الحزب الحاكم في الجزائر يطلق حملة للالتفاف على مطالب المحتجين

الجزائر - حملت الأنفاس الأخيرة من الاحتجاج الشعبي الحاشد، ضد ترشح الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، رسائل قوية إلى السلطة، بتوجه المتظاهرين إلى مقار مؤسسات سيادية على غرار البرلمان والحكومة ورئاسة الجمهورية، وحتى مقر وكالة الأنباء الرسمية، التي شذت عن تقاليد الإعلام المحلي، وبثت برقية مثيرة بشأن انسحاب بوتفليقة من سباق الرئاسة.
وتجددت، السبت، دعوات الاحتجاج والتظاهر، خاصة بعد ما وصفه ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي بـ”استفزازات” المنسق العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم معاذ بوشارب، الذي خاطب الرأي العام في تجمع حزبي في مدينة وهران انعقد، السبت، بالقول “للذين يريدون التغيير نقول أحلاما سعيدة.. صح النوم”.
وأظهر خطاب معاذ بوشارب تجاهلا لرسائل المتظاهرين وللمطالب المرفوعة، وحاول الالتفاف عليها بما وصفه بـ”رغبة الرئيس بوتفليقة في التغيير، والسهر على الإصلاحات الشاملة من خلال الندوة الوطنية”، ولم يأبه لدعوات الرحيل الصريحة التي نادى بها المحتجون.
وألمحت برقية لوكالة الأنباء الرسمية في الجزائر إلى إمكانية انسحاب بوتفليقة من سباق الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل القادم، وحملت مفرداتها تمهيدا لانتقال السلطة إلى خطة بديلة تخوض بها غمار الاستحقاق الرئاسي دون المترشح الحالي.
وكشفت الخطوات الأخيرة من الاحتجاج عن مدى الغضب الشعبي من السلطة.
وذكر مصدر تابع أطوار المسيرات الشعبية في العاصمة، بأن محتجين اقتحموا مبنى وكالة الأنباء الرسمية المحاذي لمبنى وزارة الاتصال في حي الينابيع حيث تم استقبالهم هناك، وقامت الوكالة بعد ذلك ببرقية تغطية للمسيرات الرافضة للولاية الخامسة والمنددة بالسلطة.
وجاء في البرقية تقرير عن مظاهرات سلمية بالجزائر العاصمة ومناطق أخرى بالبلاد تعبيرا عن مطالب ذات طابع سياسي، وأن المتظاهرين تنقلوا مباشرة بعد صلاة الجمعة حاملين أعلاما وطنية ولافتات كتب عليها “نعم للعدالة” و”مسيرة سلمية” و”تغيير وإصلاحات”، وطالبوا بوتفليقة بالعدول عن الترشح لعهدة جديدة.
واحتفظت وكالة الأنباء الرسمية طيلة مسارها المهني بتقاليد الإعلام الحكومي المهتم بشؤون النشاط والقرار الرسميين، رغم محاولات إضفاء الطابع العمومي والاحترافي عليها في بعض المراحل.
إقرأ أيضاً:
لكنها تميزت في الفترة الأخيرة بتعاملها المثير مع بعض الأحداث، كما هو الشأن بالنسبة لإقالة الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم جمال ولد عباس. كما تعاطت مع فرض النائب البرلماني معاذ بوشارب، كرئيس للغرفة البرلمانية الأولى (المجلس الشعبي الوطني)، رغم عدم شرعية ودستورية قرار الأغلبية البرلمانية بتنحية الرئيس سعيد بوحجة.
وجاءت الإشارة إلى مطالب المتظاهرين برفض الولاية الخامسة لبوتفليقة، تعبيرا ضمنيا عن قرار يطبخ أو موقف جهة معينة في السلطة لسحب ترشيح بوتفليقة بغية احتواء الغضب الشعبي.
وكان توجه المحتجين، مساء الجمعة، إلى مبنى الرئاسة ورئاسة الوزراء والبرلمان، قد أبلغ رسائل قوية للسلطة، ولا يستبعد أن يتم الانتقال إلى خطة بديلة، ولو أن الأمر في غاية التعقيد بسبب صعوبة تحقيق إجماع بين أركان السلطة على مرشح معين يخلف بوتفليقة.
ويخيم الصمت على أركان السلطة وعلى القوى السياسية الموالية لها، وباستثناء تلميح الوكالة الرسمية لم يصدر أي موقف إلى حد الآن إلا تسريبات عن اجتماع لرئيس أركان الجيش الجنرال أحمد قايد صالح، مع كبار الضباط والجنرالات لبحث التطورات، والخيارات المتاحة للتعاطي مع الوضع الداخلي.
وعزا متابعون للشأن السياسي الجزائري استلهام أغلبية العناوين الصحافية المكتوبة أو المرئية الصادرة السبت، مفردات التغيير وعدول بوتفليقة عن الترشح، من مضمون برقية وكالة الأنباء الرسمية، خطوة تمهيدية للالتفاف على مطالب الشارع، وتحضير الرأي العام المحلي لاستقبال القرار، وحصر سقف مطالب الشارع في جزئية العهدة الخامسة وما وصف بـ”التغيير”.
وينتظر أن تتجدد الاحتجاجات الشعبية، الأحد، تلبية للدعوة التي أطلقتها حركة مواطنة المعارضة، إلى جانب مسيرات شعبية أخرى دعا إليها ناشطون بالمهجر في كل من باريس ومرسيليا وجنيف وكندا، كما أطلق ناشطون من جنوب الجزائر دعوة إلى تنظيم احتجاج شعبي في مدينة ورقلة الأربعاء القادم.