الداخلية الجزائرية تتعامل بقبضة من حديد مع بعض أحزاب المعارضة

مراقبون يرون أن الوزارة تسعى لتصفية حسابات سياسية مع ما بات يعرف بقوى تكتل البديل الديمقراطي، الذي تأسس من أجل دعم احتجاجات الحراك الشعبي.
الخميس 2021/05/27
أحزاب تدفع ثمن تأييدها للحراك الشعبي

لا يزال صدى دعوة الأميرال التونسي المتقاعد كمال العكروت لانتشال تونس من مستنقع الفساد والفوضى وإنهاء المنظومة السياسية الحالية يتردد حيث اختلفت التأويلات لتلك الدعوة، لكن الثابت أن تعدد المبادرات للتحرك ضد الطبقة السياسية الحاكمة بقيادة حركة النهضة الإسلامية بات يخدمها.

الجزائر – دخلت وزارة الداخلية الجزائرية منذ عدة أسابيع في حملة تحيين إداري للأحزاب السياسية لتكييفها مع التشريعات، وأرسلت عدة إنذارات لعدد منها، لكن المسألة تحولت إلى سجال سياسي بعد اقتصارها على قوى معروفة بمعارضتها لمسار السلطة دون البقية الموالية لها. وتلقى حزب العمال الاشتراكي إنذارا من وزارة الداخلية للتكيف مع التدابير الواردة في قانون الأحزاب السياسية، قبل أن يصبح نشاطه خارج القانون، وهي رسالة واضحة على نية السلطة جر الحزب إلى القضاء من أجل تجميده كليا.

وبذلك يكون الحزب قد انضم إلى لائحة الأحزاب السياسية المغضوب عليها من طرف الداخلية، على غرار التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، والعمال، والاتحاد الديمقراطي الاجتماعي، التي تعاني من مضايقات سياسية بحسب تعبير قادتها بسبب مواقفها الرافضة لمسار السلطة القائمة. وكانت القيادة التاريخية لحزب العمال اليساري قد تعرضت لانقلاب أبيض خلال الأسابيع الماضية، حيث قام بعض الكوادر بعقد مؤتمر استثنائي، تقرر خلاله سحب الثقة من زعيمة الحزب لويزة حنون، وأصدر بيانا أعرب فيه عن موالاته لخيارات السلطة.

في حين تلقى قبله حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية عدة إنذارات من طرف وزارة الداخلية للتكيف مع “التشريع الإداري، والتحذير من أنشطة غير قانونية “، كما تعرض رئيسه محسن بلعباس للتوقيف خلال المسيرة الشعبية الأخيرة بالعاصمة رفقة نائب الحزب في البرلمان المنحل عثمان معزوز.

حزب العمال تلقى إنذارا للتكيف مع قانون الأحزاب قبل أن يصبح نشاطه خارج القانون ما يؤشر على إمكانية جر الحزب للقضاء

ويعتبر رفض مسارات السلطة القاسم المشترك بين الأحزاب المعنية بمراجعة وضعيتها الإدارية ونشاطها السياسي، الأمر الذي أعطى الانطباع لدى هؤلاء بأن الوزارة تسعى لتصفية حسابات سياسية مع ما بات يعرف بقوى تكتل البديل الديمقراطي، الذي تأسس من أجل دعم احتجاجات الحراك الشعبي، وقرر معارضة خيارات السلطة وعدم المشاركة في مختلف الاستحقاقات التي أطلقتها منذ العام 2019.

ولا يزال الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي لم يحصل على ترخيص السلطة الوصية منذ العام 2012، كما تعرض مؤسسه الناشط السياسي المعارض كريم طابو للتوقيف والسجن في عدة مرات منذ انطلاق أحداث الحراك الشعبي في البلاد، كما لا تزال ملفات أحزاب أخرى حبيسة أدراج وزارة الداخلية.

وكان حزب العمال الاشتراكي قد انضم إلى لائحة الرافضين للانتخابات النيابية المبكرة، وذكر في بيان له أنه “دون بناء توازن سياسي مسبق للقوى داخل المجتمع، فلا مجال لأي وهم في ما يتعلق بإمكانية تحقيق التغيير الديمقراطي والاجتماعي الذي تطمح إليه الجماهير الشعبية عن طريق الانتخابات”.

وسجل أن “هذه الانتخابات التشريعية تجري في وقت يعود فيه الحراك إلى الساحة منذ 22 فبراير، مهما كانت عيوبه وحدوده، واضعا على المحك مسألة الاختيار بين المعسكر الشعبي ومعسكر السلطة وخارطة الطريق الخاصة به”.

الجزائر
قطع الطريق على الحراك

ولفت الحزب إلى أن “الطعن في شرعية السلطة يتجلى مرة أخرى من خلال المظاهرات الشعبية الكبرى في عدة مدن عبر البلاد، فكما كان الحال في انتخابات سنة 2002، التي جرت في اليوم الموالي للانتفاضة الشعبية (الربيع الأسود) لعام 2001، لا يتردد حزبنا ولو لثانية واحدة في الإعراب عن رفضه لمسرحية الانتخابات التشريعية”.

وعلل الحزب بكون الانتخابات التشريعية تفتقد أكثر من الاستحقاقات السابقة لمسوغ ديمقراطي بسبب حجم القمع وانتهاك الحريات، وأن إجراءات التهدئة المزعومة التي اقتصرت على الإفراج عن بضع العشرات من المعتقلين السياسيين سرعان ما قوضتها الاعتقالات الجديدة ومضايقات الشرطة والقضاء للنشطاء والصحافيين والمتظاهرين العاديين.

وذهب البيان إلى ذكر “حالات تعذيب واغتصاب من قبل الأجهزة الأمنية تتم إدانتها علنا من قبل معتقلين سابقين، وأن الحريات والحقوق الديمقراطية الأساسية وحرية التعبير والتظاهر والرأي والتنظيم والإضراب يتم التضييق عليها يوميا، وأن وسائل الإعلام العمومية لا تزال توصد الباب أمام أي انتقاد للنظام، كما أن برامجها لا تزال حكرا على ممثلي النظام ومن يدينون له بالولاء”.

وأضاف “قانون الانتخاب الذي أقره نفس البرلمان المنحل، والذي تعتبره الحكومة نفسها فاسدا وغير شرعي، فإنه يشكل عقبة أخرى أمام إجراء انتخابات نزيهة وديمقراطية، فهو يهدف عمدا إلى نزع الطابع السياسي عن التصويت من خلال الاختيار بين المرشحين من نفس القائمة وليس بين البرامج السياسية”.

4