التحديات المناخية في ذكرى معاهدة باريس

تضاعف الكوارث يدفع قادة العالم إلى إعطاء دفع جديد لخفض الاحتباس الحراري.
الأربعاء 2020/12/09
أجيال المستقبل تناضل من أجل بيئة نظيفة

اتفق قادة العالم على مراجعة تحركات الدول بشأن التغيرات المناخية والخفض من الانبعاثات الكربونية وتقييمها كل خمس سنوات لمعرفة التقدم الحاصل بشأن معاهدة باريس للتغيّر المناخي. وأمام ارتفاع درجة الحرارة الأرض سيسعى قادة العالم السبت المقبل في قمتهم الافتراضية إلى إعطاء دفع جديد للمعاهدة في ذكرى تنظيمها.

باريس- بعد خمس سنوات على اتفاق باريس للمناخ، لم يرق العالم بعد إلى مستوى التحدي المناخي، لكن إزاء تضاعف الكوارث، سيسعى قادة العالم في قمتهم الافتراضية، السبت، إلى إعطاء دفع جديد للمعاهدة في ذكرى تنظيمها.

في 12 ديسمبر 2015، وسط هتافات وفود 195 بلدا، اختتمت 13 يوما من المفاوضات الصعبة خلال اجتماعات الأمم المتحدة للمناخ.

وتعهدت معظم دول العالم باحتواء ظاهرة الاحتباس الحراري “بشكل كبير” تحت مستوى 2 درجة مئوية، وإذا أمكن 1.5 درجة مئوية مقارنة مع مستوى ما قبل الحقبة الصناعية.

وإثر هذه الخطوة التاريخية، تراجعت الحماسة بعد عام مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وإعلانه انسحاب ثاني اقتصاد عالمي من اتفاق باريس.

وقود أخضر لحياة أفضل
وقود أخضر لحياة أفضل

وخلال السنوات التي أعقبت الاتفاق، شدد العلماء على ضرورة التحرك بسبب النتائج الكارثية على المناخ، وخصوصا بسبب الوعي غير المسبوق بين الشباب الذين نزلوا إلى الشوارع بالملايين، معلنين عن تنظيم المزيد من الاحتجاجات لشعورهم بالمرارة بسبب التقاعس الدولي عن مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.

ومؤخرا، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنه رغم ضغوط الرأي العام “لم ترق السياسات المناخية بعد إلى مستوى الرهان”. وقال “وصلنا إلى 1.5 درجة مئوية في ظاهرة الاحتباس، حتى أننا نشهد تقلبات مناخية قصوى وعدم استقرار غير مسبوقين”.

وتتضاعف موجات الحر الشديد والأعاصير المتسلسلة وحرائق الغابات الضخمة والفيضانات. وزيادة حجم هذه الكوارث دليل مؤكد على ارتفاع درجة حرارة الأرض بعد أن شهد كوكبنا العقد الأشد حرارة في التاريخ، لكن اتفاق باريس سمح على الأرجح بالحد من الأضرار.

وأعلنت كريستينا فيغيريس المسؤولة عن المناخ في الأمم المتحدة خلال اتفاق باريس “في 2014، كنا نتجه نحو عالم تتراوح زيادة الحرارة فيه بين 4 و6 درجات مئوية بحلول نهاية القرن”. ومذاك، سمحت أول سلسلة تعهدات من الدول الموقعة على الاتفاق بخفض هذه التوقعات إلى ما بين 3 و4 درجات مئوية.

وأكدت أن “النبأ السار هو أنه مع التعهدات (الجديدة) التي قطعتها الصين وكوريا الجنوبية واليابان وكولومبيا وجنوب أفريقيا والأرجح الولايات المتحدة (…) نجحنا في تحقيق خفض إلى حدود 2.1 درجة مئوية”.

 موجات الحر الشديد والأعاصير وحرائق الغابات والفيضانات تتضاعف كدليل مؤكد على ارتفاع درجة حرارة الأرض

وعلى أي حال، إنها توقعات هيئة “كلايمت أكشن تراكر” (رصد التقلبات المناخية) التي تشمل أهداف الحياد الكربوني لعام 2050 لليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة خاصة أن الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن وعد بالعودة إلى الاتفاق، ولعام 2060 بالنسبة إلى الصين.

وقطع حوالي 100 بلد هذا النوع من التعهدات على الأجل الطويل. وأعلن لوران فابيوس رئيس الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاق الأمم المتحدة للمناخ قبل خمس سنوات، أنه “أمر إيجابي، لكن هل هو قابل للتحقيق؟”.

وشدد على ضرورة تحقيق الأهداف في الأجلين القصير والمتوسط لبلوغ الغاية المنشودة “لأنه ليس هناك لقاحات ضد ظاهرة الاحتباس”.

والأزمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي كورونا أضرت بالأهداف على الأجل القصير. وأعربت الأمم المتحدة عن القلق نظرا إلى أهمية الاستثمارات في مجالات استهلاك الوقود الأحفوري وإنتاجه، في حين يجب خفض هذا الانتاج بمعدل 6 في المئة سنويا بحلول 2030 للتمكن من احترام عتبة زائد 1.5 درجة مئوية.

وعلى الجهات الموقعة على اتفاق باريس أن تقدم بحلول نهاية 2020 مراجعة لتعهداتها، لكن فقط نحو عشرين بلدا تمثل أقل من 5 في المئة من الانبعاثات العالمية، قامت بذلك.

تضاعف الكوارث
تضاعف الكوارث

ويأمل المدافعون عن المناخ في أن تساهم القمة الافتراضية التي تعقد السبت، وتنظمها الأمم المتحدة وبريطانيا وفرنسا، في إرسال إشارات قوية طموحة، في محطة نحو الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاق الأمم المتحدة للمناخ التي تم إرجاؤها إلى 2021، الموعد السنوي الضروري لوضع السياسات المناخية.

وأعلن محمد نشيد، الرئيس السابق لجزر المالديف وسفير “كلايمت فالنرابل فوروم” (منتدى المناخ الضعيف) الذي يمثل مليار شخص في 48 بلدا يتأثرون بشكل خاص بالتقلبات المناخية “بدأ العد العكسي وأصبح بقاؤنا على المحك”.

وأضاف “دولنا وخصوصا الجزر الصغيرة سيكون مصيرها الزوال حتى مع ارتفاع محدود لدرجات الحرارة بـ2 درجة مئوية. وأكثر من 1.5 درجة مئوية يعني هلاكنا”.

وفي مواجهة هذا المستقبل القاتم، تذكر الدول النامية الدول الغنية باستمرار بالوعود التي قطعتها برفع “مساعداتها المخصصة للمناخ” إلى 100 مليار دولار سنويا، لتواجه عواقب التقلبات المناخية اعتبارا من 2020، لكن هذه الأهداف لم تتحقق بعد.

ورغم جميع العقبات، هل ما زال من الممكن حد الاحتباس بـ1.5 درجة مئوية؟ وكتبت عالمة المناخ كورين لو كيري “إنه أمر ممكن. في حال حققت كافة الدول الحياد الكربوني في 2050 سنبلغ هذه الغاية. لكن هل هذا ممكن سياسيا واقتصاديا؟”.

ولتحقيق هذا الهدف يجب الحد من انبعاث غازات الدفيئة بـ7.6 في المئة بين عامي 2020 و2030 وفقا للأمم المتحدة. وبالتالي علينا تغيير النظام الاقتصادي العالمي جذريا.

المناخ

ومع الأزمة الاقتصادية، قد يشهد العام 2020 تراجعا بهذا الحجم. وتؤكد كورين لو كيري أن “الانتعاش لا مفر منه”.

ولإبقاء الضغط، دعت السويدية غريتا تونبرغ الشباب إلى يوم تحرك جديد، الجمعة، خصوصا عبر الإنترنت. وقالت الناشطة الشابة التي تجسد غضب جيل بكامله “خلال خمس سنوات لم تتغير أمور كثيرة. نطالب بتدابير”.

من جهتها، قالت المسؤولة عن ملف المناخ في الأمم المتحدة باتريسيا إسبينوزا “نجهل متى يكون الأوان قد فات وسنصل إلى نقطة اللاعودة. لكننا نعلم أنه لا يزال الوقت سانحا اليوم”. وقد آن وقت التحرك للحد من الاحتباس الحراري قدر الإمكان. وكل عُشر درجة له أهمية.

20