الإمارات تقود جهودا خليجية لدعم الاقتصاد اللبناني

عززت الإمارات من تحركاتها عبر بوابة قيادة الجهود الخليجية لحشد الدعم المالي اللازم للبنان من أجل تخفيف أزماته الاقتصادية المتراكمة، رغم التوترات السياسية، التي تعرقل خطط بيروت لتنفيذ الإصلاحات في درب إبعاد البلاد عن شبح الانهيار.
أبوظبي – كشفت الإمارات أمس أنها تعكف على إعداد خطة تتعلق بتقديم مساعدات خليجية إلى لبنان حتى يقوم بمعالجة الأزمات المزمنة نتيجة التجاذبات السياسية، وهو ما أدى إلى انفجار غضب المواطنين.
وأكد محافظ مصرف الإمارات المركزي مبارك المنصوري خلال مؤتمر صحافي أمس أن البنك يدرس تقديم مساعدات للبنان وأنه سيرفع توصية إلى قيادة الدولة الخليجية.
ولم يذكر المنصوري تفاصيل دقيقة حول قيمة المساعدات المتوقع أن يتم ضخها للبنان، أو توقيت القيام بذلك بشكل دقيق.
ويقول محللون إن حصول بيروت على دعم خليجي يمكن أن يمثل حبل إنقاذ للاقتصاد اللبناني، رغم أن الصراع السياسي ونفوذ حزب الله الموالي لإيران قد يعرقلان حصولها على الدعم الذي تحتاجه.
وسئل المحافظ عما إذا كانت الإمارات قد قدمت معونة للبنان منذ زيارة رئيس الوزراء سعد الحريري الشهر الماضي فأجاب “قررنا إجراء دراسة وتقديم توصية للقيادة في ضوء التطورات الأخيرة”.
وتأمل بيروت في أن يعرض الحلفاء الخليجيون أو صناديق الثروة السيادية في المنطقة الدعم، لكنها لم تحصل حتى على أي تعهدات علنية، بسبب غموض التوازنات السياسية والتي تعرقل مسار الإصلاحات للخروج من الأزمات.
وأوضح المنصوري أنه لا يوجد اتفاق على أمور محددة وأنه يأمل في أن يتحسن الوضع في لبنان الذي يعاني من أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية بين 1975 و1990 وسط احتجاجات تعم البلاد.
وخلال مؤتمر استثماري عقد الشهر الماضي بأبوظبي، قال الحريري حينها إن “الإمارات تعهدت باستثمارات ومساعدات مالية للبنان لكن شيئا لم يتبلور”.
وأضاف “نعمل على كل شيء… نعم لدينا أمل. سنعمل على ذلك”.
واستقال الحريري، الذي كان يلقى دعما من الغرب ودول الخليج العربية، من منصبه الأسبوع الماضي معلنا أنه وصل إلى “طريق مسدودة” في مسعاه لحل الأزمة.
وتعهدت السلطات بتنفيذ إصلاحات طال تأجيلها في وقت يواجه فيه لبنان أحد أكبر أعباء الدين في العالم ويعاني من تراجع النمو وضعف البنية التحتية المتهالكة.
وتبدو احتياطات لبنان المالية معرضة للتراجع بعد أن تعهد المصرف المركزي بالسحب من احتياطيات النقد الأجنبي لسداد ديون الدولة المستحقة المقومة بالدولار. وقد أكد الأسبوع الماضي أنه مستعد لفعل المزيد.
وقال حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، الذي حضر المؤتمر، إن المركزي مستمر في توفير الدولارات لأسواق المال المحلية، وإن لبنان لديه العديد من الخيارات في مساعيه للحصول على مساعدة.
وتتجه احتياطيات لبنان من العملة الأجنبية، التي عادة ما كانت مرتفعة، إلى الانخفاض بسبب تباطؤ تدفقات رأس المال من اللبنانيين في الخارج إلى النظام المصرفي اللبناني.
وتسعى بيروت لكبح التراجع الحاد في ثقة المستثمرين الأجانب والمودعين الذين يتحولون إلى عملات أخرى غير الليرة المربوطة بالدولار. ويخضع ربط العملة المستمر منذ 22 عاما لتدقيق متزايد بينما تصارع البلاد أسوأ أزماتها الاقتصادية وسط انتشار واسع لاحتجاجات أطاحت بالحكومة.

وقال مدير الفريق السيادي في وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية توبي ايلز إن “تغيير ربط العملة اللبنانية بالدولار سيكون خطوة مؤلمة وسينجم عنه ضعف حاد لليرة لكنه قد يدر أيضا فوائد في الأجل الطويل”.
وأضاف “إذا كنت بصدد تغيير الربط، فإن الأمر يرقى إلى أن يكون إعادة تسعير للاقتصاد اللبناني… ومع الأخذ في الاعتبار الاختلالات التي يراها المرء في لبنان، مثل عجز الحساب الجاري، فإنه سيتسبب في ضعف كبير للعملة”.
ومن المرجح أن تكون تكاليف التخلي عن الربط مؤلمة في الأجل القريب، حتى إذا استطاع تعديل أن يدر فوائد في الأجل الطويل. واستبعد مصرف لبنان المركزي مرارا التخلي عن الربط الذي يحدد سعر الليرة عند 1507.5 مقابل الدولار.
لكن في ظل أسعار الصرف في السوق السوداء التي تشير إلى خصم يزيد على 20 بالمئة في الأيام القليلة الماضية، يقول مراقبون إن احتمالات خفض في خانة العشرات لقيمة العملة أصبحت مرجحة بشكل متزايد.
وتنهمك الأسواق والمستثمرون والمحللون في تقدير حجم المخاوف التي تواجه الليرة اللبنانية وإمكانية تدهور قيمتها في ظل استمرار شح الدولار واتساع الفجوة بين السعر الرسمي والأسعار المتداولة في السوق السوداء.