجهزة الأمنية الأخرى وقوات الجيش لتكون مؤسسة رائدة مبنية على العلم والتدريب والتطور”.
وعكست كلمات الدبيبة محاولة لاسترضاء المجموعات الأمنية والعسكرية غرب ليبيا وتحييدها عن محاولات التحشيد العسكري ضده التي انطلقت من مسقط رأسه مصراتة.
وأبانت الاشتباكات التي اندلعت مؤخرا في العاصمة طرابلس بين قوة الردع واللواء 444 عن ضعف الدبيبة عسكريا وفقدانه السيطرة على تلك المجموعات التي رفضت محاولاته لوقف إطلاق النار.
ويرجح محللون أن يركز خلال هذه الفترة على تقوية علاقته بالمجموعات المسلحة من خلال استرضائها لكسب ولائها وهو ما يحتاجه لمواجهة تهديدات خصومه.
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لتحشيدات يقوم بها آمر لواء الصمود صلاح بادي. وظهر بادي في أحد الفيديوهات رفقة مجموعة من الشباب يقوم أحدهم بقراءة بيان “يدعو جميع المدن لتفعيل مجالسها العسكرية للتنسيق في ما يمكن فعله في قادم الأيام”.
ورغم خفوت التظاهرات التي خرجت احتجاجا على لقاء كوهين والمنقوش، بعد التصعيد الأمني ضد المحتجين حيث نشر الدبيبة قوات في طرابلس الجمعة وهو ما حال دون تنظيم احتجاجات كانت مبرمجة، بالإضافة إلى تنفيذ وزارة الداخلية حملة اعتقالات ضد النشطاء والمحتجين، إلا أن محللين لا يستبعدون تجدد الاحتجاجات بشكل أقوى خلال الفترة المقبلة، وهو ما يبدو أن الدبيبة يحاول التحسب له.
واعترف وزير الداخلية عماد الطرابلسي بأن وزارته ألقت القبض على عدد من الأشخاص “يحرضون على التظاهر عبر غرف موقع التواصل الاجتماعي واتس آب” وستجري إحالتهم إلى النيابة العامة، وهو ما اعتبر ترهيبا للمحتجين.
ووجّه آمر قوة الإسناد بعملية بركان الغضب ناصر عمار رسالة إلى مدينة الزنتان أكد من خلالها أن ”ما قام به وزير داخلية حكومة الدبيبة بقمع المناهضين للتطبيع هو عمل جبان وخسيس لا يليق بأن يسجله التاريخ على مدينة الزنتان المجاهدة، فهي أرفع شرفاً من أن يشوّه تاريخها كائناً من كان من أبنائها”.
◙ الدبيبة سيركز على تقوية علاقته بالمجموعات المسلحة وكسب ولائها وهو ما يحتاجه لمواجهة تهديدات خصومه
وأضاف “لقد احتجز عماد الطرابلسي الزنتاني خيرة شباب ليبيا المتظاهرين ضد التطبيع، منهم ثلاثة من شباب الزاوية الأبطال”، مشددا على أن “الإفراج الفوري عن أبناء الزاوية وباقي المدن الليبية لا يعفي مدينة الزنتان من مسؤوليتها لردع المطبعين”.
وطالب عمار في منشور آخر كل من وصفهم بـ”الأحرار”، “بالالتفاف حول قيادة صلاح بادي، وتشكيل قوة تضع كل متمرد في حجمه (في إشارة إلى الدبيبة) وضبط موازين القوى”.
وتابع عمار “ثورة فبراير لها رموز، وهذه الرموز لا بد من دعمها والوقوف جنبا إلى جنب معها كالبنيان المرصوص لضرب كل من تسول له نفسه المساس بثورة 17 من فبراير”.
وتأتي هذه التطورات في ظل تزايد الحديث عن تشكيل حكومة تكنوقراط تمهد لإجراء الانتخابات، بدلا من حكومة الدبيبة.
ويعد البيان الفرنسي – الأميركي الذي طالب بحكومة تكنوقراط تشرف على الانتخابات الخميس بمثابة إنذار للدبيبة بأن الغرب سيرفع الدعم قريبا عن حكومته، في حين يسيطر الغموض على الموقفين الروسي والتركي.
وبدا انقلاب الموقف الغربي على الدبيبة مفاجئا والذي برز خلال الإحاطة الأخيرة للمبعوث الأممي عبدالله باتيلي واجتماع مجلس الأمن حول ليبيا، حيث سبق أن رفض السفير والمبعوث الأميركي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند مرارا ومعه فرنسا وبريطانيا وإيطاليا فكرة تشكيل الحكومة الجديدة التي أطلقها البرلمان ومجلس الدولة، واعتبرت محاولة لتمديد الفترات الانتقالية وترحيل الانتخابات إلى أجل غير مسمّى.