إعادة تموضع ميليشيات إيران في سوريا: خطوة احترازية أم تمهيد لحرب عصابات

الميليشيات الموالية لإيران أخلت مقارها في مدينة البوكمال بمحافظة دير الزور وتتنتشر حاليا في البساتين على ضفة نهر الفرات، بينما أبقت عناصر حراسة على مقارها.
الثلاثاء 2020/01/07
بانتظار أوامر إيران

دمشق – أقدمت الميليشيات الموالية لإيران على إخلاء مقراتها ومواقعها شرق سوريا والتغلغل داخل الأحياء السكنية، على وقع التصعيد الجاري بين واشنطن وطهران بسبب مقتل قائد فيلق القدس الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس في غارة جوية أميركية.

ويقول مراقبون إن خطوة الميليشيات المتمركزة شرق سوريا قد تندرج في سياق الاستعداد لردود فعل انتقامية على مقتل سليماني والمهندس تستهدف القوات الأميركية في ذلك الجزء المحاذي للحدود مع العراق، في ظل حملة تهديد ووعيد يشنها المسؤولون الإيرانيون وآخرهم مستشار المرشد الأعلى علي أكبر ولايتي الذي توعد، الاثنين، بتحويل المنطقة إلى فيتنام جديدة بالنسبة للجنود الأميركيين.

وينتشر المئات من الجنود الأميركيين في محافظات دير الزور والحسكة والرقة وأيضا في منطقة التنف عند المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني، رغم إعلان واشنطن في أكتوبر الماضي عن سحب جزء من قواتها من سوريا.

ويرجح أن تدفع إيران بالميليشيات اللبنانية والعراقية الموالية لها والمتمركزة في شرق سوريا إلى شن حرب عصابات تستهدف القوات الأميركية.

من المستبعد جدا أن يقدم حزب الله على أي خطوة تستهدف الولايات المتحدة أو حلفاءها من لبنان، لأنه يدرك أن هذه الخطوة ستكون انتحارية

وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، الاثنين، أن الميليشيات الموالية لإيران أخلت مقارها في مدينة البوكمال بمحافظة دير الزور. وأضاف المرصد أن الميليشيات تنتشر حاليا في البساتين على ضفة نهر الفرات، بينما أبقت عناصر حراسة على مقارها.

وبدورها أكدت مصادر محلية في دير الزور أن الميليشيات أخلت مواقعها في  البوكمال والميادين وتمركزت في منازل ضمن الأحياء السكنية، متجنبة الاجتماع مع بعضها البعض إلا في حالات الضرورة. في المقابل، عززت القوات الأميركية بدير الزور، من تدابيرها، حيث أقامت حواجز أمنية جديدة، وزادت من أعداد دورياتها.

وفجر الجمعة، قتل قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس “هيئة الحشد الشعبي” أبومهدي المهندس، و8 أشخاص كانوا برفقتهما، إثر قصف جوي أميركي استهدف سيارتين على طريق مطار بغداد.

والأحد، هدد الرئيس دونالد ترامب بقصف 52 “هدفا هاما” لإيران، ردا على تصريحات إيرانية تتوعد باستهداف أي هدف عسكري أميركي في المنطقة.

ويقول متابعون إنه بالرغم من التحذيرات من المرجح على نحو كبير أن تقدم إيران على تنفيذ تهديداتها بالرد على مقتل سليماني بيد أن ذلك سيكون محسوبا لأنه ليس من صالحها السير نحو مواجهة شاملة، ويلفت المتابعون إلى أن طهران قد ترى في الساحة السورية المكان الأمثل لتحقيق هدفها.

وقال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله في خطاب، الأحد، إن “القصاص العادل لاغتيال سليماني هو (من) الوجود العسكري الأميركي في المنطقة: القواعد العسكرية، البوارج العسكرية، وكل جندي في المنطقة”.

ولفت نصرالله إلى أن قاسم سليماني ليس شأنا إيرانيا بحتا، معتبرا أنه “يعني كل محور المقاومة”، في إشارة إلى الحلف الذي يضم عدة ميليشيات وأنظمة في المنطقة، من بينها حزب الله اللبناني، ومجموعات شيعية في العراق واليمن، إضافة إلى النظام السوري. وحذر الأمين العام لحزب الله من أن الانتحاريين “الذين أخرجوا أميركا من منطقتنا في السابق موجودون وأكثر بكثير من السابق”.

ومن المستبعد جدا أن يقدم حزب الله على أي خطوة تستهدف الولايات المتحدة أو حلفاءها من لبنان، لأنه يدرك أن هذه الخطوة ستكون انتحارية، ولكن الحزب قد يعمد مع باقي الميليشيات إلى تكوين خلايا تستهدف الوجود الأميركي في مناطق أخرى ومنها سوريا.

ويملك الحزب اللبناني حضورا مهما في سوريا وخاصة في شرق البلاد، وقد أوكلت للحزب وباقي الميليشيات مهمة إدارة المعركة في محافظة دير الزور الاستراتيجية في العام 2017.

وتأخذ إن الولايات المتحدة بعين الاعتبار إمكانية تعرض قواتها في شرق سوريا لهجمات، وهذا ما دفعها بعد ساعات من اغتيال سليماني إلى إرسال قافلة عسكرية ضخمة إلى تلك المنطقة.

ودخلت تلك القافلة، السبت، إلى الأراضي السورية عبر معبر الوليد الحدودي بين شمال سوريا وإقليم كردستان العراق. وبالتوازي مع ذلك كثفت الولايات المتحدة من طلعاتها الجوية منذ ليل الجمعة، على مناطق شرق سوريا خاصة فوق بادية الميادين بدير الزور.

2