التكاليف الباهظة تربك سوق الحديد في تونس

شركات صناعة الحديد في تونس تتكبد خسائر في الإنتاج.
الجمعة 2021/10/01
لإنتاج لا يغطي التكلفة

تونس - تصاعدت تحذيرات قطاع صناعة الحديد في تونس من مخاطر دخول السوق في ركود أكبر محتمل خلال الفترة المقبلة، بسبب التكاليف الباهظة لعمليات الإنتاج والتسويق في ظل تضاؤل هوامش تحرك الشركات.

وانتقدت الغرفة الوطنية لمصنعي الحديد الإجراءات الحالية. وأكدت في بيان أن تسعيرة بيع الحديد المعدّ للبناء، التي حددتها وزارة التجارة وتنمية الصادرات لا تغطي كلفة الإنتاج وتفاقم من متاعب الشركات العاملة في القطاع.

ونسبت وكالة الأنباء التونسية الرسمية إلى رئيس الغرفة محمد الهادي بن عياد قوله إن “أسعار المواد الأوليّة المستوردة (البليت) شهدت ارتفاعا ملحوظا”.

ويتم توريد طن البليت بألفي دينار (712.4 دولار) في حين يتم تسعير الطن الواحد المعد للبناء بنحو 1950 دينارا (694.6 دولار) ولا يغطي هذا السعر تكلفة رسوم المواد الموردة التي تنضاف لها كلفة الإنتاج والتي تشمل استهلاك الطاقة وفوائض القروض البنكية وأجور العاملين.

ويتولى مصنع الفولاذ الحكومي في مدينة منزل بورقيبة التابعة لولاية بنزرت إنتاج الحديد وتزويد السوق المحلية مع 5 وحدات أخرى بنحو نصف مليون طن سنويا، غير أن الشركة تواجه أزمة ارتفاع التكاليف التشغيلية وتقلص الطلب المحلي، ما جعل إنتاجها يتراجع بشكل غير مسبوق.

محمد الهادي بن عياد: يجب زيادة السعر بنسبة 15 في المئة لتغطية تكاليف الإنتاج فقط

وأظهر تقرير لوزارة المالية أن الشركة المملوكة للدولة راكمت خسائر بقيمة بلغت نحو 268 مليون دينار (97.4 مليون دولار) إلى حدود نهاية 2018.

ويرى خبراء في القطاع أن التداعيات السلبية لصناعة الحديد تنعكس بشكل فوري على مختلف القطاعات المرتبطة بها وفي مقدمتها شركات التطوير العقاري والبناء والإنشاءات.

ولكن الأمر لا يمس تلك القطاعات فقط، حيث تقول أوساط الأعمال التونسية إن المستهلكين هم من يدفعون ضريبة هذه الوضعية بسبب عدم قدرة المطورين على تقاسم الأعباء مع مشتري العقارات.

ويعتقد بن عياد أنه من المفترض أن يتم الترفيع في سعر الطن بنسبة 15 في المئة أي نحو 300 دينار (107 دولارات) لتغطية تكاليف الإنتاج فقط دون توفير هامش الأرباح بهدف مراعاة القدرة الشرائية للتونسيين.

وكانت الغرفة التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب الأعمال) قد أكدت في وقت سابق أنها مستعدة للتأقلم مع الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد من نهاية يوليو الماضي للحفاظ على القدرة الشرائية التونسيين.

وقالت في بيان حينها إنها ستعمل “على ترشيد الأسعار والحفاظ عليها قدر الإمكان من ناحية، ومن ناحية أخرى تشجيع الرأسمال الوطني عبر دعم المستثمرين التونسيين”.

وجاء تعليقها بعد أن أكد الرئيس قيس سعيد أثناء معاينته أواخر أغسطس الماضي مستودعا للحديد بمنطقة بئر مشارقة بولاية زغوان جنوب العاصمة حيث تم حجز 31 ألف طن من الحديد مخزنة بغرض المضاربة، أنه سيتعامل بحزم ضد محتكري السلع والخدمات بمختلف القطاعات في السوق المحلية.

ولم يتمكن مصنعو الحديد منذ ارتفاع أسعار بيع المواد الأولية عالميا من توفير كميّات كبيرة منها نظرا للوضعية المالية العسيرة التي يمرّون بها خاصة أمام اقتران هذا الارتفاع بالزيادة الكبيرة في تكاليف النقل فضلا عن باقي عناصر كلفة الإنتاج، بينما لم يتمّ تحيين سعر البيع بما يتماشى مع هذه التغييرات.

الغرفة الوطنية لمصنعي الحديد انتقدت الإجراءات الحالية وأكدت في بيان أن تسعيرة بيع الحديد المعدّ للبناء لا تغطي كلفة الإنتاج

وتؤكد البيانات الرسمية حول نتائج أعمال شركات القطاع في الأشهر القليلة الماضية أن المصنعين واصلوا عمليات البيع دون تحقيق أرباح وهو ما يؤثر على استدامة أعمالهم ويتنافى في الوقت نفسه مع القوانين المنظمة للمنافسة والأسعار.

ويمارس القطاع ضغوطا على وزارة التجارة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة في أقرب الآجال كي يتم إصدار طلبيات التوريد من المواد الأولية بشكل يؤمن تزويد المصانع والسوق بصورة مستقرة.

وتقول الغرفة إن طلبها يأتي “نظرا لتراجع مخزون المواد الأولية، الذي من شأنه أن يؤدّي إلى فقدان حديد البناء على المدى القريب وهو ما يجب تفاديه من قبل كل الأطراف”.

وفي مارس الماضي، زادت وزارة التجارة أسعار طن الحديد بواقع 10 في المئة، لتصل في أقل من أسبوعين إلى 25 في المئة، وهو ما اعتبره القطاع زيادة مجحفة لا تراعي قدرات المطورين والشركات العقارية في ظل تداعيات الوباء الذي استنزف مختلف مفاصل الأعمال.

وسبق أن أقرت الوزارة في يناير الماضي زيادة في أسعار حديد البناء بنسبة 15 في المئة، ما جعل الشركات المباشرة لمشاريع تم التعاقد بشأنها قبل هذه الزيادات غير قادرة على تحمل هذه الأعباء وتتعرض إلى مخاطر كبرى قد تصل إلى الإفلاس.

11