الأقليات العرقية في إيران تدخل سجال الانتخابات الرئاسية

طفت قضايا الأقليات العرقية في إيران على السطح مجددا بالتزامن مع اقتراب التصويت في الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في 18 يونيو الجاري، إذ يحاول المتنافسون استقطاب أصوات هذه العرقيات عبر وعود قديمة متجددة بإصلاح أوضاعها وتلبية مطالبها المتعلقة بالإدماج ورفع اليد عن اضطهادها اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.
طهران - دخلت الأقلية التركية في إيران صلب سجال الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في 18 يونيو الجاري، بعد أن تصاعد الحديث عن أتراك إيران في المناظرة التلفزيونية الثانية لمرشحي الانتخابات، حيث قدّم المرشحون للدورة الثالثة عشرة تقييمات حول مواطنيهم من المكون التركي.
ويرى المرشحون أن أعداد الإيرانيين من أصول تركية أو الذين يتكلمون اللغة التركية قادرة على إحداث فارق في الانتخابات الرئاسية المقبلة لأنها تمثل كتلة هامة.
ويقدر عدد أبناء المكون التركي في إيران، حسب تقديرات غير رسمية، بأكثر من 35 مليون نسمة، فيما يبلغ إجمالي عدد سكان البلاد قرابة 80 مليون نسمة. ويتكون معظم أتراك إيران من الأذربيجانيين والتركمان والقاشقاي.
وسعى المرشح الرئاسي ورئيس الحرس الثوري السابق محسن رضائي (التيار المحافظ) إلى لفت نظر الناخبين الأتراك بشعار “تحيا أذربيجان” فيما أعرب المرشح إبراهيم رئيسي (التيار المحافظ) عن شكره لمواطنيه “الناطقين باللغة الأذرية في المحافظات التي يقيم فيها الأتراك”.
واعترض المرشح محسن مهر علي زادة (وهو من التيار الإصلاحي) على كلام رئيسي، مشيرا إلى أن عليه أن يكون أكثر دقة عند استخدام كلمة “أذري”.
35
مليون نسمة هو عدد أبناء الأقلية التركية من إجمالي عدد السكان البالغ 80 مليون نسمة
وأضاف “أريد تصحيح كلمات رئيسي، قال إنهم يتحدثون باللغة الأذرية، ليس لدينا مواطنون يتحدثون باللغة الأذرية، لدينا مواطنون يتحدثون باللغة التركية في أذربيجان الشرقية وأذربيجان الغربية وأردبيل وهمدان وزنجان وخراسان رضوي وأصفهان وشيراز وخوزستان وأماكن أخرى”.
وتعاني الأقليات العرقية في إيران من شتى صنوف الظلم والاضطهاد السياسي والثقافي وممارسة العنصرية والتمييز من قبل الحكومات المتعاقبة قبل الثورة الإيرانية وبعدها، حسب تقارير منظمات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
وتطفو مشاكل الأقليات على الساحة السياسية في إيران في كل المناسبات الانتخابية ويقدم المرشحون بدائل لتجاوز هذه المظالم، سرعان ما تختفي بعد الحصول على أصوات هذه الأقليات.
ويعد الأتراك من أهم القوميات التي انتفضت عدة مرات في وجه نظام الشاه محمد رضا بهلوي، حتى نجحوا عام 1945 في إقامة جمهوريتهم، لكن انسحاب السوفييت من شمال إيران أدى إلى انهيار الجمهورية الوليدة.
وشارك الأذريون بصفة مكثفة في الانتفاضات الاجتماعية الشعبية التي هزت أركان حكم النظام الإيراني وخاصة الانتفاضة الشعبية في 2019 والتي رفعت شعار إسقاط النظام.
ويطالب أتراك إيران باعتماد اللغة التركية لغة رسميّة، باعتبارها أكثر اللغات انتشارًا بعد الفارسية في إيران، إلى جانب الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي يتضمنها الدستور وتتجاهلها الحكومات المتعاقبة بشقيها الإصلاحي والمحافظ.
وفي حين أن النظام يضطهد كافة المنشقين في إيران تخضع الأقليات غير الفارسية لاضطهادٍ أكبر بكثير، بالإضافة إلى القمع الاستبدادي المعياري الذي يمارسه النظام؛ ذلك أن أبناء الشعوب غير الفارسية يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، فيُحرَمون من حق التعليم العام بلغتهم الخاصة ومن حقوقٍ أُخرى تُمنَح تلقائيًّا للإيرانيين ذوي الإثنية الفارسية، ويحدث كل ذلك رغم الضمانات الدستورية المفترَضة لاستخدام اللغات الأخرى في كلٍ من وسائل الإعلام والتعليم. كما أن الأقليات تُحرَم من التوظيف ومن فرصٍ أخرى متاحة لنظرائها من الفرس، وتخضع لمحاولات متكررة من الدمج القسري.
أعداد الإيرانيين من أصول تركية أو الذين يتكلمون اللغة التركية قادرة على إحداث فارق في الانتخابات الرئاسية المقبلة لأنها تمثل كتلة هامة
ويوجد في إيران خليط من عدة قوميات أهمها الفرس والترك والكرد والعرب والتركمان واللور والجيلان. ويتهم نشطاء هذه القوميات السلطات المركزية بممارسة سياسة التفريس حيالها منذ ثمانية عقود بهدف صهر هويتها في الهوية الفارسية. لذلك نشطت تلك الأقليات في تحري الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على هويتها بالتوازي مع مطالبة السلطات الإيرانية بتطبيق المواد المعطلة من الدستور الحالي التي تؤكد المساواة بين الأقليات والسماح لأبنائها بتعلّم لغاتها القومية، وصولا إلى مطالبة بعضها بالانفصال.
وفي وقت سابق من العام الجاري قال علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني للشؤون الدينية والعرقية، في مقابلة مع صحيفة “شرق” الإيرانية إن “الشعور بالتمييز والإحساس بالإذلال بين جميع الأقليات الإيرانية لم ينته بعد”.
وتطرق علي يونسي إلى بعض القضايا السياسية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها البلاد، مشيراً إلى أن القضايا المتعلقة بالأقليات العرقية والدينية تعد من أكبر التحديات السياسية التي تواجه إيران.
وأكد يونسي على أن “الشعور بالتمييز والإذلال بين أبناء القوميات والأقليات الدينية بعد مضي أربعة عقود من عمر الجمهورية الإسلامية لا يزال قائماً، على الرغم من الوعود التي قطعها الرئيس روحاني، ذلك أن أبناء الأقليات لم يتمكنوا من الانخراط والمشاركة في إدارة البلاد”.
وأضاف يونسي “يجب علينا أن نوظف المثقفين من أبناء التركمان والبلوش والأكراد والعرب وأهل السنة ونضعهم في مناصب مهمة في الدولة”.
وتأتي تصريحات يونسي بعد مضي أسبوعين على احتجاجات في مدن أحوازية أدت إلى اعتقال 400 ناشط في المحافظة.