الأمم المتحدة تتحرك لفك لغز اختفاء آلاف المعتقلين السوريين

دمشق – قال محققو الأمم المتحدة الاثنين إن عشرات الآلاف من الأشخاص الذين اعتقلتهم السلطات السورية على مدى عشر سنوات من الحرب أصبحوا في عداد المفقودين وتعرض بعضهم للتعذيب أو الاغتصاب أو القتل في ما يصل إلى حد جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وعادت قضية المفقودين في سوريا إلى الواجهة في الفترة الأخيرة بفضل ضغوط من الأهالي والمنظمات الحقوقية السورية المعنية بملف المعتقلين، حيث كانوا وجهوا مؤخرا نداء إلى الأمم المتحدة بضرورة التحرك لفك لغز فقدان ذويهم.
وكشفت العشرات من العائلات عن تعرضها للابتزاز من قبل عناصر أمنية سورية لمعرفة مكان وجود ذويها، واضطرت تلك العائلات إلى دفع أموال باهظة على أمل الحصول على معلومة.
وتعاني سوريا منذ العام 2011 من صراع مركب راح ضحيته الملايين من المدنيين بين قتيل وجريح ولاجئ ومعتقل ومفقود، ولئن كان النظام السوري خلف معظم الاعتقالات إلا أن جماعات معارضة مثل الجيش السوري الحر، وجهادية مثل تنظيم الدولة الإسلامية وهيئة تحرير الشام متورطة في عمليات اعتقال غير قانونية وفي تعذيب وإعدام مدنيين.
وقال المحققون الأمميون في أحدث تقرير لهم “مصير عشرات الآلاف من الضحايا الذين خضعوا للاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري من جانب قوات الحكومة السورية وعلى نطاق أضيق من جانب تنظيم الدولة الإسلامية وهيئة تحرير الشام وغيرها من الجماعات ما زال غير معروف مع اقترابنا من نهاية عشر سنوات”.
وأضافوا أن مسألة المعتقلين تمثل “صدمة وطنية” ستؤثر على المجتمع السوري على مدى عقود.
محققو الأمم المتحدة أجروا 2658 مقابلة واستخدموا سجلات رسمية وصور أقمار صناعية لتوثيق جرائم في أكثر من مئة منشأة
وتنفي حكومة الرئيس بشار الأسد العديد من الاتهامات السابقة اللأمم المتحدة بارتكاب جرائم حرب وتقول إنها لا تعذب السجناء. وكانت جماعات المعارضة في اللجنة الدستورية حرصت على مدى جولات التفاوض الخمس على إثارة هذه القضية، بيد أن وفد الحكومة كان يتهرب بداعي أن ذلك ليس من اختصاص اللجنة.
ودعت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا بقيادة باولو بينيرو إلى محاكمة كل من ارتكبوا هذا الجرائم على جانبي الصراع وإلى تأسيس آلية دولية لتحديد أماكن المفقودين أو رفاتهم وبعضها في مقابر جماعية.
ورحب المحققون بحكم أصدرته محكمة في مدينة كوبلنتس الألمانية الأسبوع الماضي بالسجن أربع سنوات ونصف على عضو سابق في جهاز أمني تابع للأسد لمشاركته في تعذيب مدنيين في أول حكم من نوعه بجرائم ضد الإنسانية في الحرب الأهلية المستمرة منذ عشر سنوات.
وقال المحققون الأسبوع الماضي إنهم قدموا معلومات للجهات المختصة تتعلق بأكثر من 60 قضية جنائية وإن تقاريرهم استخدمت كأدلة في محاكمة كوبلنتس.

وأدانت محكمة كوبلنتس الإقليمية العليا السوري إياد الغريب (44 عاما) بالمشاركة في اعتقال ثلاثين متظاهرا على الأقل في دوما كبرى مدن الغوطة الشرقية بالقرب من دمشق في سبتمبر أو أكتوبر 2011، ونقلهم إلى مركز احتجاز تابع للاستخبارات يسمى “الفرع 251” أو الخطيب.
وهذه المرة الأولى في العالم التي تدين فيها محكمة عنصرا من النظام السوري بتهمة “قمع واسع النطاق ومنهجي” للتظاهرات من أجل الحرية والديمقراطية، وفق قول رئيسة المحكمة آن كيربر.
وأحيا القرار القضائي في ألمانيا الأمل في نفوس الآلاف من العائلات لمحاسبة مرتكبي جرائم بحق ذويها.
وتشهد سوريا أزمة اقتصادية عميقة وانهيارا في سعر العملة وتضخما بلغ عنان السماء. لكن القتال توقف بدرجة كبيرة واستعاد الأسد سيطرته على أغلب أراضي البلاد بفضل مساندة عسكرية روسية قوية.
وقال التقرير “الاختفاء القسري المنتشر كان متعمدا من قبل قوات الأمن على مدى السنوات العشر لإثارة الخوف وتقييد المعارضة وكوسيلة للعقاب”.
وأجرى محققو الأمم المتحدة 2658 مقابلة منها مقابلات مع بعض المعتقلين السابقين واستخدموا سجلات رسمية وصورا وتسجيلات وصور أقمار صناعية لتوثيق جرائم في أكثر من مئة منشأة اعتقال تديرها مختلف القوات.