الازدراء بين الأزواج ينذر بقرب حدوث الطلاق

الازدراء الزوجي.. هو حالة من الجفاء بين الزوجين تجعل كل طرف ينظر إلى الطرف الآخر على أنه أقل شأنا وأدنى مستوى، كأحد أشكال النرجسية، فيتبلور شعور عدم الاحترام والاقتناع، ما يقلل مساحة التقدير والمودة بين الزوجين، وتزداد معدلات الخلافات والشجارات الزوجية، التي عادة ما تنتهي في تلك الحالة بالانفصال.
يعتبر الانتقاد المتبادل بشكل سلبي أولى الخطوات على طريق الازدراء، كونه يفتح الباب أمام التركيز على عيوب الآخر، فهو يقوم على التجريح، والحديث عن العيوب بين الطرفين، ومن ثم التقليل من شأن الزوج وآرائه وأفكاره، كأن يُقال إنه غير كفء لمثل هذا القرار أو ذاك، ما يقود إلى تدمير الحوار والتفاهم في العلاقة بين الزوجين، وتبدأ المواجهات والصراعات داخل الأسرة.
وأكد الباحث الأميركي جون جوتمان، مؤسس معهد جوتمان وخبير العلاقات الزوجية، أن السبب الرئيسي والمشترك لحدوث الطلاق هو الازدراء. وأدرك جوتمان أن الازدراء هو الصفة التي ترتبط بجميع حالات الطلاق ويعتبر أعلى مؤشر على قرب حدوث الطلاق.
وأشار إلى أن كل الأزواج لديهم خلافاتهم ومناقشاتهم ولكن عندما يدير أحد الطرفين عينيه بعيدا، ويتملكه الشعور بالتفوق بالإضافة إلى استقرار الشعور بالاشمئزاز من الطرف الآخر، تبدأ العلاقة مرحلة النهاية. كما يمكن أن تكون العدائية السلبية تلميحا خفيا إلى تغلغل الازدراء في الزواج.
كل الأزواج لديهم خلافاتهم ولكن عندما يتملك أحد الطرفين الشعور بالتفوق تبدأ مرحلة النهاية
ولتجنب الازدراء نصح مايك كلا الطرفين بالتوقف عن إدارة العينين بعيدا حتى إذا لم يكن الطرف الآخر يرى ذلك. وأشار إلى أن طرح التوقعات جانبا ووضع كل طرف نفسه مكان الآخر من النصائح البسيطة والجميع يعرفها ولكن يجب التذكير بها من حين إلى آخر.
ويرى الدكتور محمد عبدالله، أستاذ علم النفس بجامعة حلوان في مصر، أن الازدراء يعد من أقوى الأسباب التي تؤدي إلى انهيار الأسرة أخلاقيا وسلوكيا، ومن ثم ينهي الحياة الزوجية، كونه يؤدي إلى الاحتقار المتبادل، والتقليل من شأن الطرف الآخر وإهانة كرامته، وهو ما يجعل الحوار وإمكانية التقارب وحل المشاكل شبه معدومة.
وأوضح أن من أسباب الازدراء الرئيسية كثرة الخلافات والشجار بين الزوجين، والاختلافات الحادة في الآراء والطباع والسلوكيات، كذلك عدم تحمل المسؤولية والفروقات الثقافية والاجتماعية والعلمية، مشيرا إلى أنه مع زيادة الازدراء والاحتقار بين الزوجين تفقد العلاقة احترامها وتزداد الضغوط النفسية، وبذلك يصبح الطلاق هو الحل للمحافظة على الكرامة واحترام الذات.
العلاقة الزوجية لا بد أن تقوم على احترام متبادل، ولكن عند ظهور التعامل بالازدراء والاحتقار سواء بنبرة الصوت أو بلغة الجسد أو بتعبيرات الوجه، فإن هذه الأمور تدل على التعالي واحتقار الشريك الذي لن يستطيع تحمل هذا الازدراء وتحمل المزيد من الإهانة والسخرية.
النقاش والحوار وسماع وجهة نظر الشريك، وعدم الاستهزاء بها والتقليل منها، تساعد على وجود نوع من الاحترام بين الزوجين
وبحسب علماء النفس هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الازدراء الزوجي، فقد يكون من أسبابه ضمور الحب وتضاؤله بعد فترة من الزواج، وبالتالي الشعور بالملل، ثم يبدأ الزوجان بغض بعضهما البعض، ومع كل هذه المشاعر السلبية قد يتولد نوع من الازدراء أو الاحتقار بين الزوجين، ومعه يتحتم طلب الطلاق والانفصال.
وتشير الدراسات إلى أن الرجال يمارسون التبلد وعدم الاهتمام بالزوجة بنسبة 85 بالمئة من الزيجات، نظرا لأن الرجل أقل تعافيا من الضغوط من المرأة، أما النساء فإنهن يجدن تهدئة أنفسهن بعد المواقف الضاغطة، وهو ما يفسر أيضا المحاولة شبه الدائمة من النساء لإثارة المشاكل في العلاقة الزوجية ومحاولة الرجال تجنبها.
وتوضح الدكتورة حنان زين، من مركز السعادة للاستشارات الزوجية، أن النقاش والحوار وسماع وجهة نظر الشريك، وعدم الاستهزاء بها والتقليل منها، تساعد على وجود نوع من الاحترام بين الزوجين، وتزيد من معدلات التفاهم والتوافق بينهما، وتعتبر حلا ناجعا في مواجهة الازدراء بين الزوجين، لافتة إلى أن اعتماد الزوجين أسلوب النقد الإيجابي البناء، الذي يقوم على التوجيه وتصحيح الأخطاء دون تجريح أو تقليل من قيمة آراء الآخر، من شأنه أن يأخذ الخلافات بين الزوجين إلى مسارها الطبيعي والمقبول.
وعن تأثير الازدراء والاحتقار بين الزوجين على الأبناء يقول الدكتور محمد عبدالعزيز، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاهرة: لا بد لأي علاقة زوجية أن تقوم على الاحترام والتفاهم لأن الآباء مرآة أبنائهم، موضحا أنه عندما يبدأ الازدراء والاحتقار من الأب للأم أو العكس، فإنه ينعكس على الأبناء وبالتالي يتعاملون بنفس الطريقة، ومن ثم يشعر الشخص المحتقر بأنه لا يستطيع تحمل هذا الكم من الاحتقار والإهانة، وتزداد الضغوط النفسية والعصبية عليه، حتى يجد طريق النجاة من هذا الألم النفسي في الطلاق.