الاستراتيجية الأمنية للمغرب في مواجهة الإرهاب والتطرف تحقق نجاحات جديدة

بلغت المملكة المغربية أشواطا متقدمة في تفعيل استراتيجيتها الأمنية في مواجهة المجموعات المتطرفة والخلايا الإرهابية المهددة لأمن واستقرار البلاد، وسط إشادة الخبراء والمراقبين بالتنسيق الدائم والمستمر بين مختلف الأجهزة الأمنية والعمل الاستباقي في التصدي للتطرف العنيف والجريمة الإرهابية.
طنجة (المغرب) - نجحت السلطات الأمنية المغربية الأربعاء في تفكيك خلية إرهابية تابعة لتنظيم داعش، بمدينة طنجة شمال البلاد، كانت تستعد لتنفيذ مخطط إرهابي خطير ضد مؤسسات وشخصيات الدولة، في خطوة تعكس حسب المراقبين نجاعة الجهود الأمنية المتواصلة من أجل مكافحة الإرهاب والتهديدات المحدقة بأمن المملكة وسلامة المواطنين.
وتمكّن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني من تفكيك خلية إرهابية تتكون من خمسة عناصر تتراوح أعمارهم ما بين 22 و28 سنة، يحملون مشروعا إرهابيا له امتدادات عابرة للحدود الوطنية.
وحسب بلاغ للمكتب المركزي، يأتي تفكيك هذه الخلية الإرهابية وإجهاض مشاريعها المتطرفة في سياق الجهود الأمنية المتواصلة التي تبذلها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني من أجل مكافحة التنظيمات الإرهابية، وتحييد مخاطر التهديدات التي تحدق بأمن المملكة المغربية وسلامة المواطنات والمواطنين.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن الخلية الإرهابية المفككة والتي أعلنت ولاءها لتنظيم داعش الإرهابي، كانت تسعى لاستغلال فرصة الدخول السياسي حيث سيفتتح الملك محمد السادس البرلمان الجمعة بعد انتخابات مجلس النواب والمستشارين الأخيرة، للقيام بعملياتها الإرهابية.
وأكد محمد أكضيض عميد الأمن السابق والخبير في القضايا الأمنية، أن العملية التي تم التخطيط لها كانت ستكون خطيرة على أمن المغرب نظرا لطبيعة المحجوزات التي كانت تتوفر عليها الخلية الإرهابية، موضحا “أن تخطيط هذه العناصر يحيلنا إلى وجود ذئاب منفردة كانت تستعد لتفجيرات انتحارية”.
وأضاف الخبير الأمني في تصريح لـ”العرب” أن “الأجهزة الأمنية متيقظة تماما في رصد أي تحرك مشبوه لعناصر تحمل فكرا متطرفا، إضافة إلى توفرها على معلومات ومعطيات دقيقة حول الحركة على الحدود المغربية وعبر كل المنافذ البحرية والبرية لتقويض أي عملية تسريب أسلحة نارية، ما جعل تلك الخلية الإرهابية تعتمد وسائل تقليدية من أجل الاستعداد لهذه العملية”.
وكشفت إجراءات التفتيش عن وجود قارورة وقنينات من أحجام مختلفة تضم حمض النيتريك وسوائل كيمياوية مشكوكا فيها، وكميات من المسامير والأسلاك الكهربائية وست قنينات غاز من الحجم الصغير، يشتبه في تسخيرها لأغراض إعداد متفجرات تقليدية الصنع، فضلا عن حجز “علم“ كبير يحمل شعار تنظيم داعش، وملابس شبه عسكرية وأسلحة بيضاء.
وأفاد خالد الشرقاوي السموني مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية أن “المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني مؤهل للقيام بهذا الدور، نظرا للتجربة التي يتمتع بها، سواء تعلق الأمر بمكافحة التطرف أو الإرهاب أو محاربة الجريمة المنظمة أو العابرة للحدود، أو من حيث مهنية واحترافية العاملين في صفوفه، علاوة على عملياته الاستباقية لإفشال العديد من المخططات الإرهابية”.

وعلى الرغم من أن الفكر المتطرف يشكل تحديا أمنيا لجميع الدول، وخاصة المغرب، المتواجد في بوابة منطقة الساحل، إلا أن يقظة أجهزة الأمن المغربية ونجاعة الاستخبارات تجهضان في كل مرة المخططات الإرهابية التي تستهدف استقرار المملكة.
وأكد الشرقاوي في تصريح لـ”العرب” أن “الخطر الإرهابي يشكل تهديدا حقيقيا على مصالح الوطن واستقراره وعلى أرواح الناس وحرياتهم وحقهم في الأمن والطمأنينة، وأن ما قامت به الأجهزة الأمنية المغربية في مجال مكافحة التطرف العنيف وتفكيك الخلايا الإرهابية، خاصة المكتب المركزي للأبحاث القضائية، يجب الاعتراف به لكونه متعلقا من الناحية الحيوية بأمن واستقرار بلادنا وبحياة المواطنين”.
وتعلن الرباط، من حين إلى آخر، تفكيك خلايا إرهابية، وتقول إن استراتيجية مكافحة الإرهاب نجحت في تفكيك مئتي خلية إرهابية منذ عام 2003، بمعدل خلية شهريا، حيث تم خلال السنوات الأخيرة تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية الخطيرة التي لها ارتباط بتنظيمي “القاعدة” و”داعش”، كانت تخطط بالفعل إلى استهداف مواقع حساسة داخل المغرب.
وتشير المعلومات الأولية للبحث إلى أن “أمير” الخلية الإرهابية بطنجة (شمال) كان قد دخل في عدة اتصالات مع قياديين بارزين في تنظيم داعش بمنطقة الساحل وجنوب الصحراء، من أجل توفير الموارد المالية اللازمة لتمويل مشاريعه الإرهابية، وضمان الإمدادات المحتملة بالسلاح وغيره من المعدات اللوجيستية الضرورية للعمليات الإرهابية.
وذكّر الشرقاوي بحجم التحديات التي تواجه مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية، الساهرة على الأمن والاستقرار وحياة الأفراد والجماعات، من خلال اتخاذ تدابير آنية لمكافحة الإرهاب والتصدي للجماعات المتطرفة الداعية إلى العنف والكراهية، مشيرا إلى أن المغرب مهدد من الداخل والخارج، مما حتم على أجهزته الأمنية نهج أسلوب اليقظة والاستباق في الحصول على المعلومة واتخاذ الإجراءات السريعة والفعالة.
وخلص بلاغ المكتب المركزي للأبحاث القضائية إلى أن تفكيك هذه الخلية الإرهابية يؤشر مرة أخرى على استمرار مخاطر التهديد الإرهابي من خلال سعي بعض التنظيمات المتطرفة لمحاولة ارتكاب عمليات تخريبية من شأنها المساس الخطير بالنظام العام، كما أنه يؤكد مدى جاهزية المصالح الأمنية المغربية للتصدي لهذه المخاطر والتهديدات بما يضمن المحافظة على أمن الوطن وصون سلامة المواطنات والمواطنين.
وترتكز الاستراتيجية الأمنية الوطنية للمملكة المغربية في مجال مكافحة التطرف العنيف والإرهاب على عدة آليات وعناصر، لاسيما التنسيق الدائم والمستمر بين مختلف الأجهزة الأمنية ومختلف المتدخلين وجمع المعلومات والعمل الاستباقي في مجال التعرف على الحيثيات والبيئة الحاضنة وكذلك المؤهلة للاستقطاب والتجنيد، وكلها عوامل ساهمت في تحقيق نتائج جد مهمة في التصدي للتطرف العنيف والجريمة الإرهابية.
واعتبر الشرقاوي أن “الاستراتيجية الأمنية الوطنية للمملكة المغربية في مجال مكافحة التطرف العنيف والإرهاب حققت نتائج ملموسة، جعلتها نموذجا يحتذى به في دول المنطقة، ولقيت إشادة واسعة من عدة دول على غرار الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا مرورا بمنظمة الأمم المتحدة”.