الحكومة الليبية تقضي نصف مدة اعتمادها دون ميزانية

طرابلس – قضت الحكومة الليبية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، والتي انتخبت منذ مارس الماضي إلى غاية الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل، نحو نصف مدة اعتمادها دون ميزانية، وهو ما يعرقل المسار السياسي في ليبيا وينذر بالعودة إلى نقطة الصفر.
ومن المنتظر أن يعقد البرلمان الليبي الإثنين جلسة للتصويت والبت في مشروع قانون الميزانية العامة للعام المالي 2021، وإصدار قانون الانتخابات البرلمانية والرئاسية، واعتماد توزيع الدوائر الانتخابية في جميع أنحاء البلاد، والرد على المجلس الرئاسي بشأن ترشيح رئيس لجهاز المخابرات العامة.
وأوضح الناطق الرسمي باسم البرلمان عبدالله بليحق أنه نظرًا لما تقتضيه المصلحة العامة والظروف الحالية ستنجز هذه الاستحقاقات في الجلسة المقبلة وسيتم الوفاء بها بمن يحضر الجلسة.
وفشل البرلمان الليبي طيلة ثماني جلسات سابقة في التوصّل إلى اتفاق لتمرير الميزانية بسبب عدة خلافات لعل أهمها الخلاف الدائر حول بنود التنمية والتسيير والطوارئ.
ويقول نواب معارضون للحكومة إن خطة المئة يوم التي طرحها الدبيبة خلال جلسة منح الثقة في مارس الماضي والتي كانت تحتوي على 23 مادة، 83 في المئة منها لا تعتمد على الميزانية، لم يتم تنفيذ نحو 95 في المئة منها، بالإضافة إلى ملف المناصب الرئيسية في المؤسسات السيادية الذي لم يتم الحسم فيه بتعلة عدم إقرار الميزانية.
وفي الثالث عشر من يوليو الماضي جرى تعليق المداولات بشأن مشروع قانون الميزانية، حيث أرجع بليحق الأمر إلى احتجاج بعض أعضاء المجلس على عدم توافر النصاب القانوني للتصويت.
وقال إن اللجنة التشريعية والدستورية في المجلس أفتت بضرورة توفر نصاب 120 صوتًا موافقًا على مشروع قانون الميزانية.
وعابت آمال بوقعيقيص -عضو ملتقى الحوار السياسي- على رئيس مجلس النواب والأعضاء في المجلس تأخر اعتماد الميزانية، معتبرة أنه “لم يعد مقبولًا حجب الميزانية عن الحكومة”.
ورأت بوقعيقيص في تدوينة لها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن “الضحية هو المواطن البائس الذي تمثلونه”، مذكّرةً نواب البرلمان بأن “من واجبكم رفع المعاناة عنه؛ فهو بين انقطاع الكهرباء المتواصل وبين الداء والإعياء استحالت حياته جحيمًا لا يطاق”.
وقالت بوقعيقيص إن حجة الخوف من إهدار المال مردود عليها بتكثيف المتابعة وتفعيل محاسبة الحكومة عبر اللجان المختصة ودوائر الرقابة.
وتابعت متسائلة “هذا الجدل المبالغ فيه حول بند التنمية، أليس من ضمنه التجديد الدوري لمحطات الكهرباء والمياه والاتصالات والصيانة الدورية لشبكة الطرق المتهالكة؟ لقد عم البلاء ولحقنا الضرر، فما نفع المال إن لم يكن من أجل تحسين جودة الحياة؟”.
ومنذ أشهر تتبع ليبيا مسارا سياسيا برعاية الأمم المتحدة يأمل الليبيون أن يؤدي إلى إنهاء النزاع في بلدهم ويسهم في تحسين ظروفهم المعيشية.
وعانت ليبيا منذ عام 2011 من تدهور الأوضاع الاقتصادية وتدمير البنية التحتية، حيث صنفها مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020 واحدة من الدول الأكثر تضررا اقتصاديا بالعمليات الإرهابية على الصعيد الأفريقي.
وأظهر المؤشر الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام الأسترالي، بالتعاون مع الاتحاد الأميركي لدراسة الإرهاب في جامعة ماريلاند، أن ليبيا تكبّدت خسائر تقدّر بنحو 492 مليون دولار سنويا جرّاء العمليات الإرهابية المتكررة، وهو ما يستوجب عمليات تنموية كبرى.
وفي 16 مارس الماضي تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم مجلسا رئاسيا وحكومة وحدة وطنية، مهامها لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبر المقبل.
وتمر حكومة الدبيبة بمسار صعب لحل الأزمات الرئيسية، خاصة أنها لم تحصل بعد على اعتماد لميزانيتها التي تقدر بـ93 مليار دينار أي ما يعادل (20.57 دولار أميركي)، فيما يرجح متابعون أن يلجأ الدبيبة إلى ما نادى به عضو مجلس النواب وعضو ملتقى الحوار السياسي زياد دغيم سابقا، وهو تفعيل نصوص الاتفاق السياسي وتقديم ميزانيته إلى المجلس الرئاسي والمصرف المركزي لاعتمادها وطي صفحة التعامل مع البرلمان.
ويختلف البرلمان والحكومة حول حجم المخصصات لباب التنمية، إذ يرى النواب أن حجم هذه المخصصات كبير أكثر من اللازم حيث يصل إلى 23 مليار دينار كرقم واحد دون تبويب أو توضيح لمواطن صرفها، وهو ما قوبل بانتقادات شديدة نظرا لقصر عمر حكومة الوحدة الوطنية التي ستتحول إلى حكومة تصريف أعمال بعد خمسة أشهر، بالإضافة إلى عدم توفر الظروف الملائمة للبدء في تنفيذ مشاريع تنموية فعلية قبل الانتخابات والانتهاء من توحيد المؤسسات ومنها العسكرية والمصرفية، وتنفي الحكومة كافة بنود الاتفاق العسكري المبرم في الثالث والعشرين من أكتوبر الماضي، إضافة إلى عدم كشف الحكومة عن أبواب الصرف المعتمدة وهو ما لم يحدث
سابقا.
وتستمر جولات النقاش بين لجنة المالية بمجلس النواب ولجنة المالية لحكومة الوحدة الوطنية بشأن بعض التعديلات الفنية على مشروع الميزانية المقترحة، وذلك للوصول إلى توافق يؤدي إلى اعتمادها وفقا للتشريعات المالية النافذة، في حين يستبعد مراقبون أن تنتهي أزمة الميزانية في جلسة الاثنين.