التكفيريون في سيناء يؤكدون وجودهم باستهداف الجيش

القاهرة – حملت العملية الإرهابية التي قام بها تكفيريون في سيناء ضد ثمانية من أفراد الجيش المصري رسالة قوية بأن العمليات الممتدة التي قامت بها قوات الأمن لم تفلح في التخلص منهم، وأنهم لا يزالون قادرين على الفعل والإمساك بزمام المبادرة.
وأعلن الجيش المصري الأحد أنّه تمكن من قتل 89 تكفيريا شديدي الخطورة خلال عملياته العسكرية في سيناء شمال شرق القاهرة، مشيرا إلى مقتل وجرح ثمانية من أفراده في هذه العمليات.
ولم يعلن بيان الجيش عن الجهات التي إليها هؤلاء الإرهابيين، كما لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن استهداف الجنود المصريين في حينه.
وقال بيان للجيش المصري نُشر على الصفحات الرسمية للمتحدث باسم القوات المسلحة المصرية غريب عبدالحافظ على مواقع التواصل الاجتماعي “خلال الفترة السابقة نجحت القوات المسلحة في توجيه ضربات متلاحقة للعناصر الإرهابية وتنفيذ عدد من العمليات النوعية”.
وتمكنت قوات الأمن من ضبط أسلحة آلية وذخائر وعبوات ناسفة، واكتشاف وتدمير 13 فتحة نفق تستخدمها العناصر الإرهابية في التسلل إلى شمال سيناء.

منير أديب: الإرهابيون انتقلوا إلى مشروع قائم على إثارة الفوضى
وتشير هذه الأنفاق إلى أن عناصر إرهابية دخلت مؤخرا من قطاع غزة المجاور لسيناء من جهة الشمال ونجحت في نصب كمين لقوات الجيش، وهو الأمر الذي كاد يختفي في الفترة الماضية بعد توصل قوات الأمن المصرية إلى اتفاهمات مع حركة حماس المسؤولة عن إدارة غزة أدت إلى ضبط حركة المتطرفين باتجاه سيناء.
وقامت القوات الجوية بالتنسيق مع قوات حرس الحدود بتوجيه ضربات استباقية للعناصر الإرهابية من خلال رصد واستهداف وتدمير 200 عربة دفع رباعي بعضها محمل بالأسلحة والذخائر في أثناء محاولاتها اختراق المناطق الممنوعة على الحدود الغربية والجنوبية للبلاد.
وأكد الخبير العسكري المصري اللواء حمدي بخيت لـ“العرب” أن ما يحدث في سيناء من هجمات نوعية متفرقة يستهدف الإيحاء بأن التنظيمات الإرهابية موجودة ولا أحد يستطيع القضاء عليها، وهذا يتنافى مع الواقع الموجود في سيناء.
وأضاف أن هذه التنظيمات انتهت عمليا وجرى إنهاك ما تبقى منها، وكل ما يجري على الأرض من محاولات يندرج ضمن الضربات الفردية من شخصيات متشددة تسعى لطمأنة جماعات إرهابية عابرة للحدود بأن سيناء بؤرة للمتطرفين، لافتا إلى أن الاعتداءات على الأمن تتم على فترات متباعدة ومحدودة التأثير.
ويشير خبراء في متابعة الحركات التكفيرية إلى أن الخلايا التي نشطت في سيناء كانت تتسم بالعمل في إطار عنقودي حتى تلاشت هذه الظاهرة وأصبحت فردية بعد نجاح الجيش المصري في القضاء عليها بقوة السلاح وتفكيك الكثير من بؤرها ووقف الدعم اللوجيتسي والاستخباراتي وسد الكثير من الثغرات التي يدخلون منها.
وتواجه مصر منذ سنوات تصعيدا في أنشطة المتطرفين في شمال ووسط سيناء، تصاعدت حدّته بعد الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013 عقب احتجاجات شعبية حاشدة ضد حكمه.
كل ما يجري على الأرض من محاولات يندرج ضمن الضربات الفردية من عناصر متشددة تسعى لطمأنة جماعات إرهابية عابرة للحدود بأن سيناء بؤرة للمتطرفين
وأطلق الجيش المصري في فبراير 2018 حملة واسعة ضد مجموعات مسلحة ومتطرفة وبؤر إرهابية باسم “سيناء 2018” بهدف تجفيف منابع التكفيريين وتلتها بإجراء تغييرات هيكلية في المناطق التي يتمركزون فيها لسد المنافذ التي يتسللون منها أو يحتمون بها، ما قلل العمليات الإرهابية وتراجع نسبها بطريقة كبيرة.
وقال منير أديب الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة إن ما تبقى من تنظيمات مسلحة في سيناء انتقل من مرحلة الهجوم المنظم إلى بناء مشروع قائم على إثارة الفوضى وبث الرعب في نفوس المواطنين المقيمين هناك ومحاولة إثبات الذات للتأكيد على أن حلم تحويل سيناء إلى ولاية إسلامية تابعة لداعش لم ينته تماما.
وأوضح لـ“العرب” أنه من المنطقي استمرار العمليات الإرهابية الفردية لأن انعدامها كليا يعني أن التنظيم سوف يخسر كل الدعم المالي القادم إليه من الخارج، ما يشي بأن كل هذه المحاولات تستهدف في المقام الأول الإيحاء بأن تكفيريي سيناء موجودون على الأرض ولديهم من القدرات ما يمكنهم من الإعلان عن أنفسهم من حين لآخر.
ويعيد مقتل وإصابة ثمانية من الجنود إلى الأضواء ملف العنف والإرهاب في مصر التي تعافت كثيرا منه وبدأت تستعيد جانبا كبيرا من الأمن والاستقرار في كافة ربوعها، بما فيها سيناء، ما جعلها مهيأة لاستقبال أفواج من السائحين الأجانب قريبا.