"التغريبة.. بنت الزناتي" تفوز بجلّ جوائز المهرجان القومي للمسرح المصري

القاهرة- فاز عرض “التغريبة.. بنت الزناتي” من إنتاج البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية بجائزة المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الرابعة عشرة التي أسدل الستار عليها مساء السبت.
والعرض من بطولة فاطمة عادل ومحمد حفظي وأحمد عصمت وأحمد يحيى وعبدالباري سعد ومصطفى يوسف ومحمد علاء وهدى عبدالعزيز ونادين العمروسي وهبة سليمان وهاني عبدالهادي.
كما حصل العرض على جوائز أفضل تأليف للكاتب بكري عبدالحميد وأفضل ممثلة صاعدة للفنانة فاطمة عادل وأفضل مخرج صاعد للمخرجة منار زين العابدين.

فاطمة عادل تفوز بجائزة أفضل ممثلة صاعدة عن دور "سُعدى" عبر توظيفها الناجح للرقص والحركات الإيقاعية خدمة للدراما
وارتكز العرض في تناوله على مأساة سُعدى ومرعي إحدى ملاحم السيرة الهلالية، فبعد اشتداد الجدب بنجد والحجاز، لجأت القبائل العربية إلى الهجرة والترحال بعيدا عن الجزيرة العربية، فيندفع فارس الهلالية أبوزيد، مصطحبا الأمراء الثلاثة: مرعي ويونس ويحيى، أبناء السلطان حسن بن سرحان، إلى تونس، ليقعوا في أسر حاكمها الزناتي خليفة، فيأمر بسجنهم بينما يطلق سراح أبي زيد ليعود إلى نجد.
وبدلا من إحضار فدية الأمراء الأسرى، يجهّز الجيش لغزو تونس، ثم تدور الدائرة على الزناتي فيقتل بفضل خطة وضعتها ابنته سُعدى التي شغفت بمرعي عندما كان في سجن أبيها، فهي التي أشارت على الهلالية بإرسال ذياب إلى أبيها ومنازلته؛ لأن ذياب أقدر الفرسان على منازلة الزناتي خليفة.
وفي العرض نجحت المخرجة زين العابدين في الخروج به من دائرة الخشبة المسرحية التقليدية إلى لقاء الممثلين بالجمهور لتحقيق لقاء فني يتمّ بين العرض والجمهور في شكل حلقة دائرية يحيط بها المشاهدون، وهي فكرة جديدة ومثيرة.
وما زاد من جمال ونجاح العرض اختيار مخرجته لمجموعة من الممثلين المتميزين، فالفنانة فاطمة عادل قدّمت شخصية سُعدى بشكل مرن وهي تتحرّك أمام الجمهور مترجمة أفكار الشخصية ودوافعها حوارا وجسدا، فالجسد البشري في كل حركاته وسكناته واستقامته وانحناءاته يصبح لغة صامتة مع اللغة الناطقة، فالجسد وسيط في إيصال الموضوع للجمهور من دون استخدام الحوار، والممثلة هنا وبتوجيه من المخرجة والكيروغراف مناضل عنتر تمكّنت بنجاح من توظيف الرقص والحركات الإيقاعية لتخدم الدراما وتُكمّلها.
كما تميّز في العرض كل من هبة سليمان في دور العرافة بصوتها القادم من عمق الصعيد واستخدامها المتقن لتعبيرات وجهها، وعبدالباري سعد في دور شيطان ذياب ولعبه بوعي شديد من منطق الغراب الذي يحوم حول ضحاياه بنواح مزعج رغم رشاقة طيرانه، وأحمد شومان في دور والد سُعدى الذي لعبه باقتدار وتمكّن.
وتعدّ “السيرة الهلالية” إحدى أشهر السير الشعبية عربيا، وتبلغ نحو مليون بيت شعري، وإن كان الخيال الشعبي أضفى عليها الكثير من الخوارق والمبالغات، وهي تروي قصة خروج بني هلال من مضاربهم في الصحراء إلى تونس مرورا بمصر وسعيهم لاستعادة أمجاد الأمة العسكرية، وتُبرز مدى التزامهم بقيم الوفاء والشرف.
ويعدّ الفارس أبوزيد الهلالي سلامة ذوالسحنة السوداء الذي يستخدم لون بشرته في التخفي، وذياب بن غانم أمير قبيلة بني زغبة، والزناتي خليفة ملك تونس أبرز أبطال تلك السيرة.
والسيرة الهلالية مثل غيرها من الملاحم الشعبية وردت في أكثر من نسخة، وعلى أكثر من لسان، وتمّت معالجتها في مصر إذاعيا وسينمائيا ومسرحيا، على غرار البرنامج الإذاعي الشهير الذي قدّمه الشاعر عبدالرحمن الأبنودي بالاشتراك مع الشاعر جابر أبوحسين في سبعينات القرن الماضي، ومسلسل “السيرة الهلالية” إنتاج 1997، وفيلم “أبوزيد الهلالي” إنتاج عام 1947، ومن أحدث المعالجات العرض المسرحي “التغريبة.. بنت الزناتي”.
وتنافس على جوائز المهرجان ثلاثة وثلاثون عرضا من إنتاج مسارح الدولة والقطاع الخاص والجامعات والشركات والبنوك والمؤسسات الأهلية المصرية.
وفاز بجائزة أفضل عرض ثان في المهرجان “دوجز” لفرقة مسرح الشباب بالبيت الفني للمسرح وهو من إخراج كمال عطية، كما فاز العرض ذاته بجوائز أفضل شعر لمحمود جمال الحديني وأفضل موسيقى لمحمد حسني وأفضل تصميم استعراضات لضياء شفيق وأفضل دعاية مسرحية لأحمد مجدي.
وذهبت جائزة أفضل مخرج إلى محمد جبر عن عرض “أنا مش (لست) مسؤول” من إنتاج مسرح الهوسابير وجائزة الدراماتورج إلى محمد السوري عن عرض “أحداث لا تمت للواقع بصلة” من إنتاج وزارة الشباب والرياضة.
وفاز بجائزة أفضل ممثل باسم الجندي عن عرض “التجربة الدنماركية”، فيما فاز بجائزة أفضل ممثل في دور ثان ياسر مجاهد عن عرض “مشعلو الحرائق” من إنتاج مركز الإبداع بالإسكندرية.
وفازت بجائزة أفضل ممثلة هالة سرور عن مسرحية “جنة هنا” إنتاج البيت الفني للمسرح، فيما فازت يارا المليجي بجائزة أفضل ممثلة في دور ثان عن عرض “سالب واحد” إنتاج المعهد العالي للفنون المسرحية.
وفاز عرض “قاع” من إنتاج البيت الفني للمسرح بجائزتي الديكور والإضاءة، فيما ذهبت جائزة تصميم الأزياء إلى نعيمة عجمي عن عرض “أحدب نوتردام” من إنتاج البيت الفني للمسرح أيضا.
ومنحت لجنة التحكيم ثلاث شهادات تميّز لعروض “مهاجر برسبان” و”الجانب الآخر” و”سالب صفر”.
وأقيم حفل الختام على المسرح الكبير لدار الأوبرا المصرية بالقاهرة، وتضمن فقرة استعراضية بعنوان “الجائزة الكبرى” من إخراج إسلام إمام وشعر طارق علي وألحان هشام جبر.
وقالت إدارة المهرجان إنها أجلت تقديم جائزة الجمهور التي كانت ستمنح للمرة الأولى هذا العام من أجل دراسة الضوابط اللازمة لها ووضع قواعد التصويت وتحديد قيمتها المالية.