احتجاجات المدرسين تشوش على حراك الرئاسيات بالجزائر

تنسف احتجاجات المدرسين المساعي التي تبذلها السلطات خلال الأشهر الماضية وفي مقدمتها التراجع عن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، لتوفير مناخ هادئ يسبق الانتخابات الرئاسية، وتهدّد بارتفاع نسبة المقاطعة والعزوف عن التصويت.
الجزائر - يعتزم التكتل النقابي المستقل لقطاع التربية، الدخول في حركة احتجاجية مع نهاية الشهر الجاري، للتنديد بعدم التزام الحكومة بتعهداتها تجاه الاتفاقات المهنية والاجتماعية المبرمة بينها وبين وزارة التربية، إلى جانب عدم الترخيص لها من طرف وزارة العمل بتكوين كونفيدرالية نقابية مستقلة.
وتزعج هذه الاحتجاجات السلطات التي سعت خلال الأشهر الماضية إلى توفير مناخ هادئ يمهد الأجواء للولاية الرئاسية الخامسة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.
وكان خبراء أشاروا إلى أن الجزائر تراجعت عن بعض الإصلاحات الاقتصادية مثل خفض الدعم المكلف، وذلك بهدف التقليل من مخاطر خروج احتجاجات قبل الانتخابات الرئاسية من شأنها رفع نسبة العزوف.
وأعلن التكتل المستقل لنقابات التربية، الذي يضم ست نقابات، الدخول في إضراب شامل في الـ26 و27 من الشهر الجاري، والقيام بأربع وقفات احتجاجية جهوية في أربعة ولايات أمام مقرات مديريات التربية.
ويأتي تصاعد الحراك النقابي، عشية الذهاب إلى انتخابات رئاسية مثيرة للجدل في شهر أبريل القادم، ويعكس حالة الغليان الاجتماعي الذي تعيشه البلاد في السنوات الأخيرة، ما يوحي بحجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعترض طريق السلطات السياسية، ويضع ورقة الاستقرار على حافة الانفجار في ظل الاختلالات الكبيرة التي تعرفها التوازنات الاقتصادية والمالية للبلاد.
الجزائر تتراجع عن بعض الإصلاحات الاقتصادية مثل خفض الدعم المكلف، تجنبا لخروج احتجاجات قبل الانتخابات
وذكر بيان التكتل النقابي أن “نقابات التكتل المستقل قررت الدخول في إضراب وطني يومي الثلاثاء والأربعاء الموافق لـ26-27 فبراير الجاري، وتنظيم وقفات احتجاجية جهوية في كل من محافظات باتنة، الأغواط، غليزان، والبليدة، أمام مقار مديريات التربية للمطالبة بتحقيق المطالب المرفوعة”. وصرّح النائب البرلماني والناشط النقابي السابق مسعود عمرواي، بأن “التكتل المستقل استنفد جميع الحلول والمقترحات الودية، ولم يبق أمامه سوى تصعيد اللهجة والذهاب إلى خيار الإضراب والاحتجاج، للضغط على الحكومة من أجل الاستجابة للمطالب المرفوعة واحترام الالتزامات السابقة”.
وحمّل المتحدث، حكومة أحمد أويحيى مسؤولية حالة التعليق والتلكؤ في تجسيد التعهدات السابقة، المتعلقة بتراجع القدرة الشرائية، والقانون الأساسي للعمل والأسلاك المشتركة ومنح الجنوب، وسن التقاعد.
واعتبرت المضامين النهائية للمحاضر المبرمة بين نقابات التكتل المستقل ووزارة التربية، القطرة التي أفاضت الكأس، وأعادت الوضع الاجتماعي في قطاع التربية إلى مربع الصفر، بسبب ما وصف بـ”تغيير الوزارة للاتفاقات المتوصل إليها بين الطرفين في مفاوضات سابقة”.
وكانت النقابات نفذت إضرابا مفتوحا مطلع العام الماضي، انتهى بتدخل الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.
وأكدت السلطات حينئذ أن “طلبا أرسلته رئاسة الجمهورية إلى مكتب النقابة، يفيد بتوقيف الإضراب لبدء جولة حوار جديدة مع الوزيرة نورية بن غبريط بعد توقف المفاوضات لمدة شهر”.
وقال بيان للتكتل إنه “بعد إطلاع كل نقابة على حدة على نسخة مشروع المحضر الخاص بها، تبيّن أن محتوى مشـاريع هذه المحاضر جاءت مختلفة تماما عن مضمون النقاش الذي دار خلال الجلسات مع ممثلي الوزارة، وهذا في أغلب الملفات التي تم التداول بشأنها، وأن المصالح الوزارية التي قامت بتحـرير مشاريع المحاضر لم تكن هي نفسها التي اجتمعت مع النقابات”.

وأضاف “أمام هذا الوضع، فإن النقابات المستقلة لقطاع التربية ترفض المحاضر بمضامينها الحالية، وقد قامت بإبلاغ الوزارة بجل ملاحظاتها، وإن نقابات التكتل تدعو الوزارة إلى انتهاج أسلوب حوار حقيقي وجاد يفضي إلى حلول للملفات العالقة، كما تدعو المصالح المختصة إلى عدم الانجرار وراء محاولات زرع الريبة والشك في صفوفها بينها وبين نقاباتها عن طريق التسريبات المتتالية”.
وشكل قرار وزارة العمل والضمان الاجتماعي، القاضي بعدم الترخيص للتكتل المستقل بتكوين كونفيدرالية نقابية مستقلة، فتيلا إضافيا في إشعال الغليان الاجتماعي داخل القطاع الذي يؤطر نحو نصف مليون موظف وزهاء عشرة ملايين تلميذ، ووصفه الناشط النقابي صادق دزيري بـ”الحلقة الجديدة من مسلسل التضييق على الحريات والعمل النقابي”.
واستهجنت النقابات المستقلة، طريقة تعامل وزارة التربية مع النقابات محليا ووطنيا، وصنفتها في خانة “التنافي مع الشراكة الاجتماعية الحقيقية”.
ونددت بفرض المزيد من أساليب التضييق على حرية ممارسة العمل النقابي، وإلغاء العمل بمحاضر الاجتماعات الثنائية وعدم توفير المقرات للنقابات، وعرقلة حق تأسيس الفروع النقابية واللجوء إلى المحاكم في حالة النزاعات.
وتلجأ المصالح والجهات الوصية في غالب الأحيان، إلى القضاء لإبطال شرعية الاحتجاجات العمالية، وتأتي الأحكام في معظمها في غير صالح العمال، الأمر الذي كان محل استهجان من طرف منظمات ونقابات دولية، استنكرت توظيف القضاء في خنق الحقوق النقابية والتضييق على الانشغالات المهنية والاجتماعية للطبقة الشغيلة في البلاد.