إغاثة إماراتية للصومال ضد كورونا بعيدا عن الاعتبارات السياسية

الدعم الإماراتي للصومال وللعديد من الدول الأفريقية يرسخ الدور الإنساني والتنموي الذي تقوم به الدولة في أنحاء القارّة.
الأربعاء 2020/04/15
رسالة طمأنة وتضامن

أبوظبي- تحرّكت دولة الإمارات العربية المتّحدة لمساعدة الصومال على مواجهة وباء كورونا، بما تتطلبه خطورة الوضع من سرعة، متخطية الاعتبارات السياسية والحسابات المصلحية الحاضرة بقوّة في خلفية تدخّلات أطراف إقليمية في الشأن الصومالي.

وأرسلت الإمارات بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية مساعدات إلى الصومال دعما لقطاعها الطبي في مواجهة الوباء.

وتضمنت شحنة المساعدات التي أرسلت إلى الصومال على متن طائرة شحن إماراتية 27 طنا من مختلف المستلزمات الطبية والوقائية منها 7 أطنان مقدّمة من الإمارات و20 طنا من منظمة الصحّة العالمية مخصّصة جميعها لمساعدة نحو سبعة وعشرين ألفا من العاملين في القطاع الطبي بالصومال.

وقال محمد أحمد عثمان الحمادي سفير الإمارات لدى الصومال إنّ بلاده “تضع على عاتقها مهمة تقديم كل ما في وسعها لتوفير كافة أشكال الدعم لتعزيز الجهود العالمية للحد من انتشار كوفيد-19”. كما ذكّر السفير بأنّ “دولة الإمارات قامت منذ بداية أزمة فايروس كورونا بإرسال شحنات المساعدات الطبية العاجلة إلى عدد من الدول، ودعمت المنظمات الدولية المعنية وهيئاتها المتخصصة، وخاصة منظمة الصحة العالمية لإيصال المعونات الطبية لعدد كبير من الدول المحتاجة إليها”.

27 ألفا من العاملين في القطاع الطبي بالصومال يستفيدون من شحنة مساعدات أرسلتها الإمارات ومنظمة الصحة العالمية

كما نقلت وكالة الأنباء الإماراتية “وام” عن السفير قوله “إنّ القدرات اللوجستية الكبيرة لدى دولة الإمارات المتمثلة في النقل الجوي مكّنتها من نقل المعدات والأجهزة الطبية وتوفير الإمدادات اللاّزمة بشكل عاجل للآلاف من العاملين في القطاع الطبي وتوفير ما يلزمهم لممارسة عملهم في علاج المصابين بالفايروس”.

وكان الصومال بفعل أوضاعه الاستثنائية الناتجة عن عدم استقراره المتواصل منذ عقود، قد حظي بدعم مستمرّ من قبل دولة الإمارات حيث بلغ إجمالي المساعدات الإماراتية له منذ عام 2010 وحتى مارس 2020 ما قيمته 330 مليون دولار استفاد منها أكثر من 1.2 مليون صومالي وتمّ توجيه قسم كبير منها لقطاعات التعليم والصحّة والخدمات الأساسية.

ويرسّخ الدعم الإماراتي للصومال وللعديد من الدول الأفريقية، الدور الإنساني والتنموي الذي تقوم به الإمارات في أنحاء القارّة ومن ضمنها منطقة القرن الأفريقي الاستراتيجية التي تمثّل في المنظور الإماراتي أحد أحزمة الدفاع عن الأمن القومي العربي وحمايته.

ويهدف الدور الإماراتي في أفريقيا لبسط الاستقرار في دول القارّة الواقعة في الجوار العربي، ثم تثبيته بتنشيط عملية التنمية في تلك الدول، ليس فقط عن طريق بذل المساعدات لها، ولكن أيضا عن طريق الدخول في شراكات اقتصادية معها.

محمد أحمد عثمان الحمادي: الإمارات قامت منذ بداية الأزمة بإرسال شحنات المساعدات الطبية العاجلة إلى عدد من الدول
محمد أحمد عثمان الحمادي: الإمارات قامت منذ بداية الأزمة بإرسال شحنات المساعدات الطبية العاجلة إلى عدد من الدول

ويشير مختصّو الشؤون العربية والأفريقية إلى الجهود الاستثنائية للإمارات في مقاومة القرصنة البحرية التي مثّل الصومال خلال العشرية الأولى من الألفية الحالية مركزا ومنطلقا لها، بكلّ ما حملته الظاهرة من مخاطر على الملاحة البحرية والتجارة العالمية في خليج عدن والمحيط الهندي، ويعتبرون ذلك دليلا على الطبيعة الاستراتيجية للمنظور الإماراتي إلى العلاقة مع الصومال بعيدا عن العوامل الجانبية وعملية التشويش على دور الإمارات في الصومال والعديد من البلدان الأفريقية والتي تمارسها كلّ من تركيا وقطر المعروف عنهما دعمهما للحركات المتشدّدة والجماعات الإرهابية، بما في ذلك الناشطة منها على الأراضي الصومالية.

وعلى مدى سنوات ماضية أظهرت دولة الإمارات اهتماما بالغا بمساعدة الصومال البلد العربي الأفريقي الممزق بالحروب الأهلية والأنشطة الإرهابية منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، على الخروج التدريجي من حالة التوتّر واستعادة استقراره وترميم أركان دولته من خلال مساعدات سخية في المجالات الإنسانية والتنموية والأمنية. غير أنّ جهات مشاركة في حكم الصومال بدت في بعض الفترات، واقعة بشكل واضح تحت تأثير أطراف إقليمية معادية للإمارات وتجد في الدور الإماراتي بالصومال خطرا على جهات متشدّدة تدعمها تلك الأطراف نفسها.

ورغم هشاشة الأوضاع الأمنية في الصومال سجّلت دولة الإمارات حضورها هناك من خلال تقديمها مساعدات متنوعة تراوحت بين المساهمة في ترميم البنى التحتية وتوفير المرافق الضرورية وبعث مشاريع صغرى توفر مصادر رزق للسكان. كما شملت المساعدات الإماراتية للصومال الجانب الأمني من خلال تقديم معدّات للأجهزة الأمنية الصومالية.

ويمثّل فصل العوامل الإنسانية عن الاعتبارات السياسية، سمة مميزة لمبادرات الإمارات لمساعدة الدول على مواجهة جائحة كورونا، وهو ما تجسّد بوضوح في عدم استثناء إيران من تلك المساعدات رغم ما بين طهران وأغلب دول الإقليم من خلافات حادّة أدت إلى قطيعة شبه كاملة بين الطرفين.

3