استقالات متتالية في السلطة الفلسطينية: تجديد دماء أم صراع مراكز

توقف جملة من المشروعات والقرارات المالية فجّر خلافات داخلية.
الجمعة 2021/01/08
سلطة مترهلة

فتحت التحويرات التي طالت العديد من مؤسسات السلطة الفلسطينية في الآونة الأخيرة، الباب أمام الكثير من التكهنات. فهناك من يربط الأمر بالصراع الجاري بين مراكزها، وهناك آخرون يرون أن هذه التغييرات ترتبط بتوجه لتجديد الدماء في ظل ترهل كبير أصاب المؤسسات الفلسطينية.

رام الله – أثارت الاستقالات المتتالية في السلطة الفلسطينية، وآخرها لرئيس هيئة مكافحة الفساد أحمد البراك، تساؤلات حول الدوافع التي تقف وراءها في ظل أنباء عن أن هذه الاستقالات كانت في معظمها إقالات.

ولا تستبعد دوائر سياسية أن تكون هذه الموجة انعكاسا لحرب مواقع داخل السلطة في ظل صراع أجنحة متنام بين مراكزها، والذي كاد يفجر في الأسابيع الماضية الوضع الداخلي لاسيما في مخيمات اللجوء في الضفة الغربية.

وتحدثت مصادر فلسطينية عن أن البراك لم يقدم استقالته، كما تروج السلطة، بل صدر قرار بإقالته من قبل الرئيس محمود عباس وتعيين رائد رضوان خلفا له.

وذكرت المصادر أن البراك، بمجرد علمه بنبأ الإقالة، توجه إلى مكتبه وحاول نقل العديد من الملفات، لكن قوة من استخبارات الرئاسة أحبطت محاولته، وتمت مصادرة تلك الملفات واحتجزته رفقة ثلة من الموظفين القريبين منه قبل أن يجري إطلاق سراحهم.

وانضم البراك بذلك إلى المحافظ عزام الشوا الذي أُعلن في 3 يناير الجاري عن استقالته من رئاسة سلطة النقد، حيث جرى تعيين فراس ملحم خلفا له.

سمير غطاس: الاستقالات الأخيرة لم تصب العصب الأساسي للسلطة
سمير غطاس: الاستقالات الأخيرة لم تصب العصب الأساسي للسلطة

وكانت سلطة النقد، التي هي بمثابة البنك المركزي للسلطة، أعلنت أن استقالة الشوا جاءت لدوافع شخصية. وتولى الشوا رئاسة سلطة النقد في نهاية عام 2015، خلفا للمحافظ جهاد الوزير.

وتبقى الاستقالة الأبرز والأقوى أثرا استقالة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي التي تقدمت بها في نوفمبر الماضي وقبلها عباس في 9 ديسمبر.

ولم تعلن عشراوي عن الاستقالة إلا بعد موافقة رئيس السلطة عليها حيث قالت آنذاك إن من الدوافع التي قادتها إلى اتخاذ هذا القرار ترهل منظمة التحرير وأنه “آن أوان إصلاح وتفعيل المنظمة وإعادة الاعتبار لصلاحياتها”.

ويرى مراقبون أن مؤسسات السلطة الفلسطينية تعاني منذ سنوات من حالة ترهل كبيرة، وتواجه السلطة ضغوطا دولية متزايدة لإعادة تجديد الدماء.

وأعلنت السلطة الفلسطينية عن جملة من التعيينات في اليومين الماضيين، أبرزها تعيين اللواء طلال دويكات مفوضا عاما لهيئة التوجيه السياسي والوطني، خلفا للواء عدنان الضميري الذي نقل إلى خطة مستشار لوزير الداخلية، وقد كان الضميري يشغل منصب المفوض العام منذ عام 2009.

وجاء تعيين دويكات بعد قرار دمج العديد من المؤسسات والهيئات الرسمية في وزارات السلطة، حيث تقرر بموجب القرار الذي شمل 30 مؤسسة حكومية إلحاق هيئة التوجيه السياسي بوزارة الداخلية.

ويقول الباحث في الشأن الفلسطيني، سمير غطاس، إن ما يجري في أروقة السلطة الفلسطينية من استقالات يعد أمراً طبيعيا، بل كان من المتوقع أن يحدث ذلك منذ فترات طويلة من أجل إفساح المجال أمام شخصيات وكوادر جديدة للظهور، لكن وجود حركة تحرر على رأس نظام الحكم طيلة هذه السنوات أدى إلى ركود عام في هياكل السلطة.

وأضاف في تصريحات لـ”العرب” أن هناك ضغوطا شديدة تعرضت لها السلطة في أعقاب الأزمات المالية الطاحنة التي مرت بها مؤخراً جراء الخلافات مع الولايات المتحدة، وهو ما ترتب عليه توقف جملة من المشروعات والقرارات المالية والاقتصادية، الأمر الذي فجر خلافات داخلية لم تظهر أصداؤها بشكل كبير بعد.

وأوضح أن الاستقالات الأخيرة لم تصب العصب الأساسي للسلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير وفي مجملها طالت مناصب بيروقراطية، باستثناء حنان عشراوي التي كانت استقالتها راجعة إلى أسباب خاصة بها، إذ كانت تتوقع أن تتولى مسؤولية ملف المفاوضات خلفاً لصائب عريقات، وهو ما رفضه الرئيس محمود عباس (أبومازن).

وكانت السلطة الفلسطينية قد قبلت إجراء انتخابات عامة يرجح أن يعلن عن موعدها في الفترة المقبلة، في ظل ضغوط دولية تدفع باتجاه تجديد الشرعية.

2