الاتحاد الأفريقي يدعو إلى تحرّك عاجل لمواجهة الجهاديين في موزمبيق

شركات النفط العالمية تطلب مساعدة دولية لحمايتها من الإرهاب.
الجمعة 2021/04/02
جيش متعثر

أديس أبابا - دعا الاتحاد الأفريقي الخميس إلى تحرّك دولي عاجل ومنسّق إثر هجوم جهادي أوقع العشرات من القتلى وشرّد الآلاف في مدينة بالما في شمال موزمبيق، فيما يبدو التدخل الدولي لمساعدة الحكومة في مواجهة المتشددين محدودا.

وتكافح الحكومة الموزمبيقية، التي تعاني من ضائقة مالية شديدة، لتوسيع قدرات القوات المسلحة الدفاعية الموزمبيقية للتعامل مع التهديد، لكنها أخفقت إلى حد كبير في عرقلة سيطرة الجهاديين على مناطق واسعة من الدولة.

وفي 24 مارس سيطر جهاديون على بالما ونهبوا عددا من المباني وقطعوا رؤوس سكان، ما أجبر الآلاف على الفرار إلى غابة مجاورة.

وقتل العشرات ونزح أكثر من ثمانية آلاف شخص، فيما لا يزال كثرون في عداد المفقودين بعد الهجوم المنسّق الذي يعتبر أعنف تصعيد للتمرّد الإسلامي تشهده مقاطعة كابو ديلغادو منذ العام 2017.

وأعلن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي في بيان أنه “يدين بأشد العبارات الهجمات الإرهابية”.

وأعرب عن “قلقه البالغ” لوجود جماعات دولية متطرفة في جنوب أفريقيا، داعيا إلى “تحرّك إقليمي ودولي عاجل ومنسّق”.

وعقدت مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية (ساداك) محادثات طارئة في هراري للبحث في أعمال العنف في شمال موزمبيق. وتعهّد رئيس بوتسوانا موغويتسي ماسيسي تقديم دعم إقليمي، من دون إعطاء أي تفاصيل.

وقال ماسيسي إن مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية سوف “تستجيب بطريقة مفيدة لضمان عدم اعتداء قوات منشقّة ومتمرّدة وغير حكومية تقوّض الديمقراطية والسلام في المنطقة، على سيادة إحدى دولنا ووحدة أراضيها”.

لكن رئيس موزمبيق فيليبي نيوسي قلّل الأربعاء من أهمية الاعتداء الأخير في بالما، قائلا إنه “ليس الأكبر”، على الرغم من قربه غير المسبوق (نحو عشرة كيلومترات) من مشروع ضخم للغاز المسال تديره توتال الفرنسية مع شركات عالمية أخرى.

وأثار اكتشاف مخزونات ضخمة من الغاز الطبيعي شرق موزمبيق في عامي 2009 و2010 الآمال في الحصول على وظائف وحياة أفضل للعديد من السكان المحليين.

موسى فكي: قلقون للغاية من وجود جماعات دولية متطرفة في موزمبيق

وتعول موزمبيق، المصنفة أمميا ضمن أفقر 10 دول في العالم، على استغلال الغاز الطبيعي المكتشف حديثا للخروج من دائرة الفقر، لكن سيطرة الجماعات المتشددة على أجزاء واسعة شمالي البلاد تهدد ليس فقط طموحات حكومة موزمبيق بل أيضا الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات المستثمرة بالمنطقة.

ومن المتوقع أن تحقق مشاريع الغاز الطبيعي المسال الثلاثة الجارية حاليا في موزمبيق إيرادات للحكومة تصل إلى 100 مليار دولار، وتضيف 300 مليار دولار إلى اقتصاد البلاد على مدى عمر المشاريع.

واكتسبت جماعة أهل السنة والجماعة (القوة الجهادية الرئيسية) قوة كبيرة على مدار عام 2020، مما أدى إلى قرب شبه جزيرة أفونجي من منطقة عملياتها. وقد شاركت الجماعة، التي أصبحت فرعا لتنظيم داعش في عام 2020، في أكثر من 400 حادث أمني في عام 2020، أي أكثر من ضعف العدد الذي شوهد في عام 2019.

وفي أكتوبر أعلنت جماعة أهل السنة والجماعة عن هجومها الأول في تنزانيا عبر نهر روفوما، الذي يمتد بجوار حدود البلاد مع موزمبيق، فيما أثبتت قوات الأمن الموزمبيقية المنتشرة حتى الآن أنها غير مجهزة للحدّ من نمو وصعود الجماعة.

ودعت غرفة النفط والغاز في موزمبيق الأربعاء المجتمع الدولي إلى دعم جهود حكومة موزمبيق من أجل محاربة الإرهاب في مقاطعة كابو ديلغادو شمالي البلاد.

وأدانت الغرفة في بيان الهجمات الإرهابية التي وقعت الخميس في مدينة بالما، شمالي موزمبيق. وقالت إن الإرهاب “مشكلة عالمية، ولذلك يجب ألا تترك موزمبيق تتعامل معه بمفردها”.

وأشار البيان إلى أن هجوم الخميس كان يهدف على وجه التحديد إلى “تقويض مشروع الغاز الطبيعي المسال الموزمبيقي، الذي تقوده شركة توتال الفرنسية”.

وتقدر استثمارات شركة توتال وغيرها بنحو 23 مليار دولار، وهو ما يعتبر أحد أكبر الاستثمارات في القارة.

وأوضحت الشركة أن مشروع الغاز الطبيعي المسال في موزمبيق بصفته أكبر استثمار أجنبي مباشر في القارة الأفريقية، سيجعل البلاد ثالث أكبر مصدر للغاز على مستوى العالم بحلول عام 2045.

كما نوه أن المشروع “سيضاعف إجمالي الناتج المحلي لموزمبيق بحلول عام 2035، مما يؤكد على التأثير العميق لهذا المشروع على البلاد ومواطنيها والدول المجاورة”.

وكانت توتال علّقت أعمالها في شمال موزمبيق، وأجلت بعض الأعمال في أواخر ديسمبر بعدما شنّ جهاديون سلسلة من الهجمات قرب المجمّع.

ويجري بناء مرافق التصدير لأكبر مشروعين للغاز الطبيعي المسال في شبه جزيرة أفونجي. وسيحدث ذلك تأثيرا أكبر سواء في شبه الجزيرة نفسها أو من حيث الخدمات اللوجستية لنقل المعدات من وإلى موقع البناء في الأشهر المقبلة، مما يزيد من الهدف المحتمل لجماعة أهل السنة والجماعة.

وتدرس شركة “إكسون موبيل” أيضا بناء محطة برية في شبه جزيرة أفونجي في نفس موقع توتال، ولكن لم تتخذ بعد قرارا استثماريا نهائيا بشأن المشروع.

وفي الوقت الحالي، لا يبدو أن جماعة أهل السنة والجماعة تشكل تهديدا قويا على المنطقة المحيطة بشبه جزيرة أفونجي. لكن إذا تُركت دون رادع، فإن الجماعة لديها بالتأكيد القدرة على توسيع وتيرة عملياتها في المنطقة وتصبح أكثر تهديدا بشكل مستدام.

5