التحديات الخارجية ورقة للمزايدات الحكومية في إسرائيل

زعيم تحالف أزرق أبيض الجنرال السابق يحرص على تبني خطاب تصعيدي يرضي فيه اليمين مع تصيد أخطاء خصمه بنيامين نتنياهو واقتراب مهلة انتهاء تكليفه بتشكيل حكومة.
الاثنين 2019/11/04
عين نتنياهو على جولة انتخابية جديدة

مع اقتراب انتهاء مهلة تكليف زعيم تحالف أزرق أبيض، الجنرال السابق بيني غانتس، بتشكيل حكومة جديدة بدأ الحديث يطغى في إسرائيل عن إمكانية إجراء انتخابات ثالثة، وتعكس تصريحات قادة “أزرق أبيض” والليكود وحلفائهما، أنهم يأخذون بجدية هذا السيناريو حتى أن بعضهم بدأ حملة مبكرة من خلال إعادة التسويق لرؤيته بشأن حماية الأمن القومي الإسرائيلي.

القدس- جدد رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو الأحد تحذيره من أن إسرائيل “موجودة في فترة أمنية حساسة جدا وقابلة للاشتعال في عدة جبهات”، مركزا على جبهة غزة، في ضوء انتقادات شديدة وجهها له زعيم تحالف أزرق أبيض الجنرال السابق بيني غانتس قبلها بيوم بشأن أسلوب التعاطي مع هجمات الفصائل الفلسطينية في القطاع.

وقتل السبت فلسطيني وأصيب اثنان آخران بجروح، جراء غارات شنتها إسرائيل على مواقع للفصائل في غزة بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي عن إطلاق 10 صواريخ من القطاع باتجاه المستوطنات القريبة من الغلاف.

وقال نتنياهو في مستهل اجتماع مجلس الوزراء المصغر (الكابنيت) إن “حماس تتحمل المسؤولية عن أي هجوم يخرج من قطاع غزة. ولا أعتزم إعطاء تفاصيل هنا حول خططنا. وسنستمر في العمل في كافة الجبهات من أجل أمن دولة إسرائيل، بوسائل مكشوفة ووسائل خفية أيضا، في البحر والجو والبر”.

وبدت تصريحات نتنياهو ردا على غانتس الذي دعا السبت إلى توجيه ضربات شديدة إلى القطاع والعودة إلى سياسة اغتيال قيادات فلسطينية، منتقدا ما يعتبره سياسة الأيادي المرتعشة للحكومة الحالية، وتآكل سياسة الردع.

وقال زعيم تحالف أزرق أبيض على “تويتر” إن “حكومة برئاستي لن تتحمل تهديدا على سكان الجنوب ولن تقبل أي مس بسيادتها. وسنعيد الردع بأي ثمن، حتى لو اضطررنا إلى قتل من يقودون إلى التصعيد”.

وطالب غانتس حكومة نتنياهو بتوجيه ضربة عسكرية شديدة للقطاع، قائلا “في الوقت الحالي، سنؤيد وندعم أي سياسة رد فعل حازمة ومسؤولة من أجل جلب هدوء طويل لسكان الجنوب. هذا واجبنا، وهذا التزامنا نحوهم”.

أفيغدور ليبرمان: نتنياهو يجرنا لانتخابات للمرة الثالثة والشعب لن يسامحه على هذا
أفيغدور ليبرمان: نتنياهو يجرنا لانتخابات للمرة الثالثة والشعب لن يسامحه على هذا

من جهته شدد القيادي في تحالف “أزرق أبيض”، يائير لابيد على أن على إسرائيل الرد دون تردد عقب إطلاق الصواريخ من غزة. وأضاف لابيد في تلميح إلى نتنياهو “الأمن لا يصنع بالصور والمؤتمرات الصحافية، بل بالعمل الحازم المتسق، يجب على قادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي أن يعلموا أنهم سيدفعون الثمن على أي هجوم على المدنيين الإسرائيليين، يجب أن نرد على الإرهاب بقوة، وليس بحقائب الدولارات”.

وقال إن مفهوم الأمن تجاه غزة “يحتاج إلى التغيير، ويجب على الجيش الإسرائيلي أن يفعّل أدوات أوسع بكثير، بما في ذلك العودة إلى سياسة الاغتيالات”، مشيرا إلى أن إسرائيل تحتاج حاليا إلى “قيادة أمنية قوية وحازمة بقيادة بيني غانتس”.

ومع اقتراب مهلة انتهاء تكليف زعيم أزرق أبيض بتشكيل حكومة، دون أن تكون هناك أي بوادر في الأفق عن إمكانية نجاحه في مهمته، فإنه يحرص على تبني خطاب تصعيدي يرضي فيه اليمين مع تصيد أخطاء خصمه نتنياهو الذي يسوق لصورة الطرف الوحيد القادر على حماية أمن إسرائيل في ظل ما تموج به المنطقة من أحداث، من خلال سياسة قائمة على الضغط على الطرف المقابل دون الحاجة إلى حرب واسعة لا يعرف مآلاتها.

ويقول محللون إن غانتس يأخذ بشكل جدي فرضية إجراء انتخابات جديدة، وتصريحاته التصعيدية يمكن اعتبارها أيضا تمهيدا لحملة انتخابية مبكرة، والشيء ذاته ينطبق على نتنياهو الذي يبدو أنه يدفع لهكذا توجه في ظل عدم حماسته لشروط خصمه.

وكان الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين قد كلف في 22 أكتوبر الماضي رئيس الأركان السابق بتشكيل حكومة بعد فشل نتنياهو في المهمة، وأمام غانتس 28 يوما لإنجاز التاليف، وإذا فشل فسيتم الذهاب إلى الكنيست وجمع تأييد 61 نائبا لاختيار مرشح جديد. وأمام أعضاء الكنيست مهلة مدتها 21 يوما للقيام بذلك، وإذا أخفقوا فسيتعين حل الكنيست مجددا وستُجرى انتخابات جديدة.

وطرح تحالف أزرق أبيض مبادرة على الليكود الذي يتزعمه نتنياهو مفادها تشكيل حكومة دون الأحزاب اليمينية المتشددة في المرحلة الأولى، وذلك “بهدف تمرير عدة مشاريع قوانين تخص العلاقة بين الدين والدولة، ومن بينها قانون التجنيد، بما يتيح للتحالف استعراض إنجازات في هذا الشأن. كما اقترح أن تتم رئاسة الحكومة المشتركة بالتناوب، بيد أن هذا المقترح يلقى تحفظات من الليكود.

واتهم وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق أفيغدور ليبرمان الأحد رئيس الوزراء المنتهية ولايته بجر إسرائيل لانتخابات ثالثة. ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، على موقعها الإلكتروني، عن ليبرمان القول “نتنياهو يجرنا لانتخابات للمرة الثالثة والشعب لن يسامحه على هذا”.

وأضاف “محاولة الانفراد بالأمر- القدوم لمفاوضات تشكيل حكومة وحدة برفقة الأحزاب اليمينية والدينية المتشددة إلى جانب رغبته في أن يكون الأول في شغل الرئاسة الدورية للحكومة- تظهر بشكل لا لبس فيه أن المسؤول عن تعطل مؤسسات الدولة والضغط للذهاب لانتخابات ثالثة، هو نتنياهو ونتنياهو فقط”.

ويشكل ملف الأمن القومي الإسرائيلي أحد روافد أي حملة انتخابية في إسرائيل، وكل طرف يحاول المزايدة على الطرف المقابل، في هذا الملف على وجه الخصوص، بالنظر لاحتلاله صدارة أولويات الناخب الإسرائيلي.

وقال الوزير بتسلئيل سموتريتش، الذي ينتمي إلى حزب “البيت اليهودي” اليميني المتطرف، المتحالف مع الليكود الأحد “بإمكاني القول لمواطني إسرائيل إننا نخوض هذه المعركة بصورة مدروسة ومسؤولة جدا. ننظر طوال الوقت إلى ما يحدث حولنا في جميع الجبهات ونحاول إدارة هذا التوتر في جميع الجبهات بشكل صحيح“.

وأضاف سموتريتش أن “أسهل شيء الانفلات والقول ‘هيا نشن هجوما’. وينبغي أن ندرك أن الحيز الذي نتواجد فيه الآن، من حيث المكان والوقت، معقد جدا. ينبغي التصرف بمسؤولية ونحن نفعل ذلك طوال كل الفترة الأخيرة”.

2