إيران تتجرع السّم في سوريا

يوما تلو يوم تقلّم أظافر طهران وتقص أذرعها في منطقتنا العربية مؤذنة بمنطقة عربية جديدة خالية من الكره الطائفي والميليشيات التابعة لطهران ومشروعها الذي انحسر وارتد وبالا عليها.
السبت 2024/12/14
هزيمة لإيران في سوريا

بهجوم السابع من أكتوبر وارتداداته على الميليشيات التابعة لإيران ومشروعها التوسعي في المنطقة العربية، ظهر أن إيران وتفريخاتها وما شابهها ومن سار في ركبها من أنظمة قومية ليست سوى أنظمة ومنخورة سياسيا وعسكريا واقتصاديا، وأن ما حدث في هجوم السابع من أكتوبر كان أكبر من حماس ورعاتها، وما تلاه من ردّات فعل إسرائيلية انتقامية، لا يحتمله حكم الميليشيات القائم إن كان بحجم ميليشيا تحكم دولة كحزب الله في لبنان، أو دولة ميليشيا يحكمها تجار مخدرات كنظام بشار الأسد في سوريا.

وإن جلب السابع من أكتوبر الإبادة الجماعية والدمار على قطاع غزّة، إلا أنه كان له بعض الإيجابيات الواضحة التي كانت لصالح شعوب المنطقة، كتقليص دور الميليشيات وإعلاء كلمة الدولة الوطنية، والعمل على حصر السلاح بيد الدولة والتفكير بمرحلة جديدة عنوانها العدالة والرخاء والتنمية.

وعند الإنصات لحديث قادة عملية ردع العدوان، نجد أن عدوّهم الخارجي الوحيد هو إيران، وهي دولة لا يمكن إقامة علاقات ودية أو حتى طبيعية معها بالحد الأدنى، بسبب مشروعها الديني التوسعي الذي حاولت تمريره في سوريا قبل الثورة السورية، ومساندتها العسكرية للنظام واشتراكها في المذابح ضد السوريين بعد الثورة السورية.

خسارة طهران للنظام السوري في دمشق، لا يعني خسارته وحده، بل خسارة الفصائل الفلسطينية التي كانت بجعبته

تخرج اليوم التصريحات الإيرانية، بعد خروج بشار الأسد من دمشق خلسة، وهي تصريحات متعالية وكاذبة بذات الوقت. متعالية كونها تقول “نترك للسوريين تقرير مصيرهم” وكأن تقرير مصير السوريين ليس من حقوقهم الطبيعية، وإن إيران تحمّل السوريين الفضل والمنة لأنها دعتهم وشأنهم وتركتهم يمارسون حقوقهم الطبيعية. وكاذبة لأنها تقول “ما زال لنا تواجد في سوريا” وهو كذب محض، وعدم اعتراف بالهزيمة المدوّية وخسارة كل الاستثمارات الدينية والسياسية والاقتصادية، فقد تم تطهير الجسد السوري من الوجود الإيراني.

هذه الهزيمة لإيران في سوريا، ساقت الانشراح والسرور في الصدور العربية عامة والخليجية خاصة، حيث استخدمت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، مرارا وتكرارا، قوّتهما الناعمة لإبعاد الرئيس الأسد عن مشغّليه في طهران، حرصا منهما على سوريا ولكن بلا جدوى. كما أن الأردن سينتهي من المعارك الحدودية مع عصابات الكبتاغون المدعومين من النظام السابق في سوريا، وبالأخص عندما كشفت قوات ردع العدوان أطنانا من حبوب الكبتاغون وقامت بإتلافها أمام عدسات الكاميرات في مطار المزّة العسكري.

تجرعت طهران السم في سوريا، وهي اليوم تلطم وتشق الأثواب بصوتٍ عالٍ، ويتبادل قادة الحرس الثوري الاتهامات بخصوص سقوط الأسد وانهيار منظومة حكمه، ومنهم من حمّل المسؤولية لإسماعيل قاآني وطالب بإقالته.

لم تعد طهران اليوم تجد ما تتبجح به عن سيطرتها على أربع عواصم عربية، وغيرها من التصريحات الوقحة والمستفزّة للدول والشعوب العربية وقادتها على حد سواء.

إن خسارة طهران للنظام السوري في دمشق، لا يعني خسارته وحده، بل خسارة الفصائل الفلسطينية التي كانت بجعبته، تلك الفصائل التي كانت تستخدم لمحاربة المشروع الوطني الفلسطيني ونقل القرار الوطني الفلسطيني المستقل إلى دمشق أو طهران وتسليمهم مفاتيح القضية. وكانت تلك الفصائل تستخدم لمهاجمة الدول العربية والعمل على زعزعة استقرارها باستخدام القضية الفلسطينية البريئة من هكذا انزياحات خاطئة.

يوما تلو يوم، تقلّم أظافر طهران وتقص أذرعها في منطقتنا العربية، مؤذنة بمنطقة عربية جديدة، خالية من الكره الطائفي والميليشيات التابعة لطهران ومشروعها الذي انحسر وارتد وبالا عليها. فلا مناص من أن ارتداد ما يحصل في المنطقة، سيهزّ عرش علي خامنئي ويسقطه أرضا.

8