اعتراف كوبلر بأهمية القبائل خطوة نحو تحقيق الوفاق في ليبيا

تونس – لطالما اعتبر محللون أن حل الأزمة الليبية يقع بيد قبائلها الموزعة على الأقاليم الثلاثة للبلاد (برقة، طرابلس، فزان)، لكن الأمم المتحدة ولئن استدعت المكونات القبلية خلال مفاوضات الصخيرات المغربية، إلا أنها لم تول أراءها ومقترحاتها أي اعتبار الأمر الذي دفع عددا من ممثليها إلى الانسحاب من المفاوضات قبل توقيع الاتفاق السياسي.
وجاءت تصريحات المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، عقب لقائه بوفد عن قبائل إقليم برقة والتي اعترف فيها بأهمية دور القبائل في حل الأزمة الليبية حيث قال “لا بد من الاستماع إلى آراء القبائل لإيجاد حل عسكري وسياسي في أقرب وقت ممكن”، لتعكس وجود تغيير في الموقف الأممي إزاء القبائل.
وتعيش ليبيا على وقع انقسام سياسي منذ سنتين؛ حيث انقسمت في البداية إلى حكومتين وبرلمانين عقب الانتخابات التشريعية التي جرت سنة 2014، والتي أفضت إلى خسارة الإسلاميين، الأمر الذي دفعهم إلى تشكيل تحالف ميليشيات فجر ليبيا التي قامت بطرد القوات الموالية للبرلمان الجديد في المعركة الشهيرة التي عرفت بمعركة المطار.
ودفع هذا الانقسام حينها الأمم المتحدة إلى إطلاق مفاوضات تهدف إلى تشكيل حكومة وجيش موحد في ظل تنامي حجم التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم داعش، لكن الاتفاق الذي انبثق عن هذه المفاوضات ساهم في المزيد من تأزيم الوضع لتصبح في ليبيا 3 حكومات بدل اثنتين، بعد أن رفض مجلس النواب منح الثقة لحكومة الوفاق.
ولئن تتخوف بعض الأوساط الليبية من إمكانية وقوف القبائل عائقا أمام مسيرة بناء الدولة المدنية، وتعتبر الاعتماد عليها تكريسا للنزعة القبلية التي طغت على المجتمع الليبي طيلة عقود، إلا أن عضو المجلس الأعلى للقبائل الليبية أشرف عبدالفتاح، أكد لـ”العرب” أن تجاهل الأمم المتحدة والغرب للدور الرئيسي الذي تلعبه القبائل ساهم في تعكير الوضع في ليبيا، ذلك أن القبائل تعتبر العامل الأساسي والأصيل في معالجة الأزمة الليبية بالشكل الصحيح والسليم.
|
ويرى مراقبون وناشطون أن النظام التقليدي الذي تتبعه القوى الغربية لتحقيق الاستقرار في ليبيا، من إنشاء حكومة موحدة وإجراء انتخابات برلمانية، ثبت فشله وفاقم من الانقسامات الاجتماعية.
وفي هذا السياق قال أشرف عبدالفتاح إن مبعوثي الأمم المتحدة يفتقدون للخبرة فى معرفة خصوصية الشعب الليبي المكون من قبائل وعشائر متجذرة فى تاريخ ليبيا.
وأضاف عبدالفتاح في حديثه لـ”العرب” أن كل المبعوثين الأمميين الذين جاؤوا إلى ليبيا يحاولون القفز على هذه المكونات الاجتماعية بمسميات المجتمع المدني والأحزاب وغيرها من مسميات قد تنفع في بلدانهم ولكنها أثبتت فشلها في المشهد الليبي.
وفي المقابل يؤكد مراقبون أنه من الأفضل اتباع منهج مختلف والبدء من أسفل الهرم إلى أعلى، والتركيز على إقامة حكم محلي فعَّال واتباع آليات لحل الخلافات القبلية.
كما أن التجربة أثبتت أن الاتفاقات المحلية لها فرص أكبر في النجاح والاستمرار لمدة أطول لأنها تتضمن أطرافا أقل، وبالتالي يمكن تنفيذها بالكامل بزيادة جهودها في هذا الاتجاه وتوفير الدعم وتدريب الأطراف المحلية، بالتوازي مع الجهود السارية للتوصل إلى تسوية سياسية.