التضخم في تركيا يتحدى سياسات أردوغان

محللون يرجحون أن تستمر الليرة في فقدان المزيد من قيمتها على الرغم من أن النمو الاقتصادي عاود صعوده هذا العام.
الثلاثاء 2021/10/05
معدلات الفائدة "مصدر كل الشرور"

أنقرة – يحمل صعود منحى التضخم في تركيا أنباء محبطة للسياسات التي يقودها الرئيس رجب طيب أردوغان بعد أن مارس ضغوطا على البنك المركزي من أجل خفض أسعار الفائدة حتى تتم السيطرة على أسعار الاستهلاك.

وتظهر أرقام معهد الإحصاء التركي تسارع تضخم المستهلكين في سبتمبر الماضي، مدفوعا بارتفاع تكلفة الطاقة الذي تزامن أيضا مع ارتفاع المقياس الأساسي الذي يراقبه البنك المركزي عن كثب.

وارتفع مؤشر أسعار الاستهلاك أقل بقليل من المتوقع إلى 19.58 في المئة على أساس سنوي، وهو أعلى مستوى منذ مارس 2019، مما يكبد العوائد الحقيقية المزيد من الخسائر بعد أن خفض المركزي سعر الفائدة إلى 18 في المئة، وهو ما انتقده خبراء الاقتصاد الذين قالوا إن قرار الخفض “محفوف بالمخاطر”.

وعلى أساس شهري قال المعهد في مذكرة نشرها الاثنين إن أسعار المستهلكين ارتفعت بنحو 1.25 في المئة مقارنة مع توقعات في استطلاع رأي أجرته رويترز أفادت بأن هذه الأسعار ارتفعت بنحو 1.35 في المئة شهريا و19.7 في المئة سنويا.

وأظهرت البيانات أن مؤشر أسعار المنتجين ارتفع بواقع 1.55 في المئة على أساس شهري في سبتمبر، مسجلا ارتفاعا سنويا بنسبة 43.9 في المئة.

ولم تتغير مكاسب الأسعار السنوية للغذاء، والتي تشكل ما يقرب من ربع سلة المستهلكين عند نحو 28.79 في المئة وسط ضعف الليرة والطقس الجاف الذي أثر على المحاصيل وتسبب في اختناقات العرض.

وتسارع معدل التضخم في الطاقة إلى 22.7 في المئة الشهر الماضي من 20.7 في المئة في أغسطس. وقد خففت آلية ضريبية تهدف إلى تثبيت أسعار البنزين من الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة العالمية في سبتمبر.

وكان التضخم السنوي قد تجاوز بالفعل سعر الفائدة الذي كان يبلغ 19.25 في المئة في أغسطس قبل الخفض، وكان قد بلغ 18.95 في المئة في يوليو. والمستهدف الرسمي للتضخم هو خمسة في المئة.

وتسببت هذه الوضعية في تراجع العملة المحلية بواقع 0.2 في المئة لتلامس مستوى 8.8 للدولار، وهو أقل مستوى تصله الليرة أمام العملة الأميركية منذ عام 2018.

تيموثي آش: ما يحصل مخاطرة كبيرة لأن أردوغان يقامر بالليرة الآن
تيموثي آش: ما يحصل مخاطرة كبيرة لأن أردوغان يقامر بالليرة الآن

وفقدت العملة 75 في المئة من قيمتها مقابل الدولار منذ عام 2013 وحدث الانخفاض بأكثر من النصف في السنوات الثلاث الأخيرة. ويختار الكثير من الأتراك الآن الاحتفاظ بثرواتهم بالعملات الأجنبية.

ويرجح محللون أن تستمر الليرة في فقدان المزيد من قيمتها على الرغم من أن النمو الاقتصادي عاود صعوده هذا العام بعد أن باتت تركيا واحدة من بضع دول تتفادى الانكماش الذي شهده اقتصادها في العام الماضي.

وكان أردوغان قد وصف معدلات الفائدة في وقت سابق هذا العام بأنها “مصدر كل الشرور”، وهي نفس النغمة التي يكررها منذ أكثر من عامين. وقد أعلن الشهر الماضي أنه يجب خفضها حتى ينخفض التضخم، بما يتعارض مع السياسات النقدية المعمول بها عالميا.

وقبل ذلك قال محافظ المركزي شهاب قاوجي أوغلو للمستثمرين إنه يتوقع تراجع أسعار الاستهلاك خلال الأشهر المقبلة، وأن البنك سينظر الآن في التضخم الأساسي الذي كان يقل عن 17 في المئة بعد استبعاد العناصر المتقلبة مثل الغذاء والوقود من القرارات المستقبلية.

وتعليقا على خطوة خفض سعر الفائدة نقلت وكالة رويترز عن تيموثي آش، المحلل في بلوباي أسيت مانجمنت في لندن، قوله في تغريدة عبر تويتر إنها “خطوة حمقاء. إنها مخاطرة كبيرة. أردوغان يقامر بالليرة الآن”.

ورغم تحقيق مؤشرات نمو أعلى قياسا بالأسواق الناشئة الأخرى إلا أن الاقتصاد التركي يعيش أزمة مركبة تعود إلى عدة أسباب من أبرزها تراجع سعر صرف الليرة، فيما تسعى الحكومة لإعادة عجلة الاقتصاد إلى النمو باتخاذ إجراءات متعددة لا تخلو من المجازفة.

ويقول دوغلاس وينسلو مدير قسم التصنيفات السيادية الأوروبية في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني “إذا نظرت إلى مستويات شعبية الرئيس أردوغان في استطلاعات الرأي مع المشهد الاقتصادي الصعب فمن الصعب جدا تصور أن تتهيأ الظروف خلال الاثنى عشر شهرا المقبلة بما يجعلهم (قادة وأعضاء حزب العدالة والتنمية) يعتقدون أن الانتخابات تبدو في صالحهم”.

ويقدر البنك الدولي أن أكثر من 1.5 مليون تركي، من بين قرابة 80 مليون نسمة هم تعداد سكان البلاد، تراجعوا إلى ما دون حد الفقر في العام الماضي.

ويوضح مؤشر جيني لتوزيع الدخل والثروة أن التفاوت ازداد منذ 2011 وتسارعت وتيرته منذ عام 2013 فمحا المكاسب الكبيرة التي تحققت في الفترة من 2006 إلى 2011 خلال العقد الأول منذ تولي أردوغان السلطة.

10