الجزائريون يستبقون قائمة مرشحي الرئاسة بأضخم مظاهرات

الجزائر– خرجت مظاهرات احتجاجية ضخمة الجمعة في الجزائر، وصفت بـ”الاستثنائية وغير المسبوقة”، تلبية لحملة تعبئة انطلقت منذ أسابيع على شبكات التواصل الاجتماعي، من أجل توظيف رمزية ذكرى عيد الثورة المصادف لأول أيام نوفمبر.
ورفعت المظاهرات الجديدة المطالب السياسية المرفوعة منذ عدة أشهر، التي تنادي بدفع السلطة إلى التنحي والسماح بانتقال ديمقراطي في البلاد.
وشهدت العاصمة الجزائرية ومدن كبرى أخرى في البلاد، مظاهرات شعبية مليونية، منذ ليل الخميس، حيث توافد المحتجون على الساحات والشوارع الكبرى بالعاصمة، لترديد شعارات قوية ليل الخميس ونهار الجمعة، تؤكد توسع الفجوة بين المعارضين والسلطة، وأن الاستحقاق الرئاسي المقرر قبل نهاية العام الجاري سيكون أمام امتحان صعب.
وذكر شهود عيان لـ”العرب” بأنه “لم يحدث أن عرفت الجزائر احتفالات شعبية بذكرى ثورة التحرير منذ الاستقلال، وأن الزخم الذي فرضه الشارع غطى بشكل كلي على التظاهرات البروتوكولية التي دأبت الحكومة على تنظيمها في الذكرى، وأن الشباب الذي يطمح لانتقال ديمقراطي في البلاد يستلهم معركته من معركة ثورة التحرير ضد المستعمر الفرنسي”.
ورغم التدابير التحفظية التي شرعت الحكومة في تطبيقها منذ منتصف الأسبوع، للحيلولة دون دخول أعداد كبيرة من الجزائريين إلى العاصمة للتظاهر الجمعة، إلا أن المحتجين تحدوا تلك العوائق، وسجلت العاصمة مظاهرات ضخمة غير مسبوقة.
المحتجون يطالبون برحيل جميع مكونات السلطة ومن بعدها إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية
وتأتي المظاهرات، التي عبر أصحابها عن رفض إجراء الانتخابات الرئاسية في ظل الشروط والأجواء السائدة، حيث شددت على تنحي السلطة القائمة والذهاب إلى انتقال ديمقراطي حقيقي، وذلك عشية الإعلان المنتظر السبت من طرف السلطة المستقلة للانتخابات عن القائمة النهائية للمرشحين الرسميين لخوض سباق الانتخابات الرئاسية.
ويعقد رئيس السلطة محمد شرفي، السبت، ندوة صحافية يعلن خلالها عن أسماء الشخصيات التي استوفى أصحابها الشروط اللازمة لخوض غمار الاستحقاق الرئاسي، وفتح مهلة الطعن لدى هيئة المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية) للطعن من طرف الراغبين في قرار السلطة.
وتعم أجواء مشحونة في الجزائر بسبب حالة الاستقطاب القائمة بين السلطة والحراك الشعبي، واستمرار مظاهر التعتيم والتضييق على المعارضين، حيث يقضي نحو مئتي معارض وناشط سياسي وصحافي عقوبات سجن متفاوتة بسبب مواقفهم المناوئة للسلطة ولخيار الانتخابات الرئاسية.
ونطق رئيس الدولة المؤقت عبدالقادر بن صالح، لأول مرة بمفردات “المظاهرات والحراك والمعارضين” في الخطاب الذي توجه به الخميس للجزائريين، إلا أنه لم يبد أي نية لدى السلطة في تهدئة الأجواء قبل الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية المقررة في الـ12 ديسمبر المقبل.
ودعا بن صالح “الشعب الجزائري إلى جعل الانتخابات الرئاسية عرسا وطنيا، وإلى التجند من أجل إنجاح هذا الاستحقاق المصيري”.
وقال “إني أهيب مرة أخرى بالشعب الجزائري، ونحن نحتفل بهذه الذكرى المجيدة، أن يجعل من الاستحقاق القادم عرسا وطنيا يقطع الطريق على كل من يضمر حقدا لأبناء وأحفاد شهداء نوفمبر، الذين ننحني بخشوع أمام أرواحهم الطاهرة في هذه المناسبة الوطنية الخالدة”.
وأضاف “إنني على يقين أن الجزائريين لن يتركوا أي فرصة لأولئك الذين يحاولون الالتفاف على قواعد الديمقراطية وأحكامها، وأن الدولة سوف تتصدى لكافة المناورات التي تقوم بها بعض الجهات، وعليه فإن الشعب مدعو من جانبه إلى التحلي بالحيطة والحذر، وأن أبناءه المخلصين مدعوون لأن يكونوا على أتم الاستعداد للتصدي لأصحاب النوايا والتصرفات المعادية للوطن”.
ولفت إلى أنه “لا يحق لأي كان التذرع بحرية التعبير والتظاهر لتقويض حق الآخرين في ممارسة حرياتهم والتعبير عن إرادتهم من خلال المشاركة في الاقتراع، وأنه مهما كانت الظروف، فإن المصلحة العليا للوطن تملي على الدولة الحفاظ على النظام العام والقوانين ومؤسسات الدولة والسهر على أمن واستقرار البلاد”.
وأبدى من جهته المرشح علي بن فليس، مخاوفه من الظروف المحيطة بالاستحقاق الرئاسي القادم، خلال كلمة وجهها للجزائريين بمناسبة عيد الثورة، ذكر فيها “إن الرئاسيات القادمة لا تحظى بالظروف المثالية، وأنه لا يمكن لإجرائها أن يكون مقبولا، إلا إذا تم في كنف النزاهة والشفافية والنقاوة والحياد”.
وأضاف بن قليس لدى طرح تصوراته “إن الجزائر تعيش في هذه الساعات الحرجة، أزمة في منتهى الدقة والحساسية.. أزمة منظومة سياسية بأكملها، وأزمة تصور للحكم وممارسته، وأزمة نظام حكم حرف معناه وغايته، وأزمة حكومة أُخضعت لأساليب بالية، وأنه لا يمكن الاستهزاء بالمواطنة والتنكر للسيادة واغتصاب الحقوق والحريات، ومع ذلك الجزم بأن المقصد هو تشييد جمهورية المواطنة ودولة الحق والقانون”.