الحزب الحاكم يراجع موقفه بشأن الولاية الخامسة لبوتفليقة

الموقف داخل الحزب الحاكم في البلاد حيال الولاية الخامسة، بصدد بلورة جديدة، وقد يأتي مغايرا للتوقعات المنتظرة.
الثلاثاء 2018/11/27
بوشارب يقود ثورة داخل الحزب

الجزائر - لم تتأخر القيادة الجماعية الجديدة في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، في مباشرة أعمالها الرسمية مباشرة بعد تنصيبها، حيث عقدت الاثنين في مقر الحزب، أول اجتماعاتها لبلورة مخطط عمل يوحي بثورة عميقة داخل الحزب العتيد في الجزائر.

وأعادت القيادة الجماعية المؤقتة في جبهة التحرير الجزائرية في أول قراراتها الأوضاع النظامية إلى مربع الصفر، بعد اتخاذها لقرار حل جميع الهيئات والمؤسسات الحالية، وشروعها في عمل ميداني لإعادة بناء الحزب تحسّبا للمؤتمر الاستثنائي المنتظر بعد الانتخابات الرئاسية القادمة.

ويأتي ذلك بالتزامن مع تأكيد المنسق الوطني الجديد معاذ بوشارب، على أن “جبهة التحرير الوطني غير متسرعة في مسألة مرشحها في الانتخابات الرئاسية القادمة، وأن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة سيعلن عن قراراه في الوقت المناسب”، وهو ما يتنافى مع المواقف السابقة للأمين العام المقال جمال ولد عباس، الذي كان يشدد على “ترشيح الحزب لبوتفليقة لولاية رئاسية خامسة”.

وألمحت المفردات المتداولة بين القيادتين السابقة والحالية، إلى أن الموقف داخل الحزب الحاكم في البلاد، بصدد بلورة جديدة، وقد يأتي مغايرا للتوقعات المنتظرة، في ظل الانتقال من حكم الجزم بولاية خامسة لبوتفليقة في حقبة ولد عباس، إلى أخذ المزيد من الوقت للحسم في المسألة، مما يمهد الأمر لمفاجأة جديدة.

وكان المكتب السياسي واللجنة المركزية والمحافظات والقسمات المشكّلة لهيكلة الحزب، قد تقرّر حلها بموجب تنصيب الهيئة القيادية الجديدة الأحد، على أن تتم عملية انتشار وهيكلة جديدة في قادم الأيام، في خطوة تستهدف استقطاب جميع الفعاليات والأجنحة المتصارعة.

وظلت الهيئات المذكورة، محل صراع محتدم بين مختلف التيارات داخل الحزب، وتتم هيكلتها وفق توجهات القيادات المتعاقبة من أجل ضمان الدعم والولاء بمختلف الاستحقاقات، وكثيرا ما تحولت الصراعات إلى تصفية حسابات عمودية تمتد من أعلى هرم الحزب إلى أقصى نقطة في القاعدة.

ولم تكشف القيادة الجديدة، عن مصير القوانين والنصوص الداخلية الناظمة لشؤون الحزب، لا سيما بعدما صارت محل خرق متعمد في الآونة الأخيرة، وهو ما تجلى في الإبعاد المثير لرئيس البرلمان المخلوع سعيد بوحجة، والاستقالة التي تبيّن أن الأمين العام المتنحي جمال ولد عباس، قد أرغم عليها.

ويمثل التطور الجديد في صفوف الحزب الحاكم بالبلاد، تحولا غير مسبوق في مساره، فلم يشهد خطوات جريئة مماثلة منذ نشأته في 1962، حيث بقيت مؤسسات الحزب قائمة رغم التطورات والصراعات الشخصية.

وذكرت مصادر من الجيل القديم في الحزب لـ”العرب”، أن “جبهة التحرير الوطني لم تشهد ثورة بهذا الشكل على هيئاتها ومؤسساتها، خاصة على المستوى القاعدي (القسمات والمحافظات)، فرغم الصراعات والتحولات التي كانت تعيشها قمة الحزب من حين لآخر، إلا أنه لم نشهد حلا جذريا بهذا الشكل”. وتضاربت ردود الفعل تجاه قرار القيادة الجماعية بحل جميع هيئات الحزب، بين مرحب بدعوى إعادة تنظيم الفوضى المستشرية وسياسة المحاباة والولاء المنتهجة من طرف القيادات السابقة في تعيين الهياكل القاعدية، وبين رافض بدعوى الخرق المتعمد لنصوص ومواثيق الحزب، وفتح المجال أمام فوضى جديدة.

ومع توعّد أحد القياديين الجدد بسعي هيئته “لبعث حزب جبهة التحرير الوطني في حلة وروح جديدتين لمواكبة التطورات السياسية وتنفيذا لتوجيهات رئيس الحزب، رئيس البلاد عبدالعزيز بوتفليقة”، فإن عضو المكتب السياسي المنحل أحمد بومهدي، أعرب عن “استغرابه من الخطوة المتخذة ومن التداعيات المنتظرة على صدقية الحزب أمام الرأي العام، في ظل هذا التسيير الانقلابي”.

وتوحي المؤشرات الجديدة بأن ما يعرف بـ”الحرس القديم”، سيكون مصيره في الصفوف الخلفية للحزب، في ظل تأكيد خطاب القيادة الجديدة على سياسة “التشبيب” و”الوجوه الجديدة”، الأمر الذي يرشح الحزب لأزمة صراع أجيال، ويؤكد تلميحات القيادي طاهر قايس حول “مخطط لاستئصال جيل الشرعية التاريخية من الحزب”.

وعرف حزب جبهة التحرير الوطني سلسلة أزمات متواصلة منذ العام 2003، بسبب الصراعات المحتدمة على السلطة، استهلك خلالها أربعة من الأمناء العامين وعدة هيئات قيادية، ولم يحدث أن تم الانتقال بالطرق الديمقراطية، حيث تتم التحولات في الغالب عن طريق الطرق الملتوية الشبيهة بالانقلابات البيضاء.

4