الجفاف ومشكلات سلسلة الإمداد يؤجلان تراجع أسعار الغذاء عالميا

أزمة سلسلة الإمدادات ستمتد حتى العام المقبل، بعد أن عرقل تفشي المتحور "دلتا" عمليات الشحن.
الجمعة 2021/09/03
استيراد التضخم

روما – رجحت تحليلات الخبراء وتقارير المنظمات الدولية أن تكبل مشكلات سلسلة الإمدادات العالمية والجفاف الذي يضرب مناطق كثيرة على سطح الكوكب بفعل التغيّرات المناخية محاولات الحكومات للحد سريعا من أسعار الغذاء في الأسواق بعد تتالي القفزات غير المسبوقة خلال الأشهر الأخيرة.

وينبع هذا القلق رغم تأكيد البعض أن ثمة مجموعة من العوامل الأخرى وراء هذه التقلبات الشديدة التي يشهدها سوق السلع الأساسية في الوقت الراهن إلى جانب تأثيرات الأزمة الصحية العالمية، منها العرض والطلب وتغير أسعار العملات والسياسات النقدية للحكومات وأيضا المواقف الجيوسياسية.

وذكرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) في تقريرها الشهري الصادر الخميس أن أسعار الغذاء العالمية قفزت في أغسطس الماضي بعد شهرين من الانخفاض، مدفوعة بزيادات قوية للسكر والزيوت النباتية وبعض الحبوب وخاصة القمح المادة الأساسية في صناعة الخبز.

وبلغ متوسط مؤشر فاو لأسعار الغذاء، الذي يتتبع الأسعار العالمية لمعظم السلع الغذائية الأولية المتداولة عالميا، 127.4 نقطة الشهر الماضي مقارنة مع 123.5 نقطة في يوليو. وعلى أساس سنوي ارتفعت الأسعار بنسبة 32.9 في المئة في أغسطس.

وبينما ارتفعت أسعار الحبوب خلال الشهر الماضي بنسبة 31.1 في المئة على أساس سنوي زادت أسعار الزيوت النباتية بنسبة 6.7 في المئة، وارتفع سعر السكر بنسبة 9.6 في المئة مسجلا زيادة للشهر الخامس على التوالي.

شوا هاك بن: ارتفاع تكاليف الشحن يسهم في تفاقم تضخم أسعار السلع

وأعطى خبراء منظمة فاو التي مقرها روما نظرة متشائمة حينما قالوا إن محاصيل الحبوب العالمية ستبلغ تقريبا 2.788 مليار طن في 2021، انخفاضا من تقديرها السابق البالغ 2.817 مليار طن، لكنها ما زالت مرتفعة عن مستويات 2020.

وتقول فاو إن انخفاض تقديرها لإنتاج الحبوب العالمي خلال هذا العام ناجم عن استمرار أوضاع الجفاف في العديد من الدول المنتجة الرئيسية.

وبين الحبوب الرئيسية شهدت توقعات إنتاج القمح أكبر مراجعة بالخفض، لينزل بـ15.2 مليون طن منذ يوليو إلى 769.5 مليون طن، لأسباب على رأسها الظروف المناخية السيئة في الولايات المتحدة وكندا وكازاخستان وروسيا.

وتتفق بيانات منظمات أممية ودولية تُعنى بمجال توفير الغذاء ومحاربة الفقر والجوع في العالم على أن أسعار السلع الغذائية ظلت ترتفع بشكل مطرد منذ يونيو 2020، تاركة الحكومات تغرق في مأزق كبير، خاصة بعد تضرر الدول من قيود الإغلاق التي فرضتها بهدف تطويق الأزمة الصحية.

لكن هذه المشكلة ليست وحدها التي تُبقي الأسعار مرتفعة، إذ يبدو أن أزمة سلسلة الإمدادات التي كان يفترض أن تكون مؤقتة ستمتد حتى العام المقبل، بعد أن عرقل تفشي المتحورة “دلتا” عمليات الشحن، ما بات يهدّد بالتسبب في المزيد من الصدمات للاقتصاد العالمي.

ونسبت وكالة بلومبرغ للأنباء الاقتصادية إلى هسييه هوي تشوان الرئيس التنفيذي لشركة إيفيرغين المتخصصة في الشحن البحري قوله إن “اكتظاظ الموانئ ونقص سعة حاويات الشحن قد يستمران إلى الربع الأخير من هذا العام، وربما حتى منتصف عام 2022”. وأضاف “في حال تعذر احتواء الوباء بشكل فعّال، فإن اكتظاظ الموانئ قد يصبح هو الوضع الجديد المعتاد”.

وأدت الخسائر داخل الأسواق المحلية في العديد من البلدان إلى تراجع ما لدى السكان المحليين من مبالغ نقدية لشراء الغذاء، في الوقت الذي سبّب فيه تعطل الإمدادات جراء القيود المفروضة على التنقل نقصا كبيرا في السلع والبضائع، ما انجر عنه لهيب في مستوى الأسعار على المستوى المحلي.

ومن هذا المنطلق يرى خبراء أن هذه الوضعية قد تزيد من تكاليف الشحن البحري عبر الموانئ العالمية وبالتالي ستبقى الأسعار، وخاصة أسعار المواد الغذائية، مرتفعة لبعض الوقت. وحذّر شوا هاك بن، كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة البحوث التابعة لمايبانك كيم إنغ، من أن ارتفاع أسعار الشحن قد يسهم في تفاقم التضخم.

وتصاعدت هواجس منظمة التجارة العالمية من عدم قدرة الحكومات على السيطرة على انفلات أسعار السلع، والتي “يمكن أن ترتفع بوتيرة أسرع” إثر المؤشرات التي رصدها مقياسها الشهر الماضي.

وبحسب مؤشر أسعار الغذاء، الذي يصدره البنك الدولي بشكل دوري، ارتفعت أسعار الغذاء على مستوى العالم بنسبة 14 في المئة بنهاية العام الماضي.

وقال خبراء المؤسسة المالية في تقرير نشرته على منصتها الالكترونية في مارس الماضي “من المؤكد أن تترتب على تراجع إمكانية الحصول على الأغذية آثار سلبية على الصحة والتنمية لسنوات قادمة”.

10