التوأم الملتصق.. عندما يصبح قتل طفل طوق نجاة لتوأمه

شهد أحد مستشفيات مصر مؤخرا وفاة توأم ملتصق خلال عملية جراحية جرت لمحاولة فصل توأم، وتزامن مع وفاة التوأم الملتصق انطلاق حالة من الجدل الإعلامي حول جدوى إجراء عمليات فصل التوأم الملتصق أو التوأم السيامي.
السبت 2018/05/26
حمل ثقيل

تتعرض أغلب عمليات فصل التوأم الملتصق للفشل وتنتهي بوفاة الجنينين، وفي أحسن الأحوال تتم التضحية بحياة أحدهما حتى يعيش الآخر. وكثيرا ما يعاني التوأم الملتصق -إن بقي على قيد الحياة- من العزلة الاجتماعية ومن السخرية ويتعرضان للمضايقات من قبل المحيطين بهما. فما هي طبيعة التوأم السيامي؟ وأين تظهر هذه الحالات؟ وهل هناك أسباب وراء ظهور مثل هذه الحالات؟

يقول الدكتور مدحت جمال الدين -أستاذ جراحة الأطفال- “تعتبر حالات إنجاب التوائم الملتصقة أو السيامية على مستوى العالم نادرة الحدوث، فهي تتم بنسبة واحد لكل سبعين ألف ولادة على مستوى العالم”، مشيرا إلى أن أكثر الدول التي تحدث فيها هذه الحالات هي الولايات المتحدة الأميركية والصين وجنوب أفريقيا وتايلاند وإنكلترا والبرازيل والمكسيك وغانا ومصر ونيوزيلندا.

وتحدث معظم حالات التوائم الملتصقة بين الإناث بمعدل 70 بالمئة مقابل حدوثها بين الذكور بمعدل 30 بالمئة.

ويشير جمال الدين إلى أن التوأم الملتصق يولد إما بقلب واحد -وأحيانا يكون مشوها- أو بكبد واحد وكذلك بأمعاء واحدة أو مثانة واحدة، هذا إضافة إلى التصاق البعض منه بجدار البطن والصدر، وأصعب المشكلات التي تواجه هذه الحالات تبدأ من مرحلة الولادة، حيث تتوفى نصف حالات التوائم الملتصقة أثناء الولادة، والكثير منها يتوفى في الساعات الأولى من عملية الفصل، والتي قد تطول إلى نحو عشرين ساعة وتحتاج إلى فريق كامل من الأطباء يصل إلى 40 فرداً.

ومن ناحيته يقول الدكتور مجدي عبدالوهاب، أستاذ جراحة الأطفال بكلية طب جامعة القاهرة “بشكل عام نستطيع القول إن نجاح عملية الفصل الجراحي للتوائم الملتصقة يتوقف على سلامة الأعضاء الحيوية للجنينين كالقلب والكبد والأمعاء والكليتين والرئتين، وإلا اضطر الأطباء إلى الاستغناء عن أحدهما من أجل إنقاذ الآخر.

وأضاف عبدالوهاب أن هناك -مثلاً- حالة لتوأم ألماني ولد ملتصقا على مستوى الرأس ولكن كان لكل من المولودين مخ منفصل، ولم يشتركا سوى في بعض عظام الجمجمة. ومن هنا كان من السهل الاحتفاظ بكل منهما أثناء عملية الفصل التي أجراها لهما سبعون جراحاً وطبيباً من كل التخصصات، وفي المقابل لم ينجح الأطباء على مدى أربعة أيام كاملة أجريت خلالها عملية جراحية لفصل توأم ملتصق في سنغافورة، لأنهما ولدا مشتركين في مخ واحد، فاضطروا إلى التضحية بأحدهما.

معظم حالات التوائم الملتصقة تحدث بين الإناث بمعدل 70 بالمئة مقابل حدوثها بين الذكور بمعدل 30 بالمئة

وحول الإمكانيات الطبية والفنية المتوفرة الآن في العالم العربي التي يمكن من خلالها إجراء عمليات جراحية لفصل التوائم الملتصقة بنجاح دون الاضطرار إلى إجرائها في الخارج، يشير عبدالوهاب إلى أنها أصبحت متميزة، إلى جانب توافر الأساتذة والأطباء من مختلف التخصصات وهو ما تحتاج إليه مثل هذه الجراحات، ولا تُستثنى من هذا سوى جراحات فصل التوائم الملتصقة على مستوى المخ، والتي مازلنا نحتاج إلى إجرائها في الخارج.

وعن أسباب إنجاب التوأم الملتصق يقول الدكتور محمد القاضي -أستاذ أمراض النساء والولادة بطب عين شمس- إن ميلاد التوائم العادية يحدث نتيجة أسباب، منها ما يتعلق بالوراثة أو تناول بعض الأدوية المنشطة للمبيض أو حالة أطفال الأنابيب. أما التوائم الملتصقة التي يمكن تشخيصها ومعرفتها في فترة منتصف الحمل، ويتم توليدها عن طريق عملية قيصرية، فهي حالات طبية نادرة الحدوث على مستوى العالم، ولذا من الصعب الجزم بأسباب حدوثها.

وأشار إلى أن سبب ذلك يعود إلى وجود بويضة واحدة تلقحت بحيوان واحد ثم انفصلت إلى قسمين فكون كل منهما جنينا، وهذا الانفصال إذا تم بعد 12 يوما فقط يصبح انفصالا غير كامل وينتج عنه ما يعرف بالتوأم الملتصق، وهو على عكس التوأم العادي أو ثنائي البويضة الذي يحدث بواسطة تلقيح بويضتين بحيوانين منويين.

ومن جانبها تطالب الدكتورة إقبال السمالوطي، الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، بضرورة تكاتف كافة أجهزة الدولة المعنية ومنظمات المجتمع المدني بكافة هيئاته، سواء كانت جمعيات أهلية أو مؤسسات، بالإضافة إلى ضرورة قيام رجال الأعمال بدعم الأنشطة التوعوية التي تستهدف مساندة مثل هذه الحالات الإنسانية التي تتطلب مبالغ باهظة من أجل علاجها عن طريق التدخل الجراحي.

إلا أن السمالوطي تشدد على ضرورة أن يبدأ الدعم الإنساني والاقتصادي لهذه الحالات من مرحلة الزواج نفسها، حيث أن أسباب حدوث مثل هذه الحالات قد تعود إلى زواج الأقارب أو إهمال الكشف الطبي عند الزواج، ومن هنا لا بد أن تتم التوعية بضرورة الفحص الطبي قبل الزواج ومعرفة أسس التوعية الصحية اللازمة عند الارتباط.

وشددت على ضرورة أن تكون التوعية بشكل إلزامي خاصة للأسر الفقيرة والمعدمة، وعلى الجهات المختصة أن تتحمل مسؤولية الطفل المادية بالكامل، ويمكن تقديم الدعم المادي اللازم في صورة خدمات طبية ومادية للطفل وللأسرة خاصة إذا كان للأسرة عدد كبير من الأبناء إضافة إلى التوأم الملتصق.

21