التكنولوجيا اليابانية تتحدى الوباء وتساهم في تنظيم فعال لأولمبياد طوكيو

الالتجاء إلى الروبوتات للتقليل من عدد المتطوعين من البشر في ضوء انتشار الجائحة.
الأحد 2021/08/08
التطور التقني العنوان الأبرز لأولمبياد طوكيو

رغم العديد من المخاوف والمعارضة العامة واسعة النطاق لإقامة دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو في ظل تفشي فايروس كورونا بالعاصمة اليابانية حاليا، إلا آن التكنولوجيا اليابانية كسبت الرهان ونجحت في تحدي الوباء من خلال مساهمتها الفعالة في تنظيم المناسبة الرياضية، والتجأت إلى الروبوتات للتقليل من عدد المتطوعين من البشر وذلك توقيا من خطر العدوى، كما اعتمدت على تكنولوجيات البث حتى يتمكن المشاهد من عيش الحدث ومواكبته.

طوكيو – سلط أولمبياد طوكيو الضوء على مدى تفوق التكنولوجيا اليابانية التي نجحت في تحدي الوباء على الرغم من المخاوف من العدوى والإصابات، حيث ساهمت التكنولوجيا بشكل فعال في تنظيم الأولمبياد خلافا لكل التوقعات.

وفيما توقع متابعون أن يكون الأولمبياد نسخة باهتة من الاحتفالات السابقة، حاول المنظمون التعويض على المشاهدين بالاعتماد على تكنولوجيات البث وابتكارات متطوّرة ليتمكنوا من عيش الحدث.

كما تمكن الرياضيون أيضاً من تلقي التشجيع من خلال شاشات عرض لمشاهد فيديو (سيلفي) مرسلة من كل أنحاء العالم، والتواصل عن طريق الفيديو مع أحبائهم بمجرد انتهاء مسابقاتهم.

وعلى ضوء انتشار الجائحة تصدرت الروبوتات المشهد في محاولة للتقليل من عدد المتطوعين من البشر وذلك توقيا من مخاطر العدوى والموجة الجديدة لفايروس كورونا المستجد.

ووقع استخدام روبوتات الدعم الميداني ذاتية القيادة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والمزودة بكاميرات وأجهزة استشعار لاسترداد عناصر مثل الرماح التي يطلقها الرياضيون، إضافة إلى روبوتات الدعم البشري وروبوتات دعم التوصيل المخصصة لتوجيه المتفرجين وإحضار الوجبات الخفيفة والمعدات المختلفة.

وعلى سبيل المثال يهدف الروبوت T-HR3 إلى إنشاء تجربة معززة عن بعد للتواجد في الألعاب، حيث يقوم بنقل الأصوات والصور إلى الروبوتات الشريكة في المواقع البعيدة. وبحسب شركة تويوتا فإن هذا الروبوت قادر على تحية الرياضيين “هاي فايف” بيده كما يفعل البشر، ويستطيع أيضاً إجراء محادثة مع الناس.

نسخة بعيدة عن الاحتفالات السابقة الباهتة
نسخة بعيدة عن الاحتفالات السابقة الباهتة

ويقول توموهيسا موروداريا قائد فريق تطوير الروبوتات “بالنظر إلى المستقبل، نعتقد أنه سيكون هناك طلب كبير على الروبوتات التي يمكنها إنجاز المهام الدقيقة والتفاعل الآمن مع البشر”.

وبالإضافة إلى ذلك استخدمت تميمة أولمبياد طوكيو 2020 التي تحمل اسمي Miraitowa وSomeity من أجل تحية المتفرجين والرياضيين في الأماكن الرسمية.

ووقع تجهيز التميمة بأعين رقمية وكاميرات تمكنها من الاستجابة إلى التفاعل البشري، كما وقع استخدام أنظمة التعرف على الوجه لاكتشاف الزوار.

وفي إطار الإجراءات الأمنية وقع استخدام تقنية التعرف على الوجه في أولمبياد طوكيو لأول مرة، كما طالب المشرفون من جميع الأشخاص المعتمدين الذين يحضرون الألعاب والبالغ عددهم أكثر من 300 ألف شخص استخدام التكنولوجيا للوصول إلى ملاعب التدريبات والمنافسات وأماكن الإقامة.

وتحل تقنية التعرف على الوجه محل عمليات التحقق التقليدية من الهوية. وتساهم هذه التقنية في تقليل أوقات الانتظار إلى النصف. وتم أيضا استخدام أنظمة التحليلات NEC للكشف عن السلوك ومراقبة الحشود والمركبات أثناء منافسات أولمبياد طوكيو .

وبالنسبة إلى المنافسة الرياضية فقد وقع استخدام ما يسمى بتقنية التوأمة الرقمية التي تنشئ نسخة افتراضية من أماكن وأنظمة العالم الحقيقي لإنشاء محاكاة ثلاثية الأبعاد لمسارات السباق ونشر الكاميرات والملاعب. وتسمح هذه التقنية للرياضيين بتجربة الاصطفاف في كتلة البداية قبل الحدث. ويمكن للمشاهدين أيضًا رؤية المنظر من المقاعد والتنقل في الحديقة الأولمبية من خلال المحاكاة الرقمية.

وحسب ما نقلته تقارير إعلامية باتت التكنولوجيا تلعب دوراً مركزياً في إعداد الرياضي للمنافسة الأولمبية، حيث يشارك علماء ومحللون ومبتكرون في الأبحاث وتطوير المنتجات التي تساعد رياضييهم على الفوز، والبعض من هذه التقنيات ظهر بالفعل في الدورة الماضية من أجهزة الاستشعار التي تتعقب عدد ضربات السباح داخل المسبح، إلى نظارات الواقع المعزز التي يمكنها إظهار معدل ضربات قلب راكب الدراجة الهوائية، وغيرها من المعلومات، أما البعض الآخر فظهر قبل وأثناء دورة طوكيو.

روبوتات الدعم الميداني ذاتية القيادة وقع استخدامها لاسترداد عناصر مثل الرماح التي يطلقها الرياضيون

ولاحظ الخبراء استخدام الفرق الأولمبية تقنيات الميكانيكا الحيوية وتحليل البيانات لتحديد وفحص أسلوب لعب الرياضي وتحسينه، وذلك بعد تدخل وتوجيه المدرب أو عند العودة من الإصابة، ففي رياضة السباحة على سبيل المثال تستخدم كاميرات الفيديو عالية السرعة ومربعات البداية التي تحتوي على أجهزة الاستشعار لقياس قوى وحركات السباح عند الانطلاق والعمل على تحسينها.

وحتى يتمكنوا من عيش الحدث اعتمد المشاهدون أكثر من أي وقت مضى على تطوّر تكنولوجيات البث.

وللتعويض عن غياب المشجعين في الملاعب أنشأت “أو.بي.أس” تسجيلات صوتية من ضوضاء الجماهير في الألعاب السابقة لتتكيف مع كل رياضة، وسيتم بثها في أماكن المنافسات.

وللمرة الأولى تم تصوير الألعاب بالكامل وإتاحتها للقنوات بدقة عرض “4 ك”، كما تمكن المشاهدون اليابانيون الذين يمتلكون تلفزيونات أكثر تطوراً من مشاهدة بعض المنافسات بدقة “8 ك”، وهي دقة أعلى بأربع مرات من التي تستخدمها قناة “أن.أتش.كي” اليابانية الرائدة عالمياً في هذا المجال منذ العام 1995.

وأوضح تاكايوكي ياماشيتا من مركز الأبحاث التكنولوجية التابع لـ”أن.أتش.كي” في تصريحات سابقة أن “إحدى نقاط القوة في ‘8 ك’ هي أنها تعرض تفاصيل حركة الأجسام على الشاشة بطريقة لا مثيل لها”، مشيراً بشكل خاص إلى الحركة البطيئة عالية الجودة من خلال كاميرات طوّرت مؤخراً.

لكن مدير قسم الرياضة في “فرانس تيليفيزيون” لوران – إريك لو لاي اعتبر في تصريح سابق لوسائل إعلامية أن “السباق لا ينبغي أن يكون على دقة العرض”، قبل أن يستحضر حداثة القناة الخاصة بهذه الألعاب، وهي منصة الواقع الافتراضي على خليج طوكيو.

وكانت شركة إنتل استخدمت تقنية الواقع الافتراضي الخاص بها من أجل تقديم تجربة غامرة لمشاهدة أحداث طوكيو للموجودين في ملاعب المنافسات، التي تم استخدامها سابقًا في دورة الألعاب الشتوية لعام 2018.

وتميز الإصدار الأحدث من تقنية الواقع الافتراضي بدعم المشاهدة بجودة “8 ك” مع دعم مشاهدة الأحداث عبر تقنية 360 درجة.

وتم عرض العديد من الأحداث من أولمبياد طوكيو من خلال الواقع الافتراضي، بما في ذلك حفل الافتتاح وألعاب المضمار والجمباز والملاكمة وكرة الطائرة الشاطئية.

ومن المرتقب أيضا توفير تجربة مشاهدة حفل الختام عبر تقنية الواقع الافتراضي. ويسدل الستار على أولمبياد طوكيو الأحد بدون حضور جماهير في ظل جائحة فايروس كورونا المستجد.

17