الجزائر تطلق نظاما لمكافحة لوبيات الاستيراد

عدلت الجزائر استراتيجية مكافحة لوبيات الاستيراد، وذلك بإطلاق منصة معلوماتية لمراقبة قنوات التبادل التجاري بهدف إضفاء الشفافية وكبح انفلات البضائع غير المطابقة لمواصفات الاستهلاك والمنافية لمعايير التجارة، والتي تسببت في الإضرار بالاقتصاد ومثلت أحد أكبر عناوين الفساد.
الجزائر- أطلقت وزارة التجارة الجزائرية نظاما معلوماتيا لمراقبة البضائع المستوردة عبر الحدود، بهدف تحسين الرقابة لمختلف خطوط التجارة عبر الموانئ والموانئ الجافة والمطارات والمعابر الحدودية، وذلك بغرض وضع حد لغزو البضائع غير المطابقة لمواصفات الاستهلاك والمعايير المطلوبة.
دخلت الرقابة المشتركة بين القطاعات المختصة على البضائع المستوردة حيز التنفيذ، بعد إطلاق لجان تتضمن ممثلي وزارات المالية والزراعة والتجارة والنقل، تضطلع بمهام توحيد الفعل الرقابي على الحدود والمعابر، درءا للاختلالات المسجلة في هذا المجال وقطع الطريق على اللوبيات المتحالفة بين شركات الاستيراد وأعوان الدولة.
وكان إجهاض عملية إغراق السوق المحلية بكميات معتبرة من القمح المستورد من دولة ليتوانيا خلال الأسابيع الماضية، بمثابة جرس إنذار على التهديدات الحقيقية التي تلاحق المستهلك، بسبب ممارسات الفساد والتواطئ بين لوبيات الاستيراد وأعوان في مؤسسات رسمية.
وفي خطوة لمحاربة الفساد المستشري في مجالات الرقابة على الحدود، ومحاربة ممارسات البيروقراطية والابتزاز الإداري، أطلقت وزارة التجارة خلال الأشهر الأخيرة نظاما معلوماتيا يتمثل في تطبيقين إلكترونيين واحد للمستوردين والآخر للمصدرين، ينتظر أن يدخلا حيز الخدمة بداية من الثلاثي الثاني من العام الجاري.
ويسمح هذا النظام بعد انتهاء عملية الرقابة من طرف الوحدات المختصة في التفتيش، بتتبع الحاوية منذ خروجها من الميناء وعبورها الحدود حتى تصل إلى مكان الوصول، حيث تستطيع الجهات الرقابية تحديد مكانها، وهو ما يسمح بممارسة الرقابة عليها في أي نقطة من خط سيرها سواء داخل الولايات (المحافظات) أو حتى خارج الوطن.
وحسب وزير التجارة كمال رزيق، فإن “هذه العملية تعتبر رقابة على الرقابة في المحطات التي تصلها الحاويات، تسمح لوحدات التفتيش بأخذ عينات من الحاويات في أي منطقة تكون فيها والتأكد من تحليلها وإرسال المعلومات المتعلقة بها عبر هذا النظام آنيا، إما من خلال رقابة علمية وتحليلية أو رقابة مخبرية أو عينية”.
وأضاف “وفق النمط تخضع السلع إلى أحد أنواع الرقابة، إلى جانب تحديث القوائم وإرسالها إلى المديريات أين تلزم وحدات التفتيش بإجراء هذه العمليات الرقابية الميدانية، في إطار السعي بأقصى درجة ممكنة لحماية السلع الداخلة إلى السوق الوطنية ومراقبتها وتأمين نوعيتها بما يحفظ صحة المستهلك”.
ولفت المتحدث إلى أنه في إطار توطين هذا النظام الجديد أعلن عن إجراء تحديث كلي على رأس وحدات التفتيش بوزارة التجارة، بتغيير 52 رئيس وحدات تفتيش حدودية بهدف خلق سيرورة أفضل لدى المديريات، حيث ثمّن في ذات السياق مجهودات الرؤساء السابقين.
وظل قطاع الاستيراد في الجزائر يمثل إحدى أكبر بؤر الفساد المالي في البلاد، حيث سبق لوزير التجارة الراحل بختي بلعايب أن صرح بأن “تهديدات طالته حتى وهو داخل وزارته من طرف أحد أباطرة الاستيراد، لما قررت الوزارة عدم تفريغ حمولته في الميناء بسبب عدم مطابقة البضاعة المستوردة (قطع غيار السيارات) للمعايير اللازمة”.
وذكر حينها أن وزير التجارة في الجزائر ليس باستطاعته غلق محل ‘بيتزا’ في العاصمة، بسبب تغول لوبيات النشاط التجاري، وهو ما يجسد التحديات الحقيقية التي يواجهها مسؤولو القطاع أمام شبكات الاحتكار التجاري وتسويق البضائع غير المطابقة لشروط الاستهلاك.
واستدل المتحدث بأن “سيدة أصيبت بتسمم غذائي في أحد محلات البيتزا بالعاصمة، ولما قدمت شكوى للمصالح المختصة، لم تستطع فعل أي شيء بسبب نفوذ صاحب المحل، ورغم إشرافه شخصيا على مسار الشكوى المقدمة”.
ووضع النظام الرقابي الجديد مسؤولية حماية صحة المستهلك على عاتق المدراء الجدد للتجارة، بعد إخضاعهم لدورات تكوينية لاستخدام هذه التقنية الجديدة، يشارك فيها إطارات قطاعات الزراعة والجمارك والدرك والشرطة، باستخدام أدوات الرقمنة.
وشدد رزيق على أنه “ابتداء من يناير 2021 نأمل أن تزول، مع المدراء الجدد، الظواهر السلبية المسجلة سابقا، وأن تمنح مرونة ورقابة أكبر على البضائع الوافدة تنفيذا لمبدأ حماية المستهلك وحماية للاقتصاد الوطني”.
وأكد المدير العام للرقابة الاقتصادية وقمع الغش بوزارة التجارة، لوحايدية محمد، أن النظام المعلوماتي الجديد لمراقبة مطابقة المنتجات المستوردة الموجهة للبيع، لم يمس إجراءات الرقابة الحالية بأي تغيير.
ولفت إلى أن “هذه الإجراءات تبقى خاضعة للإطار القانوني ساري المفعول المتمثلة في القانون المتعلق بحماية المستهلك ومنع الغش، والمرسوم التنفيذي المحدد لشروط المراقبة ومطابقة المنتوجات المستوردة عبر الحدود وكيفيات ذلك، والمرسوم التنفيذي المتعلق بمراقبة الجودة ومنع الغش”.
وزير التجارة في الجزائر ليس باستطاعته غلق محل "بيتزا" بسبب تغول لوبيات النشاط التجاري، وهو ما يجسد التحديات الحقيقية التي يواجهها مسؤولو القطاع أمام شبكات الاحتكار التجاري
وأكد أن “مراقبة ومطابقة المنتجات المستوردة من طرف المتعاملين الاقتصاديين في إطار ما يعرف بالرواق الأخضر، تم التكفل بها في إطار مرسوم تنفيذي حدد شروط وكيفيات الاستفادة من صفة المتعامل الاقتصادي المعتمد لدى الجمارك، حيث تقتصر عملية الرقابة لمطابقة المنتجات المستوردة في هذه الحالة، على التأكد من توفر الوثائق التي يتضمنها الملف خاصة مقرر الاعتماد، مع إمكانية إجراء مصالح التجارة والجمارك للرقابة اللاحقة على مستوى مواقع التخزين”.
وشدد على أن النظام المعلوماتي الجديد يمس كل مراحل العملية الرقابية، ابتداء من فحص ومعاينة الحمولات على مستوى نقاط العبور إلى غاية الرقابة اللاحقة من طرف المصالح الخارجية، عبر ثلاث مراحل على مستوى وحدات التفتيش الحدودية والمديريات للتجارة والمديريات الجهوية.
ويهدف النظام إلى تعزيز فعالية الرقابة على المنتجات المستوردة، وإرساء الشفافية في معالجة الملفات على مستوى المفتشيات الحدودية، مما يساهم في محاربة ظاهرتي التصريح الكاذب والتهريب. كما يتيح هذا النظام إمكانية تتبع مسار المنتجات المستوردة وربط جميع المصالح الأمنية والهيئات الرقابية في ما بينها، مما يسمح بإنشاء بنك معلوماتي خاص بالمتعاملين الاقتصاديين.