البدانة ليست عائقا أمام اللياقة

لم تعد اللياقة البدنية حكرا على من يمتلكون أجساما رشيقة فحتى البدناء يمكن أن يتمتعوا باللياقة وذلك بفضل عملية التمثيل الغذائي الصحية لديهم. كما أن دمج التمرين الهوائي وتمارين الأثقال وتمارين الإطالة في برنامج رياضي واحد يمكن أن تساهم في إنقاص وزنهم بشكل أكثر فاعلية.
لندن - لم تعد البدانة عائقا أمام اللياقة ولم يعد الوزن الزائد مشكلة تؤرق الذين يعانون من السمنة، فقد كشفت دراسة حديثة عن سبب كون الأفراد البدناء يتمتعون باللياقة البدنية أن عملية التمثيل الغذائي أو ما يعرف بالاستقلاب لديهم صحية، وأن لديهم مخزون دم جيدا لخلاياهم الدهنية.
وأشار الخبراء إلى أن التمثيل الغذائي هو عملية بيوكيميائية تتم داخل الجسم عندما يقوم ببناء الأنسجة الحية من مواد الطعام الأساسية ومن ثم يفككها لينتج منها الطاقة.
وقالت الدكتورة ناتالي هايود التي قادت الدراسة عن الأشخاص الذين لديهم إمداد أفضل من الدم إلى خلاياهم الدهنية قد يكون التمثيل الغذائي لديهم أكثر صحة وقد يكونون محميين من أمراض القلب والأوعية الدموية.
ويؤكد الباحثون على أن الأوعية الدموية في الدهون قد تطلق مواد كيمياوية نشطة بيولوجيا تحفز الخلايا الدهنية على التحول إلى الدهون البنية مشيرين إلى أن الدهون البنية تحرق السعرات الحرارية لتوليد الطاقة ما يساعد على التحكم في نسبة السكر وضغط الدم والكوليسترول.
وأشار خبراء اللياقة إلى أن التمثيل الغذائي لدى الرجال أسرع بشكل عام منه لدى النساء مفسرين ذلك بكونهم يمتلكون كتلة عضلية أكبر وعظاما أثقل ودهونا أقل في الجسم مقارنة بالنساء.
تلعب عمليات التمثيل الغذائي الجيد دورا هاما في إنقاص الوزن؛ ذلك أن التمثيل الغذائي يطال مناطق متعددة داخل الجسم، لكن أهم هذه العمليات هي عملية التمثيل الغذائي للطاقة، والتي تعمل بشكل أساسي على معالجة الكربوهيدرات والدهون لتحويلها إلى طاقة وإمداد خلايا الجسم بها.
وأشار إنغو فروبوزه، الطبيب في المركز الصحي التابع للجامعة الرياضية الألمانية بمدينة كولونيا، إلى أن معدل الأيض الأساسي (التمثيل الغذائي) هو كمية الطاقة التي يحتاج إليها جسم الإنسان في حالة السكون وعدم بذل جهد من أجل تشغيل وظائف الجسم الحيوية، كالتنفس مثلاً، ومن ثمّ فهو يستأثر بأكبر قسط من الطاقة الممتصة أما مستوى النشاط الفيزيائي فيتمثل في الطاقة التي يتم حرقها أثناء ممارسة الرياضة أو الأنشطة البدنية مثلا.
وأضاف الخبير الألماني أن تقييم كفاءة عملية التمثيل الغذائي داخل الجسم يتم حسب سرعة الجسم في معالجة الطعام ومدى كفاءة استخدامه له، لذا إذا تناول أي إنسان لا يُمارس الرياضة كمية معيّنة من الدهون وكان معدل حرق الدهون لديه غير جيد، سيؤدي ذلك إلى إمداد الدم والخلايا بكميات كبيرة من الدهون.
وقال فروبوزه إن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة، تعالَج الدهون عندهم وتحوَّل إلى طاقة بشكل فوري لأن عملية التمثيل الغذائي لديهم تعمل على نحو أفضل.
وشبه عملية التمثيل الغذائي لدى من يمارسون الرياضة ومن لا يمارسونها بسيارتين مزودتين بمحركين مختلفين ومتوقفتين عند الإشارة المرورية الحمراء.
وقال إن معدل حرق إحداهما للوقود يزيد عن معدّل الأخرى رغم أنهما في الوضعية ذاتها، مشيرا إلى أن ذلك ينطبق على الجسم الذي تتم فيه عملية التمثيل الغذائي بشكل جيّد جدا، حيث يزداد معدل حرق الدهون.
كما أكد بحث علمي أن اللياقة البدنية قد تلعب دورا حاسما في إلغاء الأهمية التي يلعبها الجين المسبب لداء السمنة.
وقال البحث إنه بالرغم من أن الصفات الوراثية تحتل مكانة محترمة بميول الناس إلى زيادة وزنهم إلا أن المحافظة على أنماط تدريب جسماني يمكن أن تساهم كثيرا في محاربة المعاناة من جين السمنة.
وقسم الباحثون المشتركين إلى مجموعتين، إحداهما واظبت على تدريب جسماني والأخرى مارست القليل من تمارين اللياقة البدنية.
وقد أظهرت النتائج أن المجموعة التي تدربت بشكل ثابت نجح المشتركون بها من حرق 900 سعرة حرارية أكثر من أفراد المجموعة الثانية. وشملت تدريبات المجموعة الأولى بين ثلاثة إلى أربعة تدريبات لياقة بمستوى وتيري متوسط (كالمشي السريع).
وخلص الباحثون إلى أنه بالرغم من وجود من يعاني من الميول المسبق للسمنة، إلا أنه بالإمكان التعامل مع هذا الميول بواسطة المثابرة على تدريبات اللياقة الثابتة مشددين على أهمية النشاط الجسماني بالمحاربة العامة لمنع السمنة.
ويمكن للتمارين الرياضية أن تتحكم بمعدل التمثيل الغذائي بطريقتين تمكن الأولى من حرق السعرات بفضل النشاط الرياضي المباشر ذلك أن الركض أو المشي لمسافة 1500 متر يمكن من استهلاك حوالي 100 سعرة حرارية. وتمكن الثانية من إبقاء معدل التمثيل الغذائي مرتفعا لفترة إضافية عقب ممارسة الرياضة. ويمكن لمعدل التمثيل الغذائي أن يبقى عاليا لفترة قد تمتد من 12 إلى 18 ساعة بعد انتهاء التمارين.
وينصح خبراء اللياقة بممارسة التمارين الرياضية في الصباح الباكر وخصوصا التمارين الهوائية التي تساعد على تحريك عضلات الجسم القوية وتحسين صحة القلب ومن هذه التمارين الركض والمشي
والسباحة.
وتهدف السباحة إلى تعزيز استهلاك الجسم للأكسجين الذي يستخدمه في عملية التمثيل الغذائي، ويكون إجراء هذه التمارين بشكل عام على مستوى معتدل الشدّة ولفترة طويلة، وتعتبر التمارين الهوائية فعالة في حرق الدهون في الجسم والسعرات الحرارية.
ويعتبر الخبراء التمارين الرياضية جزءا من الروتين اليومي للذين يعانون من زيادة الوزن. ويوصون بدمج أنواع ثلاثة من التمارين الرياضية في برنامج رياضي واحد متكامل وهي التمرين الهوائي وتمارين الأثقال وتمارين الإطالة وذلك حتى يتم إنقاص الوزن بشكل أكثر فاعلية.
وتساهم التمارين الرياضية في المحافظة على العضلات حيث أنها تساعد على تقليل كمية العضلات المفقودة، عند التخفيض من السعرات الحرارية لفقدان الوزن، ما من شأنه أن يساعد على تقليل انخفاض معدل التمثيل الغذائي في الجسم.
كما يمكن أن يساعد رفع الأثقال على تعزيز بناء العضلات عند استهلاك الكمية الكافية من البروتينات والمساعدة على إفراز الهرمونات التي تعزز قدرة العضلات على امتصاص الأحماض الأمينية.
ودعا الخبراء إلى تجنب النوم بعدَ تناول الطعام، والتخفيف من تناول الوجبات السريعة، والسكريات، والأكلات الضارة بشكل عام، والإكثار من تناول الفواكه والخضروات، والأطعمة الغنيّة بالعناصر الغذائيّة المهمة للجسم، وضرورة تناول الوجبات الثلاث الرئيسيّة؛ الإفطار، والغداء، والعشاء. والابتعاد عن التدخين أو تركه بشكل دائم. عدم شرب الماء أثناء ممارسة التمارين الرياضيّة؛ لأنّه يسبب الخمول، بالإضافة إلى تجنّب تناول الطعام بعدَ الانتهاء من التمرين لساعة واحدة على الأقل.
ويمكن أن تغني تمارين اللياقة البدنية البدناء عن الالتجاء إلى العمليات الجراحية للوصول إلى وزن مثالي إذا اقنعوا بأنها ضرورة وليست خيارا.