اتساع عجز موازنة 2022 يعظم التحديات المالية أمام الجزائر

الجزائر - تواجه محاولات الجزائر لسدّ عجز موازنة 2022 مطبات كثيرة، حيث يعرقل تعاظم حاجيات التمويل لتغطية النفقات الجديدة والمشاريع المرتبطة بالبنية التحتية والاستثمارات ومخصصات الدعم خطط الحكومة التي تعلق آمالا على استمرار ارتفاع أسعار النفط الخام.
ويتوقع مشروع قانون الموازنة العامة للعام المقبل عجزا تاريخيا يفوق أربعة تريليونات دينار (30 مليار دولار) نتيجة ارتفاع النفقات بأكثر من نمو الإيرادات.
وتشير الوثيقة إلى أن الإيرادات الإجمالية للسنة المالية المقبلة ستبلغ 43 مليار دولار، بينما المصروفات الإجمالية تصل إلى قرابة 74 مليار دولار.
وسعت الحكومة إلى شراء السلم الاجتماعي مرة أخرى حينما خصصت في الموازنة الجديدة أكثر من 14.6 مليار دولار لبند الدعم، بينما قدمت حوافز وإعفاءات للمستثمرين الشباب ورواد الأعمال من أجل دعم مشاريعهم الناشئة بهدف خفض مستويات البطالة المرتفعة.
وتطبق الجزائر سياسة الدعم منذ عقود، وتتحمل الدولة الفارق بين سعر تسويق المنتجات واسعة الاستهلاك وقيمتها الحقيقية، إضافة إلى دعم قطاعات السكن والوقود وذوي الاحتياجات الخاصة والأسر محدودة الدخل.
ويعتبر عجز الموازنة العامة للسنة المقبلة الأكبر في تاريخ الجزائر بعد أن كان في حدود 22 مليار دولار في موازنة السنة الجارية نتيجة جائحة كورونا والأزمة النفطية التي رافقتها.

أيمن بن عبدالرحمن: إيرادات النفط من المنتظر أن تتجاوز توقعات الموازنة القادمة
وتتوقع السلطات الجزائرية نحو 37 مليار دولار إيرادات إجمالية للصادرات بالنقد الأجنبي، منها 33 مليار دولار عائدات محروقات (نفط وغاز).
ورغم تفاؤل البعض بما جاءت به الموازنة، إلا أن آخرين يعتقدون أن الحكومة بحاجة إلى خطوات جريئة، حيث مع احتمال عودة هبوط أسعار النفط، قد تواجه الجزائر البالغ تعداد سكانها 44 مليون نسمة عاصفة اقتصادية في أي لحظة.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية الاثنين عن رئيس الوزراء أيمن بن عبدالرحمن قوله إن “إيرادات النفط من المنتظر أن تتجاوز التوقعات لأن الحكومة وضعت الموازنة مستندة إلى سعر نفط 45 دولارا للبرميل في المتوسط، بينما وصلت الأسعار في الوقت الراهن إلى 85 دولارا للبرميل”.
وكان رئيس الوزراء يجيب عن أسئلة طرحها عدد من النواب الأحد الماضي خلال جلسة لأن موافقة البرلمان ضرورية لأي إجراء يؤثر على موازنة الدولة.
وكشف بن عبدالرحمن أن الحكومة قررت التخلي عن أرباح مجموعتي سوناطراك وسولنغاز وغيرهما من الشركات الحكومية للسماح لها بالاستثمار في مشاريع توسعية.
ويعاني اقتصاد الجزائر من تبعية مفرطة لإيرادات المحروقات (نفط وغاز)، إذ تشكل مداخيل الطاقة حوالي 94 في المئة من الصادرات، في حين لم تحقق بعد الصناعات التحويلية الصغيرة في البلاد إنتاج بدائل كافية.
وكثفت الجزائر خلال السنوات الأخيرة من تحركاتها دون جدوى بهدف حماية احتياطاتها النقدية الأجنبية من التآكل بعد أن تراجعت بشكل حاد بسبب تراجع أسعار النفط منذ بداية الأزمة في منتصف 2014 والتي أثرت على مداخيلها، فضلا عن الهبوط الكبير في قيمة العملة المحلية أمام اليورو والدولار.
وأجبرت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة للجزائر السلطات على الدخول في معركة السيطرة على واردات السلع والخدمات بعد أن تسببت في استنزاف الاحتياطات النقدية نتيجة ارتفاع تكاليفها السنوية، في محاولة من الدولة النفطية لمعالجة الاختلالات المالية المزمنة.
وتخوض الدولة العضو في منظمة أوبك منذ سبع سنوات معركة مفتوحة لكبح فاتورة الواردات غير الأساسية ومواجهة تبعات الأزمة النفطية التي تسببت في تراجع إيرادات البلاد بشكل غير مسبوق.
وبخصوص توقعات نمو الاقتصاد في العام المقبل أشارت الوثيقة إلى أنه سيكون في حدود 3.3 في المئة، وستبلغ نسبة نمو قطاع المحروقات 4 في المئة والزراعة 4.5 في المئة والصناعة 4.1 في المئة.
كما يتوقع مشروع القانون صادرات محروقات عند مستوى 27.9 مليار دولار، بينما ستبلغ الواردات 31.5 مليار دولار بانخفاض قدره 5.4 في المئة مقارنة بمستواها في 2021.