الحكومة الجزائرية تراهن على المناطق المهمشة لتدعيم شرعيتها

مغازلة سكان مناطق الظل ببرامج تنموية وتنحية معرقليها.
السبت 2020/08/15
المناطق المهمشة وجهة تبون وجراد

تسعى الحكومة الجزائرية إلى استمالة سكان ’’مناطق الظل‘‘ (المهمشة) من أجل تدعيم شرعيتها التي لا يعترف بها كثير من الجزائريين لاسيما المتشبثين بمواصلة الحراك، حيث يغازل الرئيس عبدالمجيد تبون ورئيس الوزراء عبدالعزيز جراد هذه المناطق ببرامج تنموية وبتنحية مسؤولين متهمين بعدم تنفيذ هذه البرامج لكسب ولائهم بغية تطويق التحركات الاحتجاجية.

الجزائر – تحولت المناطق المهمشة في الجزائر إلى ورقة سياسية لدى الخطاب الرسمي للحكومة، حيث يجري الرهان عليها من أجل اكتساب شرعية واحتواء ارتدادات موجة الغضب الاجتماعي المفتوحة منذ سنوات، إذ يتم تداولها على أنها المفتاح السري للاستقرار في البلاد.

ووجه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون انتقادات لاذعة للمسؤولين والمؤسسات الحكومية المحلية، بسبب ما وصفه بـ”التقاعس” وحتى تعمد إفشال المخطط الإنمائي الذي تعكف الحكومة على تنفيذه منذ انتخابه رئيسا للبلاد في ديسمبر الماضي.

واستدل تبون في مداخلته أمام ولاة الجمهورية (المحافظون) وأعضاء الحكومة ومسؤولين بارزين في الدولة، بتعطيل تنفيذ العديد من القرارات المتخذة على المستوى المركزي، على غرار العلاوات والمنح التي سخرتها الحكومة للعاطلين عن العمل والمتضررين من وباء كورونا، والكوادر الطبية العاملة في مصالح الأمراض المعدية، الأمر الذي ساهم في ظهور بوادر تململ اجتماعي وتوسع الهوة بين خطاب السلطة.

وشدد على أن الحكومة تولي أهمية قصوى للنهوض بالتنمية المحلية في “مناطق الظل”، وهي المناطق المهمشة في المحافظات الداخلية والأرياف والأحياء المعزولة، الأمر الذي يمثل رسالة غزل من السلطة لسكان المناطق المذكورة من أجل الانخراط في أجندة الحكومة الباحثة عن تأييد شعبي، بعد أن أحرجها الحراك الشعبي ورفض الانتخابات الرئاسية الأخيرة برمتها.

تبون وجه انتقادات للمسؤولين والمؤسسات الحكومية المحلية بسبب «التقاعس» وإفشال المخطط الإنمائي للحكومة

وعمدت الحكومة منذ تنصيبها إلى إيلاء الملف أهمية خاصة، ورصدت له ميزانيات مالية لتنفيذ مشروعات حكومية محلية لتحسين الخدمات، رغم الأزمة الاقتصادية والمالية التي تتخبط فيها البلاد، وتراكم الملفات الكبرى على غرار توسع دائرة البطالة وتآكل الاحتياطات النقدية الأجنبية وغياب بدائل اقتصادية للريع النفطي.

ووجه في هذا الشأن رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد تعليمات صارمة للولاة والمسؤولين المحليين للعمل على تنفيذ المشاريع التنموية المقررة في مناطق الظل بشكل مستعجل، قصد تحسين واجهة هذه المناطق قبل نهاية السنة الجارية.

ولفت إلى أن “البرامج الاستدراكية للتنمية على مستوى مناطق الظل تعتبر من أعمدة برنامج رئيس الجمهورية غير أنها تشهد تأخرا ملحوظا في تنفيذها”.

ورغم اعترافه بتأثيرات الجائحة وبالمشاكل الاقتصادية للبلاد، إلا أنه برر ما وصفه بـ”التأخر غير المقبول”، بالمنطق البيروقراطي لبعض المسيرين المحليين الذين ’’يعرقلون‘‘ مسار الحكومة وبرنامج الرئيس في هذا المجال.

لفتة حكومية لمناطق الظل
لفتة لمناطق الظل

وقدم الخطاب الرسمي لرئيس البلاد ولرئيس الوزراء نفسه في ثوب ضحية المؤامرة والاستهداف من قبل خلايا النظام السابق، رغم أن وصاية المسؤولين والمؤسسات المحلية تقع تحت الحكومة والرئاسة، ورغم تشديد البعض على أولوية حل المجالس المحلية والوطنية المنتخبة، وإجراء انتخابات مبكرة، من أجل ضمان المرور إلى مرحلة جديدة تعطي الانطباع بحدوث حد أدنى من التغيير في البلاد.

وتبدو معالم ارتباك لدى السلطة، من خلال تسجيل عدم انضباط وغياب ضبط الإيقاع في المنظومة الحكومية والمؤسساتية، الأمر الذي يكرس حالة ضعف في هرم السلطة، لاسيما بعد التشكي الذي أبداه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء مما وصفاه بـ”التقاعس” أو تعمد عدم تنفيذ القرارات المركزية، والذهاب لحد تدخل رئيس الدولة لإنهاء مهام مسؤولين محليين في بلدات ومؤسسات نائية.

ويرى مراقبون أن الهدف من القرارات المذكورة البعث برسالة لمن تشك السلطة في ولائهم، ولذلك توعد الوزير الأول “كل مسؤول متورط في عرقلة التنمية على المستوى المحلي بأنه سيكون محل تحريات، فإذا كان ذلك عن عدم كفاءة فليغادر، أما إذا كانت لذلك خلفيات أخرى فسيحال على العدالة”.

وشدد على “أهمية مكافحة الفساد بجميع أشكاله، وأخلقة السلطة العمومية، لأن الرهان من وراء هذا المسعى يتمثل في ضمان نزاهة وموضوعية واستقامة الأشخاص الذين يمارسون المسؤوليات على مستوى السلطة العمومية، ويكتسي ذلك أهمية حاسمة ليس فقط لضمان سيادة دولة القانون فحسب، بل أيضا وبشكل أعم لتعزيز ثقة المواطنين التي فقدوها في مؤسساتهم”.

وأضاف رئيس الوزراء “علينا دون تأخير إطلاق مشروع شامل لإصلاحات جذرية دفعا لإقامة نظام حكم جديد وعصري، يشكل دعما قويا لتأسيس الجمهورية الجديدة من أجل إحداث قطيعة مع الحوكمة القديمة التي أدت ومازالت إلى انحرافات خطيرة وغير مقبولة”.

4