التصعيد مع إسبانيا يضع الجزائر في مواجهة الاتحاد الأوروبي

تضارب حول تداعيات القطيعة الاقتصادية والتجارية من قبل الجزائر.
الجمعة 2022/06/10
مغامرة دبلوماسية قد ترتد على الجزائر

وجدت الجزائر نفسها الخميس في مواجهة مع الاتحاد الأوروبي إثر اتخاذها خطوات تصعيدية ضد إسبانيا تعود إلى التقارب المسجل بين مدريد والرباط مؤخرا حيث علقت معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون وهو ما دفع بروكسل إلى الإعراب عن قلقها تجاه هذا القرار.

الجزائر - وضع التصعيد مع إسبانيا الجزائر في مواجهة مع الاتحاد الأوروبي وهو ما عكسته دعوته الخميس الحكومة الجزائرية إلى إعادة النظر في قرارها تعليق معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار مع مدريد.

وقالت نبيلة مصرالي المتحدثة باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن “قرار الجزائر مقلق للغاية”. وأضافت “ندعو الجزائر إلى إعادة النظر في قرارها" واستئناف الحوار بينها

وبين إسبانيا "لتجاوز الخلافات الحالية”. وتابعت “نجري تقييما لتأثير هذا القرار" على المعاهدة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي. وتوحي تصريحات مصرالي المذكورة بأن الاتحاد الأوروبي قد يكون متضامنا مع إسبانيا بعد القطيعة الاقتصادية والتجارية الجزائرية معها. وقرّرت الجزائر الخميس تجميد عمليات التجارة الخارجية للمنتجات والخدمات من إسبانيا وإليها اعتبارا من التاسع من يونيو.

نبيلة مصرالي: قرار الجزائر مقلق للغاية ونجري تقييما بشأن تأثيراته

وهوّن الخبير الاقتصادي الجزائري مراد كواشي من ارتدادات قرار تعليق اتفاق الصداقة والتعاون وحسن الجوار المبرم بين الجزائر وإسبانيا منذ 20 عاما، رغم أنه لم يستبعد حدوث ما وصفه بالسيناريو السيء المتعلق بامتداد الأزمة إلى اتفاقات التزويد بالغاز، بسبب الأزمة الطاقوية التي يتخبط فيها العالم نتيجة الحرب الروسية في أوكرانيا.

وقال كواشي في تصريح لـ “العرب” إن "العلاقات الجزائرية – الإسبانية ستدخل مرحلة من التوتر على الصعيد الاقتصادي، والاقتصاد الإسباني هو الخاسر الأكبر في هذه الأزمة المستجدة، خاصة وأنه لا يستبعد لجوء الجزائر إلى مراجعة أسعار الغاز التفاضلية التي كانت تحظى بها إسبانيا، مقارنة بغيرها من الزبائن وبالأسعار المعتمدة حاليا في الأسواق الدولية".

وتحدثت في هذا الشأن تقارير محلية عن إمكانية لجوء الجزائر إلى قرارات أخرى في التصعيد مع إسبانيا، الأمر الذي يرجّح فرضية السيناريو الأسوأ الذي تحدث عنه كواشي.

وذكرت صحيفة "الشروق" المحلية المقربة من السلطة، نقلا عمّا أسمته بمصدر موثوق، بأن "هناك قرارات أخرى سيعلن عنها لاحقا، وأن تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز أمام البرلمان كانت بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس وعجّلت بتعليق معاهدة الصداقة بين البلدين".

وردت الحكومة الإسبانية الخميس على قرارات الجزائر بالقول إنها ستدافع بقوة عن مصالحها الوطنية حيث قال وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس إن بلاده تراقب تدفقات الغاز من الجزائر، وإنها لم تتأثر حتى الآن بالخلاف الدبلوماسي بين البلدين بسبب موقف مدريد من قضية الصحراء المتنازع عليها بين المغرب وجبهة بوليساريو.

وقال كواشي إن "تحويل الغاز الجزائري المصدّر لإسبانيا، إلى وجهة أخرى، من الممكن جدا أن يدفع الجزائر لقطع إمداداتها كلية، ويعد هذا هو السيناريو الأسوأ، خاصة في ظل أزمة الطاقة الحالية في العالم، التي جعلت الجزائر في مرتبة المورّد الأكثر أمنا واستقرارا بالنسبة إلى السوق الأوروبية، حيث ساهمت خلال العام الماضي بتوفير 40 في المئة من حاجة إسبانيا عبر الأنبوب العابر للبحر المتوسط، بكمية تقدر بثمانية مليارات متر مكعب، ويجري توسعة الخط إلى أكثر من 10 مليارات ونصف مليار متر مكعب".

وأضاف أنه "رغم قطع العلاقات مع المغرب ووقف الضخ على الخط المغاربي حافظت الجزائر على التزاماتها تجاه طلب إسبانيا، وحتى وإن لم يحدث السيناريو الأسوأ، فإن إسبانيا خسرت السوق الجزائرية الواعدة، خاصة بعد إطلاق قانون جديد للاستثمار، الذي كان يمكن أن تستفيد منه كثيرا، قياسا بالامتيازات الكثيرة التي يتيحها للمستثمرين الأجانب".

مراد كواشيك: العلاقات الجزائرية - الإسبانية ستتوتر على الصعيد الاقتصادي

وأعرب عدد من المتعاملين الجزائريين والإسبان لاسيما المنخرطون منهم في غرفة التجارة والصناعة، عن امتعاضهم من القرار المفاجئ المتخذ من طرف الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية الجزائرية، القاضي بوقف التوطينات البنكية المتصلة بالاستيراد والتصدير بين البلدين بداية من الخميس.

وصرّح العضو في الغرفة التجارية والصناعية الجزائرية منصف بوضربة لوسائل إعلام محلية بأن "القرار المفاجئ سيؤثر سلبا على النشاط القائم بين الطرفين، ويخلق حالة من الارتباك في مجال التزود بالمواد الصناعية والأولوية التي كانت تدخل ضمن نشاط العديد من المؤسسات والمتعاملين الجزائريين".

وتابع بوضربة أن "السرعة في إصدار القرار يضع الفاعلين ببعض الأنشطة التجارية والاقتصادية في حالة ارتباك تؤثر على أداء ومردودية نشاطهم وتضر بالاقتصاد الوطني، لأن البحث عن البدائل يتطلب وقتا وجهدا يضيع من عمر السلاسل الإنتاجية والتجارية".

وتعتبر إسبانيا من الشركاء الأوائل بالنسبة إلى الجزائر، لكنها لا تنافس الفرنسيين ولا الأتراك ولا الصينيين ولا الإيطاليين، لذلك تأتي في الترتيب الثامن، رغم قرب المسافة بينهما.

وتشكل الجزائر سوقا مهمة بالنسبة إلى الإسبان خاصة في مجال بعض المنتوجات الزراعية والصناعية ومواد البناء والمواد الأولية. ويبقى الغاز ورقة ثقيلة للبلدين كمورد وكزبون، وستكون فرضية امتداد الأزمة الدبلوماسية إليه، واردة والتي سيكون فيها التجاذب بين البلدين.

فرغم استبعاده من طرف بعض المراقبين لأن يكون في صلب الأزمة، على اعتبار أن المسألة تتعلق بعقود طويلة الأمد تحتكم لتشريعات دولية، فإن البعض الآخر يرى بأن اتفاقات الغاز المسال المنقول عبر البواخر لا يخضع لتلك الضوابط، وعليه لا يستبعد أن يكون ضمن أوراق الضغط التي تلمّح بها الجزائر.

ولم يتأخر الاتحاد الأوروبي في التفاعل مع الأزمة المستجدة بين البلدين، حيث أعرب عن قلقه من مسار الأزمة التي أفضت إلى إعلان تعليق اتفاق الصداقة والتعاون وحسن الجوار بين البلدين من طرف واحد.

اقرأ أيضا:

النفط وعدم الانحياز يهيمنان على زيارة مادورو إلى الجزائر

4