الجزائر تضبط خطة لتحفيز القطاع الزراعي

الجهود مركزة على تقليص استيراد القمح وتحقيق الأمن الغذائي.
الثلاثاء 2021/01/05
عرق المزارعين يسقي الأرض العطشى

وجهت الجزائر أنظارها نحو الزراعة، حيث أطلقت خطة لتقييم الأداء والإعداد للمشاريع الزراعية الكبيرة بهدف إنعاش الاقتصاد وتقليص استيراد القمح وتحقيق الأمن الغذائي وتنويع مصادر الدخل، غير أن هذه الخطط تُواجه بمخاوف خبراء من هدر الموارد المائية.

الجزائر - تراهن الجزائر على القطاع الزراعي لإنعاش الاقتصاد وتخفيف الاعتماد على النفط، حيث تعتزم الحكومة تنفيذ مشاريع كبرى قصد تحقيق الأمن الغذائي في وقت تتنامى فيه مخاوف الخبراء من أن تكلف هذه الخطة هدر المقدرات المائية وتغيير خصوصية التربة.

وجدّد وزير الفلاحة والتنمية الريفية عبدالحميد حمداني، التزام الوزارة بتقديم تسهيلات أكثر للمزارعين من أجل الحصول على القروض، لاسيما من خلال إمضاء اتفاقيات بين الوزارة وبنك الفلاحة والتنمية الريفية.

وأكد حمداني في تصريح للإذاعة الحكومية، أن “الاتفاق الذي وقعته الوزارة مع بنك الفلاحة والتنمية الريفية بخصوص القرض الموسمي ‘الرفيق’، وقرض الاستثمار ‘تحدي’، سيسمح للمزارعين بالحصول على قروض بنكية في مدة زمنية قصيرة، خاصة بالنسبة إلى القرض الموسمي، الذي تتم فيه معالجة الملف في حدود 15 يوما، وأن 95 في المئة من طلبات التمويل الموجهة للبنك قد تم قبولها”.

وإلى جانب حزمة التحفيزات المالية التي حشدتها الحكومة من أجل إضفاء المرونة على آليات تمويل النشاط الزراعي، وضعت الوزارة إجراءات إضافية لرفع الإنتاج الوطني في القطاعات الإستراتيجية مثل الحبوب والصناعات الغذائية وتربية المواشي.

وذكر وزير الزراعة في هذا المجال، أن “الأجهزة الإدارية تعكف على التحضير لحملة الزرع، عبر تسخير كل الإمكانيات المادية واللوجستية، من أجل الحصول على مردود أعلى، خاصة وأن هناك مؤشرات تبشر بإنتاج وافر هذه السنة، بفضل نزول الأمطار المستمر، وتوسع اعتماد المسار التقني وأسلوب الري التكميلي”.

مشاريع الزراعة الكبرى تثير مخاوف هدر المقدرات المائية الجوفية وتغيير خصوصية التربة

وأضاف أنه تم ضبط خطة في شهر أغسطس الماضي، لتحديد المزارعين الذين يعتزمون الاعتماد على نظام الري التكميلي.

وفي شرحه لإستراتجية الحكومة للنهوض بالقطاع الزراعي، أكد المتحدث أن “الامتيازات الممنوحة للمزارعين تشمل أيضا تسهيل الحصول على المدخلات الزراعية والبذور، وأن هدف السلطات العمومية هو بلوغ 50 في المئة، من احتياجات البلاد من القمح اللين من أجل خفض الفاتورة الغذائية للبلاد”.

وتعتبر الجزائر التي تمتد على مساحة تفوق المليونين و300 ألف كلم مربع، ويقدر عدد سكانها بنحو 44 مليون نسمة، ثاني أكبر مستورد للقمح في العالم بعد مصر، حيث تصل في بعض المواسم إلى 12 مليون طن، وهو ما يعتبر اختلالا كبيرا في السياسات المنتهجة من طرف الحكومات المتعاقبة.

وأكد حمداني، أن “الدولة لديها كل الإمكانات لتطوير هذه القطاعات الإستراتيجية وأنه يكفي مجرد القيام بعمل مدروس ومنظم، لاسيما وأن الوزارة بصدد إعداد الخارطة الزراعية لتحديد مناطق الإنتاج المخصصة للحبوب أو الاستخدام الرعوي، مع مراعاة إمكانات كل منطقة، فضلا عن العوامل الأخرى مثل تغير المناخ ونقص الموارد المائية”.

وأكد بشأن الزراعة الصحراوية، أن “جنوب البلاد لديه إمكانات قوية لتطوير فروع معينة، مع التأكيد على ضرورة أخذ الجانب البيئي في الاعتبار، فالأمر يتعلق بأنظمة بيئية هشة يجب الحفاظ عليها، كما أن تكثيف النشاط الزراعي لا ينبغي أن يأتي على حساب التنوع البيولوجي في هذه المناطق”.

ولفت إلى أن الديوان الوطني لتطوير الفلاحة في الجنوب، الذي سيتم افتتاحه قريبا، سيتولى القيام بكل المسائل الفنية والتقنية، وأن الاستثمارات المخطط لها في الجنوب ستستجيب لدفتر شروط يتعلق باحترام الأنظمة البيئية والحفاظ على موارد المياه، أعدّه الديوان المذكور.

وتتوجه الجزائر إلى نمط القطاعات الزراعية الكبرى المطبقة في بعض البلدان الكبرى، في خطوة لتحقيق قفزة إنتاجية كبرى، لكن خبراء وفلاحين أبدوا تخوفهم على مصير المقدرات المائية الجوفية، وتغيير خصوصية التربة المحلية، خاصة وأن مشروعات مماثلة فشلت في بعض الدول، كالمملكة العربية السعودية.

عبدالحميد حمداني: المزارعون مُنحوا امتيازات تشمل تسهيل الحصول على البذور

وشدد الوزير حمداني على ضرورة إصلاح الدواوين المهنية التي تم إنشاؤها في البداية لضبط السوق ودعم الإنتاج ثم تحولت إلى مراكز شراء، واستوجب أن “تعود إلى مهمتها الأولية التي تم إنشاؤها من أجلها وهي دعم الإنتاج، فهي مطالبة أيضا بدعم المنتجين وأن تكون في خدمة المهنيين”.

وأضاف “تم البدء في تدقيق محاسبي لتحديد المحاور التي تنوي الوزارة المضي قدمًا فيها، من أجل الاستخدام الأمثل لهذه الدواوين، ويتعلق الأمر بالديوان المهني الجزائري للحبوب، والديوان المهني للحليب، والديوان المهني الوطني للخضر واللحوم”.

كما تعتزم وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، إعادة بعث الإحصاء العام للفلاحة خلال الموسم الفلاحي 2020 – 2021.

وفي هذا الإطار، وقع وزير الفلاحة والتنمية الريفية، عبدالحميد حمداني على منشور يتضمن إعادة بعث العملية التي “ستسمح بمعرفة أدق وكاملة للهياكل الفلاحية قصد التوصل إلى رؤية أفضل للقطاع وتأهيل نظام المعلومة الإحصائية الحالي”.

ولفت بيان للوزارة إلى أن هذه العملية الإحصائية الجديدة تندرج في إطار خارطة الطريق القطاعية 2020 – 2024، وأن إجراء إحصاء وطني خاص بالثروة الحيوانية، الذي يعد جزءا هاما من الإحصاء العام، يندرج ضمن تعليمات رئيس الجمهورية التي أسداها خلال مجلس الوزراء المنعقد في يونيو الماضي.

كما ستسمح هذه العملية، حسب الوزارة، ببناء قاعدة معطيات حول هذا المورد ومن ثمة التحكم الأفضل في فرع اللحوم الحمراء والتموين المستديم للسوق الوطنية، وسيتم الإحصاء الجديد وفق مقاربة أوصت بها المنظمة العالمية للزراعة حسب معيار “سوفت”، ومقاييس موضوعاتية أخرى.

ويعتبر مقياس “سوفت” أحد المعايير الأساسية التي يستعمل فيه استبيان مبسط يتضمن المعطيات الهيكلية لقطاع الزراعة، مع إحصاء مفصل لجميع المستثمرات الزراعية وتربية المواشي، وستشرف على المتابعة التقنية والعملياتية للإحصاء لجان يتم تنصيبها على مستوى جميع الولايات.

11