الجزائر تخشى انفلات المساجد مع اقتراب الانتخابات الرئاسية

وزير الشؤون الدينية يدعو إلى النأي بالمساجد عن التجاذبات السياسية، والمعارضة تنتقد توظيف الحكومة للمؤسسات الدينية والمسجدية خلال الاستحقاقات السياسية والانتخابية.
السبت 2018/06/30
مساجد الجزائر ليست للعبادة فقط

الجزائر- جاءت دعوة وزير الشؤون الدينية الجزائري محمد عيسى إلى النأي بالمساجد عن التجاذبات السياسية وعدم الانخراط بأي شكل في الحراك المتصاعد حول الانتخابات الرئاسية المنتظرة في ربيع العام القادم، لتؤكد تخبط الحكومة في وضع استراتيجية ناجعة للخطاب الديني والدور المسجدي في المشهد العام.

واستغل محمد عيسى فرصة التعليق على حادثة في أحد المساجد بمحافظة الشلف (300 كلم غربي العاصمة)، لتوجيه رسالة لافتة تدعو الأئمة المنتسبين لمصالحه إلى النأي بالمساجد عن التجاذبات السياسية، وعدم الانخراط في أي حراك يتصل بالانتخابات الرئاسية المنتظرة في أبريل القادم.

وقال “يجب على منابر المساجد الابتعاد والامتناع وعدم الانحياز في التوجهات السياسية تحسبا للاستحقاقات المقبلة”، في إشارة إلى إمكانية توظيف مرشح ما للمساجد لخدمته أو لضرب خصمه الذي قد يكون الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.

وأضاف “إن دعوة الجزائريين إلى الانتخاب والتوجه إلى صناديق الاقتراع فعل إيجابي، لكن شرط عدم تسييس المساجد”، وهو ما ظل يعتبر من طرف المعارضة توظيفا للمساجد في المشهد السياسي، خاصة وأن المقاطعة التي تبنتها قوى سياسية خلال الاستحقاقات الماضية، هي موقف سياسي يتوجب الاحترام وله الحق في الترويج لنفسه، في نفس المنابر التي تستعملها السلطة.

وكان رواد شبكات التواصل الاجتماعي قد تداولوا في الآونة الأخيرة على نطاق واسع، تسجيلا يظهر اعتداء أحد الأئمة بمحافظة الشلف على أحد المصلين وفوضى عارمة عمت المسجد لأسباب يرجح أن ترجع إلى خلاف ديني بين الطرفين، لينضاف بذلك إلى موجة الحوادث التي باتت تشهدها بعض مساجد البلاد لأسباب مختلفة.

وأكد وزير الشؤون الدينية أن “الأمر يتعلق برفع الأصوات بين الطرفين ما أدى إلى سقوط بعض المصلين خلال تدافعهم، وقد اطلعت شخصيا على تقرير قضائي حول الحادثة وتبين أن الإمام لم يغادر محرابه، وأن مشروع قانون جديد قيد الإعداد، سيضع حدا لحالات الاعتداء على الإمام وأماكن العبادة”.

وباتت المؤسسات الدينية والمساجد محل صراع محموم بين تيارات دينية وفكرية متضاربة، رغم جهود الوزارة لتأطيرها وهيكلة منتسبيها ضمن خارطة منظمة، من أجل التحكم في الخطاب الذي يروج من على منابرها.

وتناقض دعوة الوزير مواقف بعض المؤسسات الدينية، خاصة منها المستقلة على غرار بعض الزوايا الصوفية، التي جهرت بمواقف سياسية صريحة تدعو وتدعم ترشح عبدالعزيز بوتفليقة إلى ولاية رئاسية خامسة، كما لم تتوان شخصيات ورموز السلطة في التبرك بالزوايا، ما يكرس العلاقة الوطيدة بين الطرفين، ويدحض رسالة الوزير الداعية لحياد المساجد والأئمة.

وانتقدت المعارضة تعمد الحكومة توظيف المؤسسات الدينية والمسجدية خلال الاستحقاقات السياسية والانتخابية، واعتبرت الجبهة الوطنية الجزائرية (قومية) “خطاب الحياد وعدم الانحياز الوارد على لسان وزير الشؤون الدينية، ذرا للرماد في العيون، لا سيما مع الضغوط الممارسة على الأئمة والتدخل في الخطوط العريضة لخطب الجمعة، رغم أن المجتمع ينتظر من المسجد رسالة تراعي اهتماماته وانشغالاته الواسعة، بما فيها محاربة الفساد والمفسدين”.

وترى أن “عدم تسييس المساجد وإخراج الشأن السياسي من أسوار المؤسسات الدينية، مجرد مزاعم لإخفاء انحياز واضح في توجهات الخطاب الديني لصالح خيارات السلطة والترويج لأفكارها وتصوراتها، على حساب نبض والتنوع الاجتماعي والفكري”.

لكنّ مراقبين يقولون إن السلطة جدية في دعوتها لتحييد المساجد وذلك بسبب تصاعد خلافاتها مع التيار السلفي الذي تخشى أن يوظف عددا كبيرا من المساجد التي يسيطر عليها لخدمة مرشح منافس لمرشحها.

4