إغلاق مقر قناة عراقية تلقت تهديدات بقتل جميع العاملين فيها

بغداد – أعلنت إدارة قناة “التغيير” الفضائية العراقية، عن إخلاء مقرها في بغداد على خلفية تلقي مديرها تهديدات بقتل العاملين فيها، في ظل غياب الحماية الأمنية لوسائل الإعلام واستهداف الميليشيات المسلحة لكل من يتجرأ على انتقادها دون محاسبة أو عقاب.
وقالت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في بيان، إن مدير قناة التغيير أكرم زنكنة أمر بإخلاء مكتب القناة في بغداد بعد تلقيه رسائل تهديد بقتله وجميع العاملين فيها. بعد تداول مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مفبرك من برنامج الإعلامي نجم الربيعي، يظهر فيه وهو ينتقد أحد الفصائل المسلحة.
ونقلت الجمعية عن العاملين في القناة أن مديرها تلقى التهديدات المباشرة بقتله ونجله والعاملين في القناة، عبر رسائل نصية وصلته على هاتفه الخاص.
ولا يقتصر الأمر على وسائل الإعلام إذ إن رسائل التهديد تصل للصحافيين بشتى الطرق، أبرزها الرسائل النصية التي تصل إلى هواتفهم أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وهي كافية لإعلام الصحافي بالخطر الذي بات يهدد حياته، فيكون حينها أمام خيارين، إما المواجهة مع ما تحمله من مخاطر فيلجأ لاتخاذ بعض التدابير من تغيير المسكن إلى محافظة أخرى أو بالانتقال إلى كردستان العراق أو خارج البلاد، وإما التراجع.
ويقول صحافيون إن هذه الممارسات ازدادت بعد وصول عادل عبدالمهدي إلى رئاسة الحكومة، بتصاعد نفوذ الفصائل المسلحة.

قناة"التغيير" الفضائية العراقية تعلن عن إخلاء مقرها في بغداد على خلفية تهديدات
ويضيفون أن الصحافي في العراق إذا أراد العمل بسلامة عليه الالتزام بعدم تجاوز ثلاثة خطوط حمراء وهي: سلطة الميليشيات وسلطة العشيرة والسلطة الدينية، فالدولة عاجزة أمام هذه السلطات ولن تقدم أي حماية لوسائل الإعلام أو الصحافيين إذا اصطدموا بهذه السلطات.
وعبرت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق عن رفضها “تكرار حالات التهديد والوعيد التي يتعرض لها الصحافيون ومحاولات خنق حرية العمل الصحفي والإعلامي، بذرائع واهية”.
وطالبت رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي كأعلى سلطة في البلاد بتوفير الحماية اللازمة لجميع العاملين في وسائل الإعلام والإسراع في الإيفاء بوعوده التي قطعها لإيقاف كل أشكال التهديد والوعيد وتقويض حرية التعبير والعمل الصحافي. وحملت الكاظمي “مسؤولية السلامة الكاملة لحياة المقدم نجم الربيعي، وجميع العاملين في القناة”.
وأكدت أن “استمرار الإفلات من العقاب هو أبرز أسباب تكرار هذه الحالات، وتواصل صناعة الرعب والخوف في نفوس الصحافيين”.
ويوجد في العراق ما لا يقل عن ستين من الميليشيات المسلحة، وهي مرتبطة إما بجماعات دينية أو بأحزاب سياسية، حيث تعمل بالتوازي مع القوات النظامية وغالباً ما تكون خارج سيطرة الدولة العراقية، والانتشار الواسع للميليشيات يجعل من الصعب تحديد هوية الجهات التي تقف وراء التهديدات.
وتستغل المجموعات المسلحة حالة عدم الاستقرار التي تُصاحب موجة الاحتجاجات لتهاجم الصحافيين الذين ينقلون استياء المواطنين من الأوضاع التي آلت إليها البلاد ويوثقون عمليات تفريق المسيرات بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.
وقالت صابرين النوي، مسؤولة مكتب الشرق الأوسط في منظمة “مراسلون بلا حدود” في تصريحات سابقة “في هذا المناخ الذي يطغى عليه انعدام الأمن بشكل متزايد حيث يتم استهداف وسائل الإعلام على نحو خاص، لا تفي السلطات العراقية بدورها وواجبها المتمثل في حماية الصحافيين”.
وأضافت “يجب بذل كل الجهود الممكنة للحيلولة دون تكرار هذا النوع من الانتهاكات الخطيرة. إذا لم تتحرك الدولة، فإن الصحافيين – الذين يعانون أصلاً في محاولة نقل الأخبار – سيتم إسكاتهم وتكميم أفواههم، كما هو الحال في أسوأ الدكتاتوريات”.