التقارب بين طالبان وباكستان يثير غضب الأفغان

احتجاجات في كابول تعكس تحديا للحركة المتشددة.
الأربعاء 2021/09/08
ضغط شعبي

أثار التقارب المتزايد بين حركة طالبان المتشددة في أفغانستان وباكستان المجاورة غضب الأفغان، الذين خرجوا في العاصمة كابول بالمئات الثلاثاء لرفض تدخل إسلام أباد في شؤونهم وكذلك تلبية لدعوة قائد المقاومة الوطنية أحمد مسعود الذي دعا سابقا إلى انتفاضة كبرى ضد طالبان التي استعادت مؤخرا الحكم في البلاد.

كابول - شهدت العاصمة الأفغانية كابول عدة مسيرات الثلاثاء شارك فيها المئات رفضا للتقارب بين حركة طالبان المتشددة التي عادت إلى الحكم مؤخرا وباكستان المجاورة وذلك في مؤشر على تحدي الأفغان للحركة التي سيطرت الاثنين على كامل البلاد بعد سقوط وادي بانشير بيدها.

وأطلق عناصر من طالبان النار في الهواء لتفريق هؤلاء المحتجين الذين تظاهر بعضهم تلبية كذلك لدعوة قائد جبهة المقاومة الوطنية أحمد مسعود الذي تقهقرت قواته أمام مقاتلي طالبان في وادي بانشير.

ولم تعلن طالبان عن تشكيلتها الحكومية بعد، لكن يتخوّف كثيرون في العاصمة من إعادة الحركة فرض نظام حكمها السابق الذي اتسم بالقمع من عام 1996 حتى 2001.

ونظّمت ثلاث مسيرات على الأقل في أنحاء كابول، في خطوة تعبر عن معارضة ما كان يمكن تخيلها في عهد طالبان الأول، عندما كان يجري إعدام الناس علنا وقطع أيدي اللصوص.

وقالت المتظاهرة سارة فهيم (25 عاما) التي شاركت مع أكثر من 70 شخصا معظمهم نساء في أحد التجمّعات خارج مقر السفارة الباكستانية “تريد النساء أن تكون بلادهن حرة. يردن أن يعاد إعمارها. تعبنا”.

وأضافت “نريد أن يعيش جميع أبناء شعبنا حياة طبيعية. إلى متى سنعيش في هذا الوضع”؟

ورفع الحشد لافتات وهتفوا بشعارات للتعبير عن امتعاضهم من الوضع الأمني وللمطالبة بالسماح بالسفر بحرية فيما اتّهموا باكستان بالتدخل، نظرا للعلاقات التاريخية الوثيقة التي تربطها بطالبان.

وكانت باكستان واحدة من ثلاث دول فقط اعترفت بحكومة طالبان الأخيرة، ولطالما اتُّهمت بتوفير ملاذ آمن لقادة الحركة بعدما أطاح بهم الغزو الذي قادته واشنطن عام 2001.

وزار رئيس الاستخبارات الباكستانية فايز حميد كابول نهاية الأسبوع، للحصول على إيجاز من سفير بلاده حسب وسائل إعلام، لكن يرجّح أنه التقى أيضا مسؤولين من طالبان.

محتجون هتفوا بشعارات للتعبير عن امتعاضهم من الوضع الأمني فيما اتّهموا باكستان بالتدخل نظرا لعلاقاتها التاريخية بطالبان

وأظهرت تسجيلات مصوّرة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مسيرة أخرى شارك فيها أكثر من مئة شخص جابوا الشوارع تحت أنظار مسلّحين من طالبان.

وقالت متظاهرة أخرى تدعى زهرة محمدي، وهي طبيبة من كابول، “نريد أن تصبح أفغانستان حرة. نريد الحرية”.

كما خرجت تظاهرات متفرّقة في مدن أصغر خلال الأيام الماضية، بينها هرات ومزار الشريف حيث طالبت النساء بدور في الحكومة الجديدة.

وقال مسؤول في طالبان يتولى الإشراف على أمن العاصمة ويدعى الجنرال مبين إن حراسا في طالبان استدعوه إلى المكان قائلا إن “النساء يحدثن اضطرابات”.

وقال “تجمّع هؤلاء المتظاهرون بناء فقط على تآمر مخابرات خارجية”.

وأفاد صحافي أفغاني كان يغطي التظاهرة بأن طالبان صادرت بطاقة هويته الإعلامية والكاميرا التي كانت بحوزته.

وقال “تعرّضت للركل وطلب مني المغادرة”.

Thumbnail

وفي وقت لاحق، قالت جمعية الصحافيين الأفغان المستقلين التي تتخذ من كابول مقرا إن 14 صحافيا، من أفغان وأجانب، أوقفوا لفترة وجيزة خلال الاحتجاجات قبل إطلاق سراحهم.

وأضافت في بيان أن “الجمعية تدين بشدة التعامل العنيف مع الصحافيين في التظاهرات الأخيرة وتدعو سلطات الإمارة الإسلامية إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع العنف وحماية الصحافيين”.

وأظهرت صور تم تداولها على الإنترنت مراسلين مصابين بجروح وكدمات في أيديهم وركبهم.

وفي الأثناء، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن طالبان كررت تعهّدها السماح للأفغان بمغادرة البلاد بحرية.

وقال في مؤتمر صحافي في الدوحة حيث التقى ووزير الدفاع لويد أوستن نظيريهما القطريين إن طالبان أكدت للولايات المتحدة “بأنها ستسمح للأشخاص الحاملين لوثائق سفر بالمغادرة بحرية”.

ويواجه الرئيس الأميركي جو بايدن ضغوطا متزايدة في ظل تحدّث تقارير عن أنه تم منع المئات من الأشخاص، بينهم أميركيون، من مغادرة مطار في شمال أفغانستان على مدى أسبوع.

وفي سياق متّصل، تحدث رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي ونظيره الصيني شي جينبينغ عبر الهاتف الثلاثاء لمناقشة عقد قمة استثنائية لمجموعة العشرين بشأن الوضع في أفغانستان.

وتأتي تظاهرات الثلاثاء غداة إعلان طالبان أنها باتت تسيطر على كامل الأراضي الأفغانية، مشيرة إلى أنها انتصرت في معركة مهمة للسيطرة على وادي بانشير.

وبعد النصر الخاطف الذي حققوه في منتصف أغسطس على قوات الأمن الأفغانية السابقة وانسحاب القوات الأميركية بعد 20 عاما من الغزو، تفرّغ عناصر طالبان لقتال قوات المقاومة التي كانت تدافع عن المنطقة الجبلية.

ومع إعلان الحركة انتصارها الاثنين، حذّر الناطق باسمها ذبيح الله مجاهد من أي محاولات للانتفاض على حكمها.

وقال في مؤتمر صحافي في كابول “كل من يحاول بدء تمرد سيتلقى ضربة قاسية. لن نسمح (بتمرّد) آخر”.

وفي وقت سيكون على طالبان الإشراف على مؤسسات رئيسية ومدن يقطنها مئات الآلاف، تواجه الحركة أزمات مالية وإنسانية.

5