اتفاقيات تمليك الأجانب تثير نقاشا حادا في تونس

تونس - أكد حافظ الملكية العقارية جمال العياري، في تصريح لصحيفة “العرب”، الثلاثاء، أن اتفاقية التوطين في تونس بالنسبة إلى مواطني بلدان المغرب العربي ليست جديدة، موضحا أن الجديد في الأمر هو المذكرة الداخلية التي صدرت مؤخرا وتهم التذكير بترسيم عقارات الليبيين في تونس بسجلات الملكية العقارية.
وأصدرت إدارة الملكية العقارية مذكرة في 31 أكتوبر 2016، تتعلق بإعفاء الليبيين من رخصة الوالي عند اقتناء عقارات بتونس، وذلك في إطار تفعيل اتفاقية التوطين المبرمة بين تونس وليبيا التي صدرت عام 1961 وتمت المصادقة عليها بتاريخ 9 يونيو 1962.
وجاء في مذكرة إدارة الملكية العقارية أنه “مراعاة لمبدأ المعاملة بالمثل، وفي إطار دفع جديد للعلاقات الثنائية بين البلدين ولأجل تحقيق التطابق بين بيانات السجل والوضعية الواقعية للعقارات، فقد تقرر إعفاء الليبيين من رخصة الوالي التي كانت مشترطة مسبقا في العمليات العقارية”.
وأوضح حافظ الملكية العقارية أن رخصة الوالي صدر بخصوصها منذ الاستقلال أمر علي ينص على أن كل عملية بيع عقار في تونس يجب أن تتم بترخيص من الوالي وقد تم إلغاء هذا الشرط بالنسبة إلى التونسيين وبقي يهم الأجانب فقط.
وأضاف أنه في عام 1961 أمضيت اتفاقية توطين مع ليبيا بموجبها يتمتع المواطن الليبي في تونس بحقوق التونسي وفي ليبيا يتمتع التونسي بحقوق الليبي.
وقال مبروك كورشيد كاتب الدولة لدى وزير المالية المكلف بأملاك الدولة والشؤون العقارية، الاثنين، في حديث خص به الإذاعة الوطنية التونسية، إن “الاتفاقيات الضابطة لملكية الأجانب في تونس تتمتع بعلوية قانونية على القانون الوضعي الداخلي”.
وقال جمال العياري إنه في عام 2011 ومع موجة قدوم الليبيين إلى تونس، هربا من الأوضاع الأمنية غير المستقرة هناك، أصبحت وزارة المالية، نظرا للأعداد الكبيرة للوافدين الليبيين، ترفض تسجيل عقود العقارات بالقباضات المالية من قبل الليبيين وهو ما ترتب عليه رفض إدارة الملكية العقارية ترسيم العقارات بسجلاتها.
|
وأوضح أنه صدر بداية أكتوبر 2014 حكم من المحكمة الإدارية يلزم وزير المالية بتسجيل العقود. وأضاف أنه في مارس 2015 عمم وزير المالية قرار المحكمة على الإدارات المعنية فأصبحت إدارة الملكية العقارية مطالبة بترسيم عقارات الليبيين في تونس.
وأشار جمال العياري إلى أن عدم تسجيل هذه العقارات في السجلات الرسمية يجعلها مهددة بالتعرض للتحيل والنصب، فقد يتعرض العقار للبيع مرتين من قبل المالك الأصلي بما أنه غير مسجل من قبل الليبي الذي اشتراه، كما يمكن أن تصبح تلك العقارات رسوما مجمدة.
يشار إلى أن جمال العياري قد أكد في تصريح إعلامي سابق أن هناك أكثر من 300 قضية منشورة بالمحكمة الإدارية بخصوص عدم ترسيم عقود شراء لعقارات من قبل مواطنين ليبيين، وأشار إلى أن الملكية العقارية لا تملك رقما دقيقا بخصوص أملاك المواطنين الليبيين في تونس.
ولم يكن بوسع القباضة المالية قبل 2016، تسجيل هذه العقود مما حرم خزينة الدولة من 6 بالمئة من كلفة كل عقد حسب حافظ الملكية العقارية. وأكد أن تسجيل هذه العقود انطلق منذ بداية 2016، بعد منشور صادر عن وزير المالية آنذاك، مما سمح للقباضة بتسجيل هذه العقود. وتقدر نسبة تسجيل العقارات بـ 6 بالمئة، منها 5 بالمئة لفائدة القباضة المالية و1 بالمئة لفائدة إدارة الملكية العقارية. يشار إلى أنه توجد اتفاقيات توطين مماثلة مع المغرب والجزائر وكذلك النيجر وفرنسا.
وأوضح مبروك كورشيد أنه في ما يخص الجزائريين يكمن الفرق في أن الدولة الجزائرية لا زالت تتعامل برخصة الوالي، بينما يتمتع الجزائريون في تونس بإعفاء من هذه الرخصة بموجب قرار صدر عام 2012.
وبخصوص الشكوى الاستعجالية التي تقدمت بها جمعية “فورزا تونس” للمحكمة الإدارية ضد إدارة الملكية العقارية من أجل إيقاف القرار الذي نصت عليه مذكرة 31 أكتوبر 2016 والذي يعنى بإعفاء الليبيين من رخصة الوالي، أكد حافظ الملكية العقارية أن أي قرار تصدره المحكمة سيقع احترامه وتطبيقه من قبل الإدارة التي يشرف عليها.
يذكر أن جمعية “فورزا تونس” قالت، في بيان لها، إن “هذا القرار سوف يمكن المجموعات الإرهابية والإجرامية من اتخاذ تونس كقاعدة لعملياتها وسوف يثقل ويشتت مجهود قواتنا الأمنية”.
واعتبرت أن “هذا القرار سيساهم في الرفع من أسعار العقارات التي باتت خارج المقدرة الشرائية للشعب التونسي الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة”.
وأشار جمال العياري إلى أن ما يعنيه هو الجانب القانوني للمسألة فقط أما بقية المسائل التي أثارتها الجمعية فهي ليست من مشمولات الإدارة العقارية بل تعود إلى الخبراء الاقتصاديين للحديث عن ارتفاع أسعار العقارات وأزمة السكن في تونس، أما بقية الأسباب التي ذكرتها الجمعية في بلاغها فقد اعتبرها حافظ الملكية العقارية “لا ترتقي إلى مستوى التعليق عليها”.
وأكد كاتب الدولة لأملاك الدولة مبروك كورشيد أن قرارات التمليك التي يدور الحديث عنها في الآونة الأخيرة تستثني العقارات الفلاحية.