الترقب يحيط بمبادرة الجيش الجزائري للخروج من الأزمة

الوضع السياسي والحقوقي المتشنج يضاعف أزمة الثقة بين الجيش والمعارضة وسط غموض يحيط بمصير خارطة الطريق السياسية.
الجمعة 2019/05/31
في انتظار موقف الحراك الشعبي

انقسام الطبقة السياسية بشأن مبادرة الحوار التي أطلقها الجيش الجزائري للخروج من الأزمة يعمق الغموض بشأن مصيرها، في حين يرى آخرون أن الحراك الشعبي هو من سيرد بقوة على تلك المبادرة خلال الجمعة الخامسة عشرة.

الجزائر - يلف الترقب مصير خارطة الطريق السياسية التي أطلقتها المؤسسة العسكرية خلال هذا الأسبوع بالجزائر، في ظل التردد الذي يطبع موقف الطبقة السياسية من مضمون المبادرة التي تضمنت الذهاب إلى حوار وطني يتوج بانتخابات رئاسية جديدة، دون المرور على أي مرحلة انتقالية، وهو ما ترفضه بعض الأحزاب وتؤيده أخرى.

وشدد حزب جيل جديد المعارض على ضرورة الذهاب إلى “مرحلة انتقالية أو مرحلة وسيطة، تسمح بتفكيك النظام القائم والعودة إلى انتخابات ديمقراطية تحترم خيارات الشعب”.

وأعرب الحزب عن تفاؤله بـ”انتصار ثورة الابتسامة” بفضل إصرار الحراك الشعبي على رفض المنظومة الحالية والتصميم على إرساء قواعد ديمقراطية حقيقية في البلاد.

وذكر الحزب في بيان أن “التطبيق الحرفي للمادة 102 من الدستور كان بمثابة محاولة للحفاظ على النظام السابق، وهو ما استدعى التصدي لها بكل الوسائل، كالتعبئة الشعبية والتجند الاستثنائي للحراك، مما سمح بظهور بوادر تفكيك النظام البوتفليقي، بفتح العديد من ملفات فساد للكثير من كبار المسؤولين السابقين ورجال الأعمال”.

وأضاف “مع الإلغاء الحتمي للانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليو القادم، فإن البلاد قد دخلت بشكل جدي في مرحلة ما بعد النظام البوتفليقي، والآن كل السيناريوهات ممكنة.. الصالحة منها أو الطالحة، وكل شي مبني على دور الطبقة السياسية الواعية والمدركة للرهانات والتحديات”.

ولا زالت آلية تفعيل المبادرة التي أطلقها قائد أركان الجيش الجنرال أحمد قايد صالح، الثلاثاء الماضي، يشوبها الكثير من الغموض كونها لم تحمل الإجراءات العملية، ولم تتضمن أجندة المشاورات السياسية المأمولة، وهو ما يكون قد دفع عدة قوى إلى إبداء تحفظها لحد الآن، لاسيما في ظل حالة التشنج التي تخيّم على المشهد السياسي في البلاد.

مصير مبادرة الجنرال قايد صالح ستحدده الشعارات والهتافات التي ستردد في الجمعة الخامسة عشرة من الحراك الشعبي

حيث تتواجد زعيمة حزب العمال اليساري لويزة حنون في السجن العسكري بالبليدة، بتهمة التآمر على مؤسستي الجيش وعلى الدولة، كما اشتدت الممارسات القمعية تجاه المعارضين والناشطين السياسيين وحتى المدونين على شبكات التواصل الاجتماعي.

وزادت وفاة المناضل والناشط الحقوقي كمال الدين فخار، في السجن من حدة التشنج السياسي في البلاد.

وكانت عشرة أحزاب سياسية في الجزائر، قد طالبت بإطلاق سراح لويزة حنون، وذكر بيان توج أشغال الاجتماع بأن “الأحزاب الموقعة تتوجه إلى أصحاب السلطة من أجل إطلاق سراح لويزة حنون فورا ودون شرط، وأن عدم اتخاذ هكذا قرار سينعكس سلبا على التطورات القادمة في بلادنا”.

وأضاف “نعلن رفضنا لأي حل يأتي بالقوة، ونطالب باحترام الحريات الديمقراطية، ولا شيء يمكن تبرير احتجاز لويزة حنون، مسؤولة حزب سياسي.. إنها المرة الأولى منذ نهاية المأساة الوطنية التي يتم سجن المسؤول الأول لحزب سياسي، تحت الدافع الرئيسي لاحتجازها هو محاولة (تغيير النظام)”.

وشدد الموقّعون على أن “مطلب تغيير النظام هو كذلك موقفنا المشترك وموقف الأغلبية الساحقة من الشعب الجزائري، وعليه فإن سجن لويزة حنون، هو إنذار وتهديد لكل المسؤولين السياسيين والمواطنين الذين يطالبون بتغيير النظام”.

وفاة الناشط الحقوقي كمال الدين فخار، في السجن زادت من حدة التشنج السياسي
وفاة الناشط الحقوقي كمال الدين فخار، في السجن زادت من حدة التشنج السياسي

وفيما رحبت أحزاب موالية للسلطة، بمبادرة قيادة المؤسسة العسكرية، وعبرت عن حضورها غير المشروط للحوار المنتظر من أجل الخروج من المأزق الذي تتخبط فيه البلاد، ورغم الوضعية الحساسة التي يعيشها قادة تلك الأحزاب على غرار أحمد أويحيى، عمار غول وعمارة بن يونس، الذين استدعاهم القضاء للتحقيق معهم في ملفات فساد، فإنهم لم يتأخروا في الانتصار لمقاربة المؤسسة العسكرية في الذهاب إلى انتخابات رئاسية ورفض أي مرحلة انتقالية في البلاد.

وعلى النقيض من ذلك، بادرت جبهة القوى الاشتراكية المعارضة إلى رفض مبادرة قيادة الجيش. وشدد بيان صادر عنها على أن “المرحلة الانتقالية والمجلس التأسيسي هما الآلية الوحيدة الكفيلة بتحقيق التغيير الشامل والجذري في البلاد، وأن دعوة قيادة الجيش هو محاولة لإعادة إنتاج النظام بوجوه ورموز جديدة”.

ورغم دخول بعض الأحزاب المحسوبة على المعارضة، على خط الترحيب ودعم مبادرة الجيش، فإن رد فعل الحراك الشعبي في جمعته الخامسة عشرة المقررة نهار الجمعة، يعتبر هو المؤشر الحقيقي لتفاعل الشارع مع المبادرات السياسية المطروحة في المشهد باختلاف مصادرها ومضامينها.

وأكد متابعون للشأن الجزائري، بأنه ليست مواقف الأحزاب السياسية أو المجتمع المدني، هي من تحدد مصير مبادرة الجنرال قايد صالح، وإنما الشعارات والهتافات التي ستردد في الجمعة الخامسة عشرة من الحراك الشعبي، وهي من سيحسم الموقف، لأن الأوراق اليوم هي بيد الشارع وليست بيد الطبقة السياسية.

ويجزم هؤلاء، بأن رحيل الأذرع السياسية والمالية والإعلامية للسلطة، هي من بين مطالب الحراك الشعبي، وأي مناورة تقودها أحزاب السلطة أو الدوائر المحسوبة عليها، ستكون بمثابة استفزاز للشارع وهي مؤشر فشل لأي مخرج من الأزمة مهما كانت نوايا أصحابه صادقة.

4