الجزائر تعزز التزامها بالتحكيم الدولي لجذب المستثمرين

كثفت الجزائر جهودها لإزالة العقبات أمام الاستثمارات الأجنبية، التي تشتد حاجتها إليها، بتأكيد التزامها بمعايير التحكيم الدولي، لطمأنة المستثمرين وتنظيف سجلّها مع الصراعات الصعبة مع الشركات في العقود الماضية.
الجزائر - قدّمت الحكومة الجزائرية تعهدات جديدة بإجراء تعديلات على منظومتها القانونية في ما يتعلق بالنزاعات من الشركات والمستثمرين الأجانب، وتفعيل آليات الصلح في التحكيم الدولي.
وقال وزير المالية عبدالرحمن راوية إن “الحكومة تعتزم إعادة النظر في النصوص القانونية والتنظيمية التي تسببت في نشوب نزاعات على المستويين المحلي والدولي”.
وأوضح خلال افتتاحه ندوة حول موضوع التحكيم الدولي والاستثمار أنه “سيتم مبدئيا اعتماد المفاوضات، وعدم الخوض في النزاعات أمام المحاكم، وعدم اللجوء إلى التجريم والعقوبات الجنائية إلا في حالات الجريمة المنظمة”.
وشدّد على أهمية دور الدولة في التحكيم الدولي الخاص بالاستثمار من خلال دعم الخبرات المحلية في مجال القانون وإقحامها لمساعدة الدولة ومرافقتها.
وفي سياق آخر مرتبط بتعزيز الثقة بمناخ الاستثمار في الجزائر، بدأت الحكومة باستكشاف التعاون مع صندوق النقد الدولي وطلب مشورته في إعادة هيكلة الاقتصاد.
واستقبلت الجزائر السبت وفد خبراء من صندوق النقد في إطار البعثات الدورية لبحث علاقات التعاون وسبل تعزيز الإصلاحات الاقتصادية.
وتقدّم الوفد الذي زار العاصمة الجزائرية السبت المستشار بقسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، رفقة مجموعة من الخبراء فيما كان في استقبالهم وزير التجارة كمال رزيق، والوزير المنتدب المكلّف بالتجارة الخارجية عيسى بكاي.
وقدّم رزيق للوفد عرضا عن الخطوط العريضة للقطاع التجاري، وبرنامج الحكومة الذي صادق عليه المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة مؤخرا.
واستعرض التوجّه الاقتصادي الجديد للجزائر على قاعدة “الانفتاح على كل الشركاء والمؤسسات الدولية من أجل بناء اقتصاد قويّ ومتنوّع بعيدا عن الريع البترولي”.
وأوضح الوزير أن “الخطوة تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال والتخلّي عن القوانين القديمة لتشجيع رواد الأعمال، وإزالة العقبات أمام الاستثمار الأجنبي”.
وأكد رزيق استعداد الجزائر لفتح قنوات التواصل مع المؤسسة وقبول أي اقتراحات أو مبادرات من شأنها خدمة اقتصاد البلد.
وعبّر ممثل صندوق النقد جون فرونسوا دوفين عن “تفاؤله بمناخ الأعمال والاستراتيجية الجديدة للحكومة في قطاع التجارة”.
وقطعت الجزائر خطوات كبيرة منذ وصول الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى سدّة الحكم في مجال تحديث قوانين الاستثمار من أجل تسريع برامج التنمية وخلق فرص عمل للشباب الذي يواصل ضغطه من خلال الحراك الشعبي مطالبا بإصلاحات جذرية. وتأتي تلك الخطوات في سياق مبادرات كثيرة تطلقها السلطات لإعادة هيكلة الاقتصاد من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
ودعا الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مؤخرا أعضاء الحكومة إلى “تعزيز القواعد القانونية وتفعيل منظومة مالية مرنة تسمح بتحقيق الأهداف المسطرة ودعمها بإجراءات فعّالة وتفعيل الاستثمار المنتج والمعرفي”.
وقال عبدالرحمن راوية إن “وزارة المالية تعتبر أداة مفصلية لبقية قطاعات الاقتصاد، وإنها ستتولّى مهمّة الإشراف على اللجنة الوزارية المشتركة المكلّفة بمراجعة الاتفاقيات الثنائية لمواكبة التغييرات الحاصلة على مستوى التكتّلات الاقتصادية الإقليمية”.
وركّزت الجزائر جهودها لمراجعة النصوص القانونية المنظمة للتحكيم الدولي مما جعل لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي تمنحها رئاسة لجنة مراجعة مدوّنة أخلاقيات التحكيم الدولي.
وتشمل مهام هذه اللجنة بحث الأسباب والحلول الناجعة لظاهرة اللجوء التعسّفي في التحكيم الدولي من طرف بعض المستثمرين كأداة للضغط على الدول النامية، وإعادة النظر في مصادر التمويل المجهولة لنزاعات التحكيم بالنسبة للمتعاملين الاقتصاديين.
وشدّد وزير المالية على أنّ “الجزائر تفضّل دائما التسوية الودية للنزاعات وأنها ساهمت في إثراء اتفاقية الوساطة لحلّ النزاعات على المستوى الدولي في ما يُعرف باتفاقية سنغافورة”.
ودعا مدير التعاون بوزارة المالية علي بوهراوة إلى “مراجعة الاتفاقيات الاقتصادية للبلاد وتوظيف بعض أحكامها، لحماية مصالح البلاد نظرا إلى تعرّض عدد من بلدان المنطقة إلى الخلافات التي تحال على التحكيم الدولي ما يحتّم ضرورة مراجعة الاتفاقيات تحسّبا لأي طارئ”.
وطالب بوضع نقطة توازن بين مصلحة البلد في خلق القيمة المضافة وحاجة المستثمر إلى ضمانات على المستويين القانوني والاقتصادي، خصوصا في ما يتعلق بتقصير آجال مسار قضية النزاع.