التشكيلية الجزائرية نادية شراق تستنطق التراث احتفاء بالمرأة الأمازيغية

معرض تشكيلي يعيد تشكيل شاعرية الأجواء الأصيلة في أشكال فنية دقيقة وألوان زاهية.
الثلاثاء 2021/02/16
عوالم أمازيغية مبتكرة

الجزائر - تعرض الفنانة التشكيلة الجزائرية نادية شراق لوحاتها الجديدة التي أنجزت جلها خلال فترة الحجر الصحي في رواق باب الزوار بالجزائر العاصمة، وسيواصل استقبال الزوار إلى غاية 4 مارس القادم.

في معرضها الجديد تتابع الفنانة مسارها السابق في استنطاق التراث من خلال الرموز الأمازيغية التي بحثت في معانيها وما تحمله من “دلالات وإيحاءات”.

وأفردت الفنانة في لوحاتها مكانة للمرأة في المجتمع الأمازيغي حيث تعد الركيزة الأساسية للأسرة داخل البيت وخارجه أيضا، كما تنبعث من الأعمال المعروضة رائحة الماضي وذكريات الأجداد إذ استطاعت الفنانة بحسها الفني أن تعيد تشكيل شاعرية تلك الأجواء الأصيلة في أشكال فنية دقيقة وألوان زاهية.

وأضفت ريشة الفنانة على لوحاتها بعدا جماليا لحضور المرأة الذي كان قويا يسمو إلى كل ما تقوم به من أجل إسعاد أسرتها، كما جسدت أيضا اللوحات مشاركتها في التظاهرات والمحافل التي تقام بمناسبة الأفراح وغيرها من المناسبات، ويظهر ذلك جليا في اللوحة المعنونة بـ”أورار” -وهو طبع غنائي يميز الأفراح، ويطلق في مناطق أخرى على الأعراس- وهي بمثابة فسحة للمرأة التي تقضي جل أوقاتها في العمل للترويح عن النفس.

كما حضر الرجل في إحدى اللوحات المحورية لهذا المعرض الموسوم بـ”كان ذات يوم”، حيث يظهر الرجل واقفا يحيط به باقي أفراد العائلة، ويتوسط اللوحة حضور المرأة الذي رمزت له الفنانة بالنحلة التي تضحي من أجل الجميع، لكنها في الوقت نفسه تستمد قوتها من تواجد كل أفراد أسرتها.

وقد جسدت الفنانة في اللوحات الخمس والعشرين المعروضة عملا مميزا ضمنته لمستها الخاصة وتقنيتها الدقيقة ونجحت في ربط الماضي بأصالته مع الحاضر بإضفاء شعلة من الألوان على تلك الأشكال التي أبدعتها. وحاولت من خلال الرسم والبحث والدراسة أن تفكك أسرار تلك الرموز والأوشام التي تحدت الزمن وبقيت شامخة.

الفنانة نجحت في ربط الماضي بأصالته مع الحاضر بإضفاء شعلة من الألوان على الأشكال التي أبدعتها
الفنانة نجحت في ربط الماضي بأصالته مع الحاضر بإضفاء شعلة من الألوان على الأشكال التي أبدعتها

تنوع الألوان والإضاءة زاد من جمال وسحر اللوحات والتحف الزجاجية المعروضة التي تؤكد قدرة الفنانة على ترك بصمتها المميزة على أعمالها بفضل إتقانها ومزجها للعديد من التقنيات.

وفي المعرض شكّلت اللّوحات الفنية وتُحف السّيراميك التي أبدعت في تقديمها شراق فسيفساء مميزة، مُترجمة روح المرأة المبدعة والمتحرّرة من خلال تعابير أنثوية طاغية ورموز بربرية فنية تكرم حواء كأحد رموز الحياة ومكوناتها الأساسية.

الفنانة التشكيلية شراق ولجت عالم الفن التشكيلي منذ 25 سنة، وكشفت أن بداياتها كانت من دار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو التي تلقت تكوينا فيها، ورغم أنها خريجة كلية العلوم الاقتصادية وزاولت عملها في مجالها إلا أن حبها للفن جعلها تستقيل من منصبها لتتفرغ كليا للفن التشكيلي الذي أكدت أنها تعشقه إلى حد كبير.

على مدار سنوات من امتهان الفن تمكنت شراق من ابتكار العديد من التقنيات وتجسيدها في مختلف اللوحات من رسم على القماش والزجاج وغير ذلك، ناهيك عن فن السيراميك الذي تشكل منه تحفا رائعة تزينها بالرموز والأشكال البربرية التي ترمز في مجملها إلى الحرية والأرض والسماء والمرأة البربرية، كتعبير منها عما يختلج في نفسها من مشاعر تجاه كل ما هو بربري أمازيغي يجسد الهوية التاريخية، مشيرة إلى أن التقنيات المستحدثة هي من وحي إبداعها بعد تطويعها للعديد من التقنيات.

وترى أن هذا الفن يتطلب جهدا ووقتا كبيرين، انطلاقا من صعوبة الحصول على المادة الأولية وغلائها إلى الوقت الذي يستغرقه تشكيل القطعة الواحدة فقط من تحفة السيراميك قبل الرسم عليها، لذا يكون سعرها مرتفعا نوعا ما، لأنها ببساطة تحفة فنية تتحدث عن نفسها وهذا ما تحاول التشكيلية إبرازه من خلال تسويقها لمنتوجها عبر مختلف المعارض التي أكدت أنها تدعمها كثيرا وتفسح لها المجال للتعريف بفنها والتسويق له.

14