الانتخابات مجازفة تخشى حماس أن تنتهي بها خارج المعادلة

لا تجري الأمور وفق ما ترغب به قيادة حركة حماس في ما يتعلق بترتيبات الانتخابات، الأمر الذي يثير شكوكا لديها في أن تكون ارتكبت خطأ فادحا في قبول المشاركة بالاستحقاقات، لكن التراجع الآن بات صعبا.
غزة - تشعر قيادة حماس أن موافقتها على المشاركة في الانتخابات العامة المقرر انطلاقتها في مايو المقبل، مجازفة قد تنتهي بها خارج المعادلة الفلسطينية، مع تصاعد أصوات داخلها تحثها على التراجع.
وتقول أوساط سياسية فلسطينية إن قيادة الحركة في وضع صعب، فهي من جهة لا تملك ترف التراجع عن الاستحقاقات المطلوبة داخليا ودوليا، كما أنها من جهة ثانية لا تستطيع الاستمرار فيها، ذلك أن التفاهمات الضمنية التي جرت بينها وبين حركة فتح، والتي كانت تقضي في محتواها بتجديد الشرعيات السياسية في الأراضي المحتلة على أن يبقى قطاع غزة في حوزتها، لم تعد قائمة.
وتصر قيادات فتحاوية على تشكيل قائمة موحدة في الانتخابات التشريعية، رافضة فكرة القائمة الوطنية بالمشاركة مع حماس، باعتبارها تنطوي على تضليل للناخبين الذين يريدون لقيادات فتح التقدم.
وكان الرئيس محمود عباس متحمسا في البداية للسير في خيار القائمة المشتركة، بيد أنه وتحت ضغط الداخل الفتحاوي بدأ يعيد النظر في هذا الخيار.
وقال رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية في حماس، عزت الرشق، مؤخرا إن قيادة الحركة ستدرس خلال الأيام القادمة شكل المشاركة في الانتخابات البرلمانية.
ولم يوضح القيادي في حماس أشكال المشاركة في الانتخابات التي ستدرسها حركته، لكن من أبرز الخيارات المطروحة للمشاركة قوائم تضم مرشحين مستقلين، أو أعضاء في الحركة، أو قوائم موحدة لمرشحين من الحركة وفصائل أخرى.
ويقول سياسيون إن الحركة على الأرجح ستسير في قائمة موحدة تضم قيادات من الصف الثاني والثالث، في حال حسمت فتح قرارها بشأن عدم الدخول معها في شراكة.

أحمد فؤاد أنور: دخول البرغوثي على الخط جعل من تحالف فتح وحماس مستبعدا
وبدأت تحركات حثيثة داخل فتح نحو تجميع تياراتها المتصارعة، أو على الأقل التنسيق في ما بينها، وهو ما يأتي على حساب حماس في النهاية التي كانت تراهن على المردودات الإيجابية للتفسخ الذي ضرب بقوة بنيان حركة فتح، وجعلها تتطلع إلى مد بصرها إلى الضفة الغربية بجانب غزة.
وقال الخبير في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية أحمد فؤاد أنور، إن دخول القيادي الفتحاوي مروان البرغوثي، الموجود في السجون الإسرائيلية منذ حوالي 18 عاما على الخط بقوة، فرض على حركة فتح ضرورة العودة إلى ثوابتها، بما يجعل من التحالف مع حماس في قائمة واحدة بعيدا.
وأضاف لـ”العرب”، أن أسهم البرغوثي ومنطقه السياسي في تزايد، ما يفرض ضغطا شديدا على فتح، من زاوية العمل على اختيار مرشحين يتمتعون بنزاهة عالية، الأمر الذي ينعكس سلبا على التيار الذي نجحت حماس في تقوية علاقتها به داخل فتح، ويقوده عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، ويدفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى ضرورة تبني ميزان سياسي عال، كي لا يضرب الحركة في مقتل، ويتسبب في المزيد من انهيارها أو يكتب شهادة وفاتها في هذا التوقيت.
وأوضح أن ظهور البرغوثي على المسرح أحدث صداه داخل فتح، كما أحدث ردود فعل داخل حماس التي راهنت على قدرتها على ابتلاع الحركة الأم من خلال انتخابات تشريعية اعتقدت أنها مضمونة، لذلك بدأ التململ يتزايد داخل حماس، خوفا من أن تلقى هزيمة تأخذ معها مكاسب السنوات الماضية.
واستبعد النائب السابق في المجلس التشريعي عن حماس، نايف الرجوب فوز الحركة في ظروفها الحالية بأكثرية في الانتخابات التشريعية المقررة في 22 مايو المقبل، جراء اعتماد التمثيل النسبي الكامل كنظام للانتخابات.
وقال الرجوب في تصريحات صحافية “وفقاً لنظام التمثيل النسبي الكامل (القوائم) من الصعب على حركة حماس أن تصل إلى نتيجة 50 في المئة زائد 1، تمكنها من تشكيل حكومة بمفردها”.
ومرجح أن تتزايد مراوغات حماس الأيام المقبلة، وقد بدأت تتحدث عن مشاركة مبالغ فيها لكل من قطر وتركيا في مراقبة العملية الانتخابية، في خطوة بدت لمناكفة القاهرة، ولتؤكد أنها لن تتخلى عن تحالفاتها الإقليمية ومواقفها العقائدية، وهي تعتقد أن مصر يمكن أن تغضب من ذلك، وتضطر إلى تبني سياسات ضد الحركة تمنحها مبررات للتنصل من الانتخابات.
ويتجاهل هذا التفكير أن الانتخابات أداة توافقت عليها قوى إقليمية ودولية لتحريك عملية المفاوضات مع إسرائيل، وإيجاد مبررات مقنعة لحض الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن على الانخراط في عملية السلام.
وإذا حاولت حماس التنصل قد تجد نفسها أمام مصدات وقوى ضاغطة من جهات متعددة، يمكن بموجبها أن تتكبد خسائر، بما يؤدي وضعها بين خيارين دقيقين، أحدهما التعامل مع المعطيات الراهنة بإيجابية، لأن أوضاع غزة باتت تحت منظار دولي، أو القيام بانقلاب على العملية الانتخابية، وتدخل بذلك المنطقة في دوامة جديدة.
وحسب مرسوم رئاسي سابق، من المقرر أن تُجرى الانتخابات الفلسطينية، على 3 مراحل خلال العام الجاري: تشريعية في 22 مايو، ورئاسية في 31 يوليو، وانتخابات المجلس الوطني (خارج فلسطين) في 31 أغسطس.