الجائحة ليست الوحيدة المسؤولة عن كآبة الأطفال

لندن - حذرت دراسة بريطانية جديدة من ارتفاع نسبة الأطفال غير السعداء بحياتهم في بريطانيا وسائر دول العالم، حيث لا يبدي الكثير من الأطفال الرضى بشأن مدارسهم وأصدقائهم ومظهرهم، على غرار الأزمة الصحية التي كانت لها تداعيات وخيمة على صحتهم النفسية.
وتوصلت الدراسة التي نقلتها صحيفة الغارديان إلى أن عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و15 عاما الذين يقولون إنهم ليسوا سعداء قُدّر بنحو 306 آلاف طفل أي بنسبة 6.7 في المئة.
ووجدت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة إسيكس أنّ 6.7 في المئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و15 عاما أبلغوا عن تعاستهم في عام 2019-2018، بزيادة 3.8 في المئة عن عام 2010-2009.

مارك راسل: من المحزن أن يشعر الكثير من الأطفال بالتعاسة
وتم تسجيل الرقم الأخير، وهو أعلى نسبة مسجلة في العقد الأخير، قبل الجائحة وبالتالي فإنّ هذا الرقم لا يشمل التأثير السلبي للوباء.
وقد عانى واحد من كل 25 طفلا من الاضطرابات النفسية التي حدثت في العام ونصف العام الماضي أعقاب ظهور الجائحة.
وتشمل مجالات عدم الرضا التي أعرب عنها الأطفال مشكلات حول التجارب في المدرسة، والعلاقات مع الأصدقاء والمخاوف بشأن مظهرهم.
وقال مارك راسل الرئيس التنفيذي لجمعية الأطفال البريطانية “من المحزن للغاية أن نرى أن رفاهية الأطفال تسير في تراجع مقلق، وأن يشعر الكثير منهم بالتعاسة”.
وتابع “علاوة على ذلك، لم يتعامل عدد من الأطفال بشكل جيد مع الوباء”. وأضاف “التعاسة في هذه المرحلة يمكن أن تكون علامة تحذير على القضايا المحتملة في سنوات المراهقة اللاحقة”.
وحسب الدراسة فإنّ الأطفال في سن 14 الذين هم غير راضين عن حياتهم هم أكثر عرضة بشكل كبير للتعرض لقضايا الصحة العقلية في عمر 17.
وبالنظر إلى النتائج، يحثّ راسل الحكومة على وضع خطة عمل لتحسين رفاهية الأطفال، وتقييم سعادة الطفل بشكل أفضل على أساس سنوي وتحسين الوصول إلى خدمات الصحة العقلية المناسبة.
وبالإضافة إلى بيانات إسيكس التي تمّ جمعها قبل جائحة كوفيد - 19، أشار التقرير أيضا إلى استطلاع طال الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عاما في المملكة المتحدة هذا العام، والذي وجد أنّ الأطفال صنفوا سعادتهم تجاه حياتهم الأسرية بمعدل 8.1 من أصل عشرة.
وحصلت المدرسة على متوسط تصنيف مرتفع نسبيا، حيث صنف عدد أكبر من الأطفال تجاربهم مع المدرسة على أنها تجعلهم غير سعداء أكثر من أي مجال آخر من مجالات الحياة. وشكل هؤلاء الأطفال 12.2 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع، مقابل 9 في المئة فقط قبل 10 سنوات.
وقال توم مادرز مدير جمعية الصحة العقلية الخيرية للعقول الشابة، في تصريحات صحافية “من المثير للصدمة أن نرى المزيد من الانخفاض في مستوى سعادة الأطفال والشباب وأنّ الآلاف غير راضين عن حياتهم بشكل عام”.
وفي تقديره فإن “العام الماضي كان صعبا للغاية بالنسبة للكثير من الشباب الذين يكافحون من أجل التعامل مع العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة والقلق بشأن المستقبل”.
وخلص بالقول “من الواضح أنّ الوباء ليس سوى جزء واحد من الصورة، مع مواجهة الشباب لضغوط متعددة تؤثر على رفاهيتهم العامة”.
وحسب الخبراء لا يزال من غير المفهوم بالضبط ما الذي يسبب الشعور بالاكتئاب عند الأطفال، لكن غالبا يرتبط هذا بوجود خلل في توازن المواد الكيميائية في الدماغ مما يؤثر على الحالة المزاجية.
وتشمل العوامل التي قد تسبب عدم توازن هذه المواد الكيميائية: التعرض لأحداث مجهدة، مثل تغيير المدرسة، أو طلاق الوالدين أو وفاة أحد أفراد الأسرة.
كما تترك التجارب المؤلمة أثرا لدى بعض الأطفال، فالاكتئاب يصيب نحو 3 من كل 100 طفل، و9 من كل 100 مراهق، وتعد وفاة الأقارب أو التواجد في أماكن الحوادث والحروب وأحداث العنف من أبرز أسباب الاكتئاب.
ويبين الخبراء أن التاريخ المرضي للعائلة قد يمثل سببا رئيسيا من أسباب تعرض الأطفال للاكتئاب.
ويلفت هؤلاء إلى أن الخلافات الزوجية تؤثر سلبا على الحالة المزاجية للطفل، فتجعله عرضة لاستقطاب لأحد الطرفين أو التشتت بينهما، وقد يتعرض الطفل لسوء المعاملة والنبذ في المدرسة أو العائلة، ما يجعله فريسة للاكتئاب.