الإمارات تنهي بنجاح اختبار ثاني مفاعل نووي استعدادا لتشغيله

اقتربت الإمارات من دخول مرحلة جديدة في بناء قدرتها النووية السلمية بعد اجتياز ثاني مفاعل في محطة براكة اختبارات متقدمة أكدت التزامه بأعلى المعايير العالمية الخاصة بالسلامة والجودة والأداء تمهيدا لحصوله على رخصة لتشغليه، في خطوة يقول محللون إن لها انعكاسات كبيرة على خطط التنمية والاستدامة وتنويع الاقتصاد.
أبوظبي - اجتاز ثاني مفاعل نووي إماراتي كافة الاختبارات التي تسبق عمليات التفتيش والمراجعات تمهيدا للحصول على رخصة التشغيل، في وقت تقترب فيه المحطتان الثالثة والرابعة من مراحل الإنجاز الأخيرة.
وأعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية اكتمال الأعمال الإنشائية للمفاعل الثاني ضمن محطات براكة للطاقة النووية السلمية الأولى من نوعها في العالم العربي والجاري تطويرها بمنطقة الظفرة في إمارة أبوظبي.
وذكرت وكالة أنباء الإمارات أنه تم تسليم المحطة إلى شركة نواة للطاقة التابعة للمؤسسة والمسؤولة عن تشغيل وصيانة محطات براكة من أجل بدء مرحلة الاستعدادات التشغيلية.
وتسعى الإمارات، وهي منتج كبير للنفط، لتنويع مزيج الطاقة، بإضافة الطاقة النووية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء وتعزيز الاستدامة والمساعدة في إتاحة المزيد من الخام للتصدير.
ويمهد الإنجاز الاستراتيجي لإجراء بقية الاختبارات الرئيسة لأنظمة المحطة للحصول على رخصة تشغيل المفاعل الثاني من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية؛ الجهة الرقابية المسؤولة عن تنظيم القطاع النووي في الإمارات.
وقال محمد إبراهيم الحمادي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية “يبرز اكتمال الأعمال الإنشائية في المحطة الثانية وتسليم جميع أنظمتها إلى شركة نواة للطاقة أهمية تطوير أربع محطات متطابقة في آن واحد”.
وتضم محطة براكة عند استكمال عمليات البناء واجتياز الاختبارات أربعة مفاعلات بقدرة إجمالية تبلغ 5600 ميغاواط، موزعة بالتساوي.
وأشار الحمادي إلى أن الخبرات المكتسبة خلال المرحلة الإنشائية للمحطة الأولى ساهمت في تطوير المحطة الثانية، وكذلك المحطتين الثالثة والرابعة ضمن مشروع محطات براكة.
وأصدرت الهيئة في فبراير الماضي رخصة تشغيل المفاعل الأول في محطة براكة، لتمهد الطريق للبدء بتشغيله في وقت لاحق من العام الجاري.
وكان من المقرر افتتاح المفاعل الأول في 2017، لكن محللين أرجعوا ذلك إلى جهود الجهات التنظيمية في الإمارات لرفع سقف معايير السلامة والإجراءات الاحترازية العالمية إلى مستويات غير مسبوقة.
وأوضح الحمادي أن هذه الإنجازات الكبيرة تعكس حرص الحكومة الاتحادية على الانتقال إلى مصادر الطاقة الصديقة للبيئة في المنطقة وأن الإمارات على بعد خطوة من تأمين مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.
وقال إن الخطوة “تؤكد نجاح التعاون المشترك بين مؤسسة الإمارات للطاقة النووية وشريكها في الائتلاف والمقاول الرئيسي للمشروع؛ الشركة الكورية للطاقة الكهربائية كيبكو”.
ويعد البرنامج النووي السلمي الإماراتي محركا للنمو الاقتصادي والاجتماعي والعلمي للبلد الخليجي من خلال مساهمته في تعزيز أمن الطاقة وتنويع الاقتصاد وتوفير وظائف للمواطنين.
وتقول مؤسسة الإمارات للطاقة النووية إن المفاعلات الأربعة عند اكتمال تشغيلها ستوفر نحو 25 في المئة من احتياجات الإمارات من الكهرباء.
ويتوقع أن يجري فريق دولي من خبراء الطاقة النووية في مركز أتلانتا التابع للرابطة العالمية لمشغلي الطاقة النووية، تقييما للمفاعل الثاني كما حصل مع المفاعل الأول حتى يؤكد جاهزيته للبدء في المرحلة التشغيلية.
وتمر عملية تقييم الرابطة بسلسلة من الاختبارات ستقوم بها عدة جهات رقابية محلية ودولية، والتي يرجح أن تتكلل باستيفاء المفاعل الثاني في براكة لشروط التشغيل الآمن.
وتشمل التقييمات عددا من الوظائف التخصصية، التي تضم أداء مشغلي المفاعلات والعمليات والصيانة، وصولا إلى إدارة العمل والجاهزية لحالات الطوارئ.
ويعتبر التعاون مع المنظمات النووية الدولية أحد أهم بنود وثيقة سياسة الإمارات، التي صدرت في 2008 والمتبعة لتطوير البرنامج النووي السلمي الإماراتي وفق أعلى المعايير العالمية.
وتتضمن الوثيقة التزامات غير مسبوقة بالشفافية التشغيلية الكاملة وتطبيق أعلى معايير السلامة والأمان إلى جانب ضرورة التعاون مع الرابطة العالمية لمشغلي الطاقة النووية وأعضائها بهدف توفير التقييم اللازم وتبادل الخبرات في هذا المجال.
وقبل الانتهاء من الأعمال الإنشائية اجتاز المفاعل الثاني اختبار الأداء الحراري في أغسطس 2018 إلى جانب اجتيازه لاختباري السلامة الهيكلية ومعدل التسرب المتكامل في شهر مارس من العام الماضي.
وأظهرت الاختبارات التي تسبق مرحلة التشغيل أداء نموذجيا للمفاعل الثاني من حيث السلامة الهيكلية، كما أثبتت أن كافة أنظمته قادرة تماما على أداء دورها بشكل موثوق وآمن فور بدء المرحلة التشغيلية وفق أعلى معايير السلامة العالمية.
وتعتبر المفاعلات الأربعة التي بدأت عمليات بنائها في 2012 من أحدث تصميمات المفاعلات النووية في العالم وأكثرها تقدما من الناحية التكنولوجية ويلتزم بأعلى المعايير العالمية الخاصة بالسلامة والأداء.
وتم اعتماد تلك المعايير من قبل مفوضية الرقابة النووية الأميركية في العام الماضي حيث يحتوي تصميم كل مفاعل وهو من نوع أي.بي.آر 1400 على أنظمة أمان متطورة تضمن إغلاقها بشكل آمن وآلي وإزالة الحرارة ومنع الإشعاعات في حال الظروف غير الاعتيادية.
ويقول محللون إن البرنامج الطموح سيعزز موقع الإمارات كدولة مؤثرة على الساحتين الإقليمية والدولية وكدولة رائدة في مجال العلوم والتكنولوجيا.
وستسهم المحطات الأربع عند اكتمال تشغيلها في تزويد دولة الإمارات بطاقة كهربائية تعادل خفض انبعاثات تصل إلى 21 مليون طن من الغازات الكربونية سنويا.