الحكومة التونسية تبحث عن حلول تخفف مصاعب العودة المدرسية

تونس - تسعى الحكومة التونسية لتخفيف مصاعب العودة المدرسية على المواطنينن خاصة بشأن ارتفاع أسعار لوازم الدراسة بشكل لافت مقارنة بالسنوات السابقة.
وتشتغل مؤسسات عمومية على دراسات وبحوث ميدانية لتحديد استهلاك التونسيين في هذه الفترة. وتهدف هذه الأبحاث إلى معاضدة جهود الحكومة في الإعداد لعودة مدرسية ناجحة.
وقال لسعد اليعقوبي كاتب عام نقابة التعليم الثانوي، في تصريح لـ”العرب”، “إن العودة المدرسية الحالية إضافة إلي النقائص المعتادة في إطار التدريس والتأطير والموظفين تتميز بكونها تنطلق بوزير سيعين قبل أيام وهو ما يعقد مشاكل العودة لأن أغلب الاستحقاقات الخاصة بهذه العودة مازالت تحتاج الحوار والنقاش والحسم”.
وأكد معهد الاستهلاك التونسي، الأحد، أن أسعار أغلب اللوازم المدرسية ارتفعت بنسبة تزيد عن 20 بالمئة في البعض من الحالات مقارنة بالسنة الماضية حيث شهدت زيادة هامة، باستثناء الكتب المدرسية.
وقال طارق بن جازية، المدير العام للمعهد التونسي للاستهلاك، إن أكثر نسبة زيادة في الأسعار كانت من نصيب الأدوات المدرسية المستورد بسبب تداعيات تراجع سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية.
وأفاد بن جازية، في تصريحات لوكالة الأنباء التونسية واستنادا إلى شهادات تجار، أن “عددا من مزودي الأدوات المدرسية عرضوا لوازم تعود إلى السنة الدراسية الماضية بالأسعار الجديدة”.
وكشف أن التونسيين أنفقوا ما يقارب 500 مليون دينار استعدادا للعودة المدرسية الحالية.
ومعهد الاستهلاك التونسي هو مؤسسة عمومية تم إحداثها خلال العام 2008، وتشرف عليه وزارة التجارة والصناعات التقليدية. ويتولى المعهد تقديم الدعم الفني للمنظمات والهياكل المعنية بمجالات الاستهلاك كما يساهم في تنمية إعلام المستهلك وتوجيهه وترشيد سلوكه الاستهلاكي.
واستند احتساب نفقات التونسين خلال العودة المدرسية الحالية إلى المعطيات الرسمية المتوفرة والتي تقدر أن عدد التلاميذ في المراحل الابتدائية يتجاوز المليوني تلميذ هذا العام.
وتتراوح تكلفة العودة المدرسية في ما يخص اللوازم والكتب المدرسية واللباس والحقيبة بالنسبة للمرحلة الابتدائية بين 91 و153 دينارا، بحسب بيانات المعهد. أما بالنسبة للمرحلة الإعدادية فتقدر تكلفة اللوازم المدرسية بحوالي 137 دينارا. وقدر المعهد أن تكلفة الأدوات المدرسية الخاصة بمرحلة التعليم الثانوي في حدود 147 دينارا.
|
ويرى اليعقوبي أن تكاليف الدراسة يراد دائما إخفاء عبئها الثقيل علي المواطن العادي، “ففي مجتمع ربع سكانه يعيشون تحت عتبة الفقر وما يقارب المليونين من الموظفين رواتبهم لا تلبي الحاجيات الدنيا تصبح تكاليف العودة شبحا يؤرق أغلب العائلات التونسية”.
وقال اليعقوبي إن تكاليف الدراسة في كل المراحل التعليمية تتجاوز الأجر الأدنى المضمون “وهو ما يعكس حقيقة المعاناة التي تعانيها العائلات التونسية ويجعل التعليم وفرص النجاح فيه محصورا لدي العائلات الميسورة ويعمق أزمة الطبقات المحرومة في تقلص فرص نجاح أبنائها والحصول على فرصة عمل”.
وأضاف أن الأمر يعكس أيضا ارتفاع نزيف انقطاع هذه الفئات عن الدراسة وانخراطها في سوق التجارة الموازية والتهريب والإرهاب، مما يهدد بشكل كبير النسيج الاجتماعي والاقتصادي ويعمق أزمة الجهل والأمية.
وذكّر اليعقوبي بأن الدراسات الرسمية أثبتت أن أكثر من مليوني تونسي ممن سنهم أكثر من 16 سنة أميون، “وهو ما ينعكس مباشرة علي درجة الوعي السياسي حيث يعول كثيرا علي أمية وفقر هؤلاء ليكونوا رصيدا انتخابيا يشترى ويوجه ليخلق مشهدا سياسيا تحكمه قوي المال والأحزاب التي تتلقي تمويلات هائلة من الداخل والخارج”.
وبدأت وزارة الصناعة والتجارة، منذ بداية الشهر الحالي، بالعمل قرار التخفيضات الاختيارية على الأسعار لدى المكتبات في كامل جهات البلاد.
وشمل قرار التخفيض أسعار اللوازم المدرسية بنسبة 5 بالمئة باستثناء الكراس المدرسي المدعم والكتب المدرسية. كما قررت الوزارة تخفيض نسبة 10 بالمئة في أسعار الحقائب واللباس المدرسي. وتوفر بالمكتبات التونسية وبقية نقاط بيع الأدوات المدرسية الكراس المدعم بكافة أنواعه.
ودعا بن جازية المدرسين إلى عدم “الاشتراط على التلاميذ اقتناء اللوازم الرفيعة دون غيرها وعلى جدولة طلباتهم من المستلزمات المدرسية حسب الحاجة”.
وحث مدير معهد الاستهلاك أولياء التلاميذ على شراء اللوازم الضرورية فقط لبدء الصفوف الدراسية. وحذر من شراء الأدوات من تجار غير نظاميين لأن “أغلب المنتجات المعروضة لديهم لا تتوفر فيها شروط الصحة والسلامة”، كما دعا إلى عدم شراء مواد مجهولة المصدر أو التي لا تتوفر على ما يدل على تركيبتها.
ونظمت السلطات المحلية في العديد من جهات البلاد اجتماعات ولقاءات مع مسؤولين حكوميين لتباحث استعدادات العودة المدرسية للعام الحالي بهدف إنجاحه.
وطرح متابعون مشكلات عديدة تتعلق بالعودة المدرسية والجامعية بشكل خاص وبالحياة التربوية بشكل عام. ومن أبرز المصاعب التي يعاني منها القطاع التربوي في تونس اهتدار البنية التحتية للعديد من المؤسسات التعليمية وتقادم مرافقها وإمكانياتها وتجهيزاتها. كما تعرف المبيتات المدرسية حالة متردية.
وتوجه انتقادات لاذعة إلى جودة الأكلة المدرسية. وتعرض تلاميذ في مناسبات عديدة إلى حالات تسمم.
ويعاني تلاميذ تونس من مشكلة النقل المدرسي، إذ يشتكي الكثيرون من تواضع الأسطول المخصص لتأمين التنقلات بين المدارس والمعاهد وأماكن سكن التلاميذ.