اتفاق برعاية روسية ينهي التصعيد في درعا البلد

هدنة على مقاس النظام السوري تعبد طريقه للسيطرة على ريف درعا الغربي.
الخميس 2021/09/02
ترقب حذر

يفتح قبول المعارضة في محافظة درعا البلد بتهدئة فرضتها روسيا على مقاس قوات النظام السوري الباب لسقوط آخر معاقل المعارضة في ريف درعا الغربي. ويتوقع مراقبون أن ينتهج النظام السوري نفس التكتيك لاستعادة ما تبقى من مدن خارجة عن سيطرته.

درعا (سوريا) - تعبّد الهدنة في مدينة درعا البلد من محافظة درعا السورية التي فرضتها روسيا على مقاس النظام السوري الطريق لسيطرته على ريف درعا الغربي آخر معاقل المعارضة المسلحة.

ومع إحكام النظام السوري سيطرته على مدينة درعا البلد لن تبقى أمامه مناطق ساخنة سوى بلدة طفس ومدينة بصرى الشام ومحيطها.

وبدأ الأربعاء تنفيذ اتفاق تسوية رعته روسيا ينهي تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق منذ سنوات استمر لأسابيع في مدينة درعا البلد في جنوب سوريا وذلك بعد قصف شديد تعرضت له المنطقة خلال الأيام الماضية، ومحاولات اقتحام من قبل قوات النظام.

ومنذ نهاية يوليو، شهدت مدينة درعا تصعيدًا عسكريًا بين قوات النظام ومجموعات مسلحة محلية، بعد ثلاث سنوات من تسوية استثنائية رعتها روسيا. وتفاقمت الأوضاع الإنسانية مع حصار فرضته قوات النظام على درعا البلد، أي الأحياء الجنوبية لمدينة درعا حيث يقيم مقاتلون معارضون.

وقادت روسيا طوال الشهر الماضي مفاوضات للتوصل إلى اتفاق بين الطرفين، تم خلالها إجلاء نحو سبعين مقاتلًا معارضًا إلى مناطق سيطرة فصائل معارضة في شمال البلاد.

وقال مدير المرصد لسوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن “بدأ تنفيذ الاتفاق الأخير الأربعاء بدخول الشرطة العسكرية الروسية إلى درعا البلد”. وينص الاتفاق، وفق المرصد، على وضع قوات النظام ثلاثة حواجز في درعا البلد، على أن يسلم المقاتلون المعارضون الراغبون بالبقاء أسلحتهم، فيما يُرجح أن يتم إجلاء رافضي التسوية.

رامي عبدالرحمن: بدأ تنفيذ الاتفاق بدخول الشرطة الروسية إلى درعا البلد

وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بدورها عن “بدء تسليم أسلحة وتسوية أوضاع عدد من مسلحي درعا البلد”، ونشرت صورًا قالت إنها تعود إلى عمليات التسوية.

وشهدت مناطق متفرقة من المحافظة بينها مدينة درعا مواجهات تعدّ الأعنف في ثلاث سنوات، وفق المرصد الذي وثق مقتل 22 مدنيًا بينهم ستة أطفال و26 عنصرًا من قوات النظام و17 مقاتلًا معارضًا.

وازدادت الأوضاع الإنسانية سوءًا مع استمرار مناوشات واشتباكات متقطعة وتبادل القصف، إلى جانب إحكام قوات النظام تدريجًيا الخناق على درعا البلد. ودفع التصعيد أكثر من 38 ألف شخص إلى النزوح من درعا البلد خلال شهر تقريبًا، وفق الأمم المتحدة.

وقال الناشط المعارض عمر الحريري من مكتب “توثيق الشهداء في درعا” “ما حصل هو إلغاء استثناء حازت عليه درعا قبل ثلاث سنوات”. وأضاف الحريري “من المتوقع أن تتجه قوات النظام الآن إلى مناطق يتواجد فيها مقاتلون معارضون في ريف درعا الغربي، بهدف التوصل إلى النتيجة ذاتها”.

وشكك مصدر في الجبهة الجنوبية التابعة للجيش السوري الحر المعارض في التزام القوات الحكومية السورية ببنود اتفاق مدينة درعا. وقال إن “القوات الحكومية تختلق الحجج والذرائع لنقض أي اتفاق”.

وخلط غياب الضامن الروسي عن المعارك على الأرض في محافظة درعا الأوراق من جديد وفتح الباب أمام قوات النظام السوري لبسط سيطرتها على المحافظة.

ويقول مراقبون إنه لا يمكن لقوات النظام شن تصعيد عسكري في المنطقة دون ضوء أخضر روسي، وهو ما بات جليا بعد أن أجبرت المعارضة في درعا على القبول باتفاق “استسلام” والتهجير القسري للمسلحين من المنطقة.

ومحافظة درعا، التي كانت مهد الاحتجاجات الشعبية عام 2011، هي المنطقة الوحيدة التي لم يخرج منها كل مقاتلي الفصائل بعد استعادة قوات النظام السيطرة عليها في يوليو 2018، إذ وضع اتفاق تسوية رعته موسكو حدا للعمليات العسكرية وأبقى وجود مقاتلين معارضين احتفظوا بأسلحة خفيفة، فيما لم تنتشر قوات النظام في كل أنحاء المحافظة.

ولم تحل اتفاقية التسوية دون اعتقال قوات النظام معارضين وافقوا عليها. وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، طغت الفوضى الأمنية وتفلت السلاح على المشهد في درعا، مع وقوع تفجيرات وعمليات إطلاق نار ضد قوات النظام أو اغتيالات طالت موالين أو معارضين سابقين وحتى مدنيين عملوا لدى مؤسسات حكومية.

الأمم المتحدة تحذر من وضع حرج في الأحياء التي تشهد تصعيدا عسكريا، وتنبه إلى أن إمكان الوصول إلى السلع والخدمات الأساسية، بما في ذلك الطعام والكهرباء بات "صعبا للغاية"

وفي الخامس والعشرين من يونيو الماضي، فرضت قوات النظام السوري والميليشيات التابعة لها حصارا على مدينة درعا البلد، بعد رفض المعارضة تسليم السلاح الخفيف، باعتباره مخالفا لاتفاق تم بوساطة روسية عام 2018، ونص على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط.

وبعد ذلك بشهر، توصلت لجنة التفاوض بدرعا البلد، وقوات النظام إلى اتفاق يقضي بسحب جزئي للأسلحة الخفيفة المتبقية بيد المعارضة، ووجود جزئي لقوات النظام، إلا أن الأخيرة أخلت بالاتفاق وأصرت على السيطرة الكاملة على المنطقة.

وبعد قصف النظام للمنطقة ومحاولات عديدة لاقتحامها أجرت لجنة التفاوض عدة اجتماعات مع الجانب الروسي من أجل التهدئة في المنطقة. ودفع التصعيد العسكري بين قوات النظام ومقاتلين معارضين في مدينة درعا في جنوب سوريا أكثر من 38 ألف شخص إلى النزوح خلال شهر تقريبا، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة.

وأحصى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في بيان نزوح 38.600 شخص إلى مدينة درعا ومحيطها، فرّ معظمهم من درعا البلد.

ويتوزع النازحون، وفق المصدر ذاته، بين نحو 15 ألف امرأة وأكثر من 3200 رجل ومن كبار السن، إضافة إلى أكثر من 20.400 طفل. وزادت الأوضاع الإنسانية سوءا مع استمرار مناوشات واشتباكات متقطعة وتبادل القصف، إلى جانب إحكام قوات النظام تدريجيا الخناق على درعا البلد.

وحذّرت الأمم المتحدة من وضع حرج في الأحياء التي تشهد تصعيدا عسكريا، منبهة إلى أن إمكان الوصول إلى السلع والخدمات الأساسية، بما في ذلك الطعام والكهرباء بات “صعبا للغاية”.

وتقيّد قوات النظام دخول البضائع إلى درعا البلد، حيث يقيم نحو أربعين ألف شخص يعيشون الحصار الذي أفقد العائلات المؤونة، إضافة إلى نقص في الخدمات الطبية وانقطاع مياه الشرب والكهرباء والإنترنت.

وفي مداخلة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي شدد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون على حاجة البلاد الملحة للمساعدات الإنسانية. وقال بيدرسون “نجدد دعوتنا كل الأطراف إلى وضع حد نهائي للعنف”، مطالبا بإتاحة دخول المساعدات الإنسانية “فورا وبشكل آمن ومن دون عراقيل إلى كل المناطق المتضررة بما فيها درعا البلد”.

2