الآمال المحبطة في قمة العشرين تثقل انطلاق مؤتمر المناخ في غلاسكو

غلاسكو - افتتح رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الاثنين، مؤتمر كوب 26 التاريخي حول المناخ بتحذير قادة العالم بأنهم سيواجهون حكما قاسيا من الأجيال القادمة في حال لم يتحركوا بشكل حازم.
وقال في خطابه الافتتاحي “غضب ونفاد صبر العالم لن يكونا من الممكن التحكم فيهما إلا إذا جعلنا مؤتمر كوب26 هذا في غلاسكو اللحظة التي ننتقل فيها إلى الجد بشأن التغير المناخي، وهذا يشمل الفحم والسيارات والمال والأشجار”.
وردد جونسون بذلك صدى الناشطة المدافعة على المناخ البالغة من العمر 18 عاما، غريتا ثونبرغ الموجودة في غلاسكو مع الآلاف من المحتجين الآخرين، في حث القمة على عدم الانغماس في “الثرثرة”.
وأمِل مراقبون بأن يعطي اجتماع قادة مجموعة العشرين، وهي الدول التي تمثل 80 في المئة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، زخما قويا لقمة “كوب26” المنعقدة في غلاسكو بعدما تأجّلت لمدة عام جرّاء الوباء.
وأعربت كبرى اقتصادات مجموعة العشرين الأحد عن التزامها بحصر الاحترار المناخي بحدود 1.5 درجة مئوية، الهدف الأكثر طموحًا لاتفاقيّة باريس المبرمة عام 2015.
كما اتفقت على وقف تمويل محطات جديدة تعمل بالفحم في مختلف أنحاء العالم بحلول أواخر العام 2021.
وفيما لم تتجه دول مجموعة العشرين خالية الوفاض إلى قمة غلاسكو حول المناخ، إلا أن الالتزامات التي قطعتها الأحد، في روما لم تقنع المنظمات المدافعة عن البيئة والأمم المتحدة.
وكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تغريدة “أرحب بالتزام مجموعة العشرين المتجدد إيجاد حلول على الصعيد العالمي لكنني أغادر روما بآمال محبطة حتى لو لم تُدفن بعد”.

أنطونيو غوتيريش: آن الأوان للقول كفى.. علينا إنقاذ البشرية
وكانت قرارات مجموعة العشرين مرتقبة جدا إذ أنها تضم الاقتصادات المتقدمة الرئيسية (الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة) فضلا عن الدول الناشئة الكبيرة مثل الصين وروسيا والهند والبرازيل والتي تمثل 80 في المئة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.
ولم تعترف محادثات مجموعة العشرين في روما سوى “بالأهمية الرئيسية” للوصول إلى مستوى صفري للانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بحلول منتصف القرن أو نحو ذلك دون تحديد جدول زمني للتخلص التدريجي للدول من الفحم.
ولم تخرج المحادثات بوعود قاطعة للحد من انبعاثات غاز الميثان وهو غاز آخر من الغازات المسببة لارتفاع درجات الحرارة.
ولم يحدد كذلك تاريخ واضح لتحقيق الحياد الكربوني، وقد اكتفت مجموعة العشرين بذكر “منتصف القرن”. وذلك موعد أقل دقة من أفق 2050 الذي طالبت بتبنيه الرئاسة الإيطالية لمجموعة العشرين، وقد التزمت الصين حتى الآن ببلوغ الحياد الكربوني العام 2060.
وسجلت خيبة أمل كبيرة بشأن ملف ساخن آخر مطروح في كوب26 ويتعلق بالمساعدات إلى الدول الفقيرة على صعيد المناخ. فالتزام أغنى دول العالم توفير مئة مليار دولار سنويا اعتبارا من 2020 لن يتحقق قبل 2023 مع أن تداعيات الأزمة المناخية تتفاقم مع موجات جفاف وقيظ مميتة وحرائق ضخمة وفيضانات. وغالبا ما تقف الدول الفقيرة في الصفوف الأمامية في مواجهة هذه الكوارث.
وجدد غوتيريش دعوته الاثنين إلى “إنقاذ البشرية” في مواجهة التغير المناخي من أجل وقف حفر “قبورنا بأيدينا”.
وقال متوجها إلى العشرات من قادة العالم المجتمعين في إطار كوب26 “لقد آن الأوان للقول كفى”. مضيفا أنه بدلا من مواصلة استغلال الأرض “اختاروا إنقاذ مستقبلنا وإنقاذ البشرية”.
وتنتظر مشاركة أكثر من 120 من قادة الدول والحكومات من بينهم الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون والهندي ناريندرا مودي والأسترالي سكوت موريسون المدافع الكبير عن استخدام الفحم إذ إن بلاده هي المصدّر الأكبر عالميا.
لكن يغيب لاعبون رئيسيون أيضا مثل الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي لم يغادر بلاده منذ بدء جائحة كوفيد – 19.
وطرحت الصين التي تسجل أكبر كمية من انبعاثات غازات الدفيئة أهدافا جديدة لخفض الانبعاثات اعتبرها خبراء كثر غير طموحة.

ويغيب كذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تعتبر بلاده من كبار الملوثين في العالم فضلا عن البرازيلي جايير بولسونارو المتهم بالسماح بقطع أشجار الأمازون بشكل كثيف.
وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة “غرينبيس” جينيفر مورغن “إذا كانت قمة مجموعة العشرين تحضيرا لكوب26، فإن قادة العالم أضاعوا الفرصة”. وأكدت أنه في غلاسكو حيث يستعد الكثير من الناشطين للتظاهر، “سنفرض اتخاذ التحركات الضرورية للحماية من الأزمة المناخية ومن كوفيد – 19 على حد سواء”.
وأشارت نائبة رئيس منظمة “غلوبال سيتيزن” فريدريكه رودر “كل ما رأيناه في اجتماع مجموعة العشرين أنصاف إجراءات أكثر منها تدابير ملموسة”. وقال رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي الذي ترأست بلاده مجموعة العشرين “هذه السنة علينا أن نضع في اعتبارنا أن هذه مجرد بداية. ونتقدم خطوة خطوة”.
وأكد جو بايدن “حصول نتائج ملموسة” لكنه أعرب عن “خيبة أمل” لغياب الصين وروسيا عن القمة. ورأت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن اجتماع مجموعة العشرين يشكل “مؤشرا جيدا قبل غلاسكو”.
واعتبر ألوك شارما رئيس مؤتمر الأطراف حول المناخ في الافتتاح الأحد، أن المؤتمر هو “الأمل الأخير والأفضل” لحصر الاحترار المناخي بحدود 1.5 درجة مئوية، الهدف الأكثر طموحا لاتفاقية باريس. وأضاف أنه خلال الوباء “لم يتوقف التغير المناخ. كل الأضواء حمراء على لوحة القيادة المناخية”.
ويهدف مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ “كوب26” والذي تأجل لمدة عام بسبب جائحة كوفيد – 19 إلى الحفاظ على الهدف المتمثل في الحد من ارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل التصنيع وهو المستوى الذي يقول العلماء إنه سيجنب الأرض أكثر عواقب الاحتباس الحراري تدميرا.
ولتحقيق ذلك يحتاج المؤتمر إلى الخروج بتعهدات أكثر طموحا للحد من الانبعاثات وجمع المليارات بغية تمويل مكافحة تغير المناخ والانتهاء من القواعد في سبيل تنفيذ اتفاقية باريس وذلك بموافقة ما يقرب من 200 دولة وقعت عليها بالإجماع.
وستؤدي التعهدات الحالية للبلدان بخفض الانبعاثات إلى ارتفاع متوسط درجة حرارة الكوكب 2.7 درجة مئوية هذا القرن، وهو ما تقول الأمم المتحدة إنه سيؤدي إلى زيادة الدمار الذي يسببه تغير المناخ بالفعل من خلال اشتداد العواصف وتعريض المزيد من الناس للحرارة الشديدة والفيضانات المدمرة والقضاء على الشعاب المرجانية وتدمير الموائل الطبيعية.
