الجهاديون يسيطرون على مناطق حيوية في موزمبيق

شركة توتال الفرنسية تجلي ألفا من موظفيها شرق البلاد.
الاثنين 2021/03/29
لعنة الثروة

 

ضاعف اكتشاف مخزونات ضخمة من الغاز الطبيعي شرق موزمبيق بين عامي 2009 و2010 من الآمال في الحصول على وظائف وحياة أفضل للعديد من السكان المحليين. لكن هذه الآمال سرعان ما تبددت مع سيطرة الجهاديين على مساحات شاسعة من البلاد.

مابوتو - باتت بلدة بالما الواقعة في شمال – شرق موزمبيق على مسافة 10 كيلومترات فقط عن مشروع غاز عملاق تديره مجموعة توتال الفرنسية، في يد جهاديين عقب ثلاثة أيام من الاشتباكات.

وتعوّل موزمبيق، المصنفة أمميا ضمن أفقر 10 دول في العالم، على استغلال الغاز الطبيعي المكتشف حديثا للخروج من دائرة الفقر، لكن سيطرة الجماعات المتشددة على أجزاء واسعة شمالي البلاد تهدد ليس فقط طموحات حكومة موزمبيق بل أيضا الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات المستثمرة بالمنطقة.

وتوجد بالما في منطقة تقود فيها شركة توتال الفرنسية مشروعا استثماريا أجنبيا بقيمة 20 مليار دولار بالقرب من مصنعها للغاز الطبيعي المسال في شبه جزيرة أفونجي.

ورغم التهديد الكبير الذي تمثله الجماعات المتشددة إلا أن التدخل الدولي لمساعدة الحكومة على مواجهته يبدو محدودا.

وقال مصدر لوكالة الصحافة الفرنسية إن “القوات الحكومية انسحبت من بالما، وبالتالي فإن المدينة استولت عليها” جماعات مسلحة. وأضاف مصدر آخر طلب عدم ذكر اسمه أن “بالما في قبضة المهاجمين”.

وشنّت جماعات جهادية بعد ظهر الأربعاء هجوما كبيرا على المدينة بعدما هدأ نشاطها في الأشهر الأخيرة، في تطور سجّل في اليوم نفسه الذي أعلن خلاله العملاق الفرنسي توتال استئناف الأعمال في الموقع الغازي الذي من المفترض أن يباشر العمل فيه العام 2024. بيد أنّ خبراء يشككون في احتمال ارتباط الهجوم بإعلان توتال، نظراً إلى حجمه والتحضير الدقيق الذي يستلزمه.

ويبدو أنّ هدوء الجماعات المسلحة الذي نسب الفضل فيه بدايةً إلى الرد العسكري، يعود على الأرجح إلى موسم الأمطار الذي يبطئ خلاله كلّ شيء، ولكن أيضاً إلى التحضير لهجمات جديدة. وأعلنت مجموعة توتال في بيان السبت تعليق أعمالها في الموقع.

وكان الجهاديون الذين بايعوا تنظيم الدولة الإسلامية العام 2019، أحرقوا العديد من القرى ومارسوا قطع الرؤوس على نطاق واسع بهدف ترهيب السكان.

وأسفر النزاع عن مقتل 2600 شخص على الأقل، أكثر من نصفهم مدنيون، حسب منظمة “أكليد”. كما أدى إلى نزوح أكثر من 670 ألف شخص عن منازلهم، حسب الأمم المتحدة.

وأعلنت هذه الجماعة الإسلامية المسلحة التي تضم عددا يمكن أن يصل إلى ألفي مقاتل حسب مصادر المخابرات العسكرية، مسؤوليتها عن أكثر من 600 هجوم خلال ثلاث سنوات، كما ذكرت المنظمة غير الحكومية “مشروع تحديد موقع الصراع المسلح وبيانات الوقائع”.

وتكافح الحكومة الموزمبيقية، التي تعاني من ضائقة مالية شديدة، لتوسيع قدرات القوات المسلحة الدفاعية الموزمبيقية للتعامل مع التهديد دون تعريض قدرة الجيش للخطر، لكن القوات المسلحة الموزمبيقية أخفقت إلى حد كبير في عرقلة السيطرة على مدينة موسيمبوا دي برايا الساحلية الشمالية، التي استولت عليها الجماعة في أغسطس.

ومن المتوقع أن تحقق مشاريع الغاز الطبيعي المسال الثلاثة الجارية حالياً في موزمبيق إيرادات للحكومة تصل إلى 100 مليار دولار وتضيف 300 مليار دولار إلى اقتصاد البلاد على مدى عمر المشاريع.

وفي 28 أكتوبر، حثّت زيمبابوي مجموعة التنمية لدول الجنوب الأفريقي (سادك) على مساعدة جارتها موزمبيق في محاربة تمرد إسلامي مدمر يثير القلق في جميع أنحاء المنطقة، قائلة إنها لا ينبغي أن تكون الدولة العضو الوحيدة المستعدة لإرسال قوات.

وصرح باتريك تشيناماسا، المتحدث باسم حزب “زانو-بي.أف” الحاكم، للصحافيين في العاصمة هراري بأن الحزب الحاكم في زيمبابوي “يشعر أنه لا ينبغي توقع أن تتعامل موزمبيق بمفردها مع تهديد إقليمي وأمني محتمل بهذه الخطورة والحجم”.

وأكد تشيناماسا على أن التكتل الإقليمي المكون من 16 دولة يجب أن يقوم بتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك، والتي بموجبها يجب مواجهة أي هجوم مسلح ضد دولة عضو بعمل جماعي فوري. وقال إن نداء موزمبيق إلى مجموعة “سادك” للمساعدة لم يتم الرد عليه.

ويرى محللون عسكريون أنه حتى في حال نشر قوات إقليمية في موزمبيق، فإن ذلك “لن يكون له الأثر المرجو”، إن لم تتم “على المدى القصير والمتوسط” معالجة ضعف التنمية والإحباط الذي يشعر به السكان، وهما عاملان يخدمان الجماعات الجهادية.

وفي الأشهر الأخيرة، أصبحت جماعة أهل السنة والجماعة أكثر فتكاً من حيث نطاق وحجم هجماتها (بشكل أساسي الهجمات المسلحة التي تستهدف قوات الأمن أو المدنيين)، على الرغم من أن الجماعة لم تظهر بعد قدرتها على ضرب أهداف مادية بشكل نسبي، بما في ذلك مشروع توتال للغاز الطبيعي المسال، كما أنها لم تستخدم المتفجرات بشكل متكرر مثل العبوات الناسفة.

ومع ذلك، شنت الجماعة هجمات على جزر قبالة ساحل البر الرئيسي لموزمبيق. وبالتالي، من الممكن أن يحدث تطور مستقبلي لاستهداف السفن البحرية التي تعمل في المكونات البحرية لمشروع الغاز الطبيعي المسال.

واستخدمت شركة توتال وشركات النفط الأخرى التي تعمل على تطوير منشأة الغاز الطبيعي المسال مقاولين عسكريين خاصين، وهم بشكل عام أفضل من حيث قدراتهم التدريبية والتجهيزية من القوات المسلحة الموزمبيقية، للمساعدة في حماية أصولهم.

ومن المحتمل أن تحاول حكومة موزمبيق تعطيل توسع الجماعات الجهادية، مع التركيز على نزع فتيل أي تهديدات تشكلها مشاريع الغاز الطبيعي المسال في البلاد. ولكن دون مساعدة خارجية، لن تتمكن مابوتو من احتواء عمليات الجماعة بشكل كبير خارج المنطقة المباشرة لتلك المشاريع.

 
5