الأزمات تدفع أردوغان إلى تدوير مقترح الدستور الجديد

رجب طيب أردوغان: سيتم التوصل إلى نص معقول تتبناه الغالبية العظمى من الشعب.
الجمعة 2021/09/03
أزمات تحل باصطناع أزمات جديدة

إسطنبول - أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه سيقدم مسودة لدستور جديد لتركيا خلال الأشهر الأولى من العام المقبل، وسط تساؤلات بشأن أهمية الخطوة وسط أزمة اقتصادية خانقة تعصف بالبلاد.

وقال أردوغان الأربعاء خلال افتتاحه للسنة القضائية الجديدة “سيتم التوصل إلى نص معقول تتبناه الغالبية العظمى من الشعب، ويتسم بالاتساق الداخلي ويلبّي احتياجات تركيا على المديين المتوسط والطويل”.

وأكد الرئيس التركي أنه سيلجأ إلى استفتاء شعبي على الدستور الجديد في صورة عدم حصوله على إجماع داخل البرلمان، فيما يستبعد مراقبون تصويت أحزاب المعارضة لصالح ما يقولون إنه دستور حزب العدالة والتنمية الإسلامي وحليفه حزب الحركة القومية.

ويرى مراقبون أن تحركات أردوغان من خلال الحديث عن أهمية كتابة دستور جديد تأتي في سياق التحايل على ضغوطات الداخل التركي، والقفز على الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد منذ عام 2018 إضافة إلى السعي لمحاصرة الأحزاب الجديدة التي خرجت من رحم العدالة والتنمية من جهة، وقطع الطريق من جهة أخرى على دعوات المعارضة التقليدية نحو ضرورة إلغاء النظام الرئاسي والعودة إلى النظام البرلماني.

ويشير هؤلاء أن أردوغان يسعى لصرف الانتباه عن أزمات الداخل، واستيعاب الضغوط التي تتعرض لها حكومة العدالة والتنمية بسبب التحولات الدراماتيكية في الاقتصاد التركي، وحجم المعاناة التي تعيشها قطاعات واسعة من الأتراك، في ظل المعطيات السلبية، وفي الصدارة منها انهيار سعر صرف العملة الوطنية (الليرة) التي صُنفت في نهاية العام الماضي كإحدى أسوأ عملات الأسواق الناشئة أداء على المستوى العالمي، ناهيك عن ارتفاع معدلات التضخم.

علي باباجان: أردوغان يسعى لإلهاء الشارع التركي عن أزماته الحقيقية

ويصف زعيم حزب الديمقراطية والتقدم المعارض علي باباجان مقترح أردوغان لوضع دستور جديد للبلاد بأنه أمر يندرج في سياق محاولات الائتلاف الحاكم من أجل الهروب من الأزمة الاقتصادية وإلهاء الشارع التركي عن أزماته الحقيقية.

وعلى الرغم من أن الدعوة لكتابة دستور جديد في تركيا ليست هي الأولى من نوعها، فقد سبقها تشكيل لجنة من ممثلين بالتساوي من جميع الأحزاب في البرلمان لإعادة النظر في الدستور الحالي، لكن هذه المحاولة تعثرت، وتم حل اللجنة في عام 2013 بسبب تصاعد الخلاف بين المكونات الحزبية.

ويقول متابعون إن أردوغان يسعى من خلال العودة للحديث عن دستور جديد لتحقيق مكاسب سياسية في المرحلة الحالية بسبب تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية، وتآكل رصيده التقليدي وسط قواعده الانتخابية، وفشل الإجراءات التقليدية في التحايل على الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ عام 2018، ناهيك عن تصاعد حدة الاستقطاب في الداخل التركي، وتوجّه المعارضة نحو ترسيخ تحالفاتها وتوسيعها لإعادة تشكيل الخارطة السياسية، والعودة إلى النظام البرلماني.

ووفقًا للدستور المزمع طرحه قد يتم تعديل قانون الانتخابات الرئاسية، وحاجز العتبة الانتخابية لدخول البرلمان، بحيث يتم تخفيض الحد الأدنى للتمثيل في البرلمان من 10 في المئة إلى 5 في المئة، إضافة إلى إجراء الانتخابات الرئاسية ضمن جولة واحدة بدلًا من جولتين وإلغاء النسبة الاعتيادية للفوز، والتي تتمثل بضرورة حصول المرشح الفائز على 50+1.

ولا تنفصل الدعوة إلى كتابة دستور جديد عن مساعي الرئيس التركي لتفصيل المشهد على مقاس طموحات حزبه، ووضع فصول جديدة تعزز هيمنته على السلطة، وتقزيم السلطات التي يمكن أن تمثل تحديًا أمام توجهاته، وتفح الباب أمام إمساكه بمفاصل المشهد في الداخل.

ويؤكد متابعون أن الدعوة لكتابة دستور جديد تمثل إحدى آليات تثبيت النفوذ من جهة، ومن جهة أخرى يمكن توظيفها في التحايل على التراجع الحادث في شعبية الحزب الحاكم، بصرف الانتباه إلى حدث مغاير.

5